أدب
الأطفال في البلاد العربية
د. عبد اللطيف الصوفي
لم يأخذ أدب الأطفال في البلاد العربية أي اهتمام حتى النصف الثاني من
القرن التاسع عشر، نظرا لما عانته هذه البلاد من تخلف في مختلف جوانب
الحياة، أيام الحكم العثماني، ثم الإستعمار الأجنبي. وقد عرفت قبل ذلك بعض
السير الشعبية مثل: سيرة عنترة بن شداد، وقبلها قصص ألف ليلة وليلة، وكليلة
ودمنة، التي ترجمها ابن المقفع عن الفارسية. وكانت جل هذه القصص موجهة
للكبار وليس للصغار، لما كانت تحمله في طياتها من عنف وقسوة.
وقد بدأت الكتابة في العصر الحديث للأطفال بجهود فردية، هنا وهناك، مع
الشيخ رفاعة الطهطاوي (1801- 1873) الذي أرسله محمد علي باشا في بعثة
تعليمية إلى فرنسة، وعاد إلى مصر ليترجم بعض قصص الأطفال، عن الإنكليزية
والفرنسية. ثم مع الشاعر أحمد شوقي (1868- 1932) الذي أبدع أكثر من خمسين
قصيدة، ومقطعة شعرية، خصصها للأطفال، تحمل في طياتها، توجيهات تربوية غير
مباشرة، على لسان الحيوانات والنباتات، أصبحت في مجملها، مادة مفيدة للكتب
المدرسية.
انتقلت الكتابة للأطفال تدريجياً، من مصر إلى البلاد العربية الأخرى، منها:
لبنان، والعراق، وسورية، وفي الأخيرة منها، لمع أدباء مرموقون، من أمثال
الشاعر سليمان العيسى، وزكريا تامر، وعادل أبو شنب، وغيرهم.
أما في المغرب العربي، فقد كانت تونس، أول من أعطى أدب الأطفال جانباً
مفيداً من الإهتمام والرعاية، وقد أصدرت في أواخر القرن المنصرم، عدداً من
سلاسل الكتب العلمية، والأدبية، الموجهة للأطفال، في مختلف الأعمار، بدعم
من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تلتها الجزائر، حيث وجدت مثل
هذه المؤلفات اهتماماً خاصاً من قبل الشعراء والأدباء والمربين
الجزائريين، أمثال الشاعر محمد العيد آل خليفة، والمؤرخ عبد الرحمن
الجيلاني، والأديب أحمد رضا حوحو، كما حظيت باهتمام خاص، من قبل جمعية
العلماء المسلمين الجزائريين، ومدارسها، غير أنها في مجملها مبادرات فردية،
يشوبها كثير من النقص والعيوب، في المضمون والشكل والطبع، نظراً لإنشغال
ناشريها بالجانب التجاري أكثر من أي شيء آخر.
ويمكن القول بصورة عامة: إن نشر كتاب الطفل في البلاد العربية، برغم هذه
المجهودات وغيرها، وبخاصة منها تلك المبذولة في مصر، ولبنان، وسورية،
وتونس، كان وما يزال ضعيفاً، لا يرقى إلى المستوى المطلوب، كيفاً وكماً،
مضموناً وشكلاً، فهي أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب، إذ "مازال الإنتاج
الذي تصدره البلاد العربية مجتمعة، لا يصل إلى ما تنتجه بعض الدول
الأوروبية منفردة، مثل فرنسة، أو ألمانية، أو السويد، سواء من حيث الكم، أم
النوع".
وتبقى صحافة الأطفال ومجالاتهم في الوطن العربي، أقل بكثير من حاجات أكثر
من مليون طفل عربي، تقل أعمارهم عن خمس عشرة سنة، يحتاجون إلى مزيد من
العناية والرعاية.
المصدر: كتاب فن القراءة
البلاغ
الأطفال في البلاد العربية
د. عبد اللطيف الصوفي
لم يأخذ أدب الأطفال في البلاد العربية أي اهتمام حتى النصف الثاني من
القرن التاسع عشر، نظرا لما عانته هذه البلاد من تخلف في مختلف جوانب
الحياة، أيام الحكم العثماني، ثم الإستعمار الأجنبي. وقد عرفت قبل ذلك بعض
السير الشعبية مثل: سيرة عنترة بن شداد، وقبلها قصص ألف ليلة وليلة، وكليلة
ودمنة، التي ترجمها ابن المقفع عن الفارسية. وكانت جل هذه القصص موجهة
للكبار وليس للصغار، لما كانت تحمله في طياتها من عنف وقسوة.
وقد بدأت الكتابة في العصر الحديث للأطفال بجهود فردية، هنا وهناك، مع
الشيخ رفاعة الطهطاوي (1801- 1873) الذي أرسله محمد علي باشا في بعثة
تعليمية إلى فرنسة، وعاد إلى مصر ليترجم بعض قصص الأطفال، عن الإنكليزية
والفرنسية. ثم مع الشاعر أحمد شوقي (1868- 1932) الذي أبدع أكثر من خمسين
قصيدة، ومقطعة شعرية، خصصها للأطفال، تحمل في طياتها، توجيهات تربوية غير
مباشرة، على لسان الحيوانات والنباتات، أصبحت في مجملها، مادة مفيدة للكتب
المدرسية.
انتقلت الكتابة للأطفال تدريجياً، من مصر إلى البلاد العربية الأخرى، منها:
لبنان، والعراق، وسورية، وفي الأخيرة منها، لمع أدباء مرموقون، من أمثال
الشاعر سليمان العيسى، وزكريا تامر، وعادل أبو شنب، وغيرهم.
أما في المغرب العربي، فقد كانت تونس، أول من أعطى أدب الأطفال جانباً
مفيداً من الإهتمام والرعاية، وقد أصدرت في أواخر القرن المنصرم، عدداً من
سلاسل الكتب العلمية، والأدبية، الموجهة للأطفال، في مختلف الأعمار، بدعم
من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تلتها الجزائر، حيث وجدت مثل
هذه المؤلفات اهتماماً خاصاً من قبل الشعراء والأدباء والمربين
الجزائريين، أمثال الشاعر محمد العيد آل خليفة، والمؤرخ عبد الرحمن
الجيلاني، والأديب أحمد رضا حوحو، كما حظيت باهتمام خاص، من قبل جمعية
العلماء المسلمين الجزائريين، ومدارسها، غير أنها في مجملها مبادرات فردية،
يشوبها كثير من النقص والعيوب، في المضمون والشكل والطبع، نظراً لإنشغال
ناشريها بالجانب التجاري أكثر من أي شيء آخر.
ويمكن القول بصورة عامة: إن نشر كتاب الطفل في البلاد العربية، برغم هذه
المجهودات وغيرها، وبخاصة منها تلك المبذولة في مصر، ولبنان، وسورية،
وتونس، كان وما يزال ضعيفاً، لا يرقى إلى المستوى المطلوب، كيفاً وكماً،
مضموناً وشكلاً، فهي أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب، إذ "مازال الإنتاج
الذي تصدره البلاد العربية مجتمعة، لا يصل إلى ما تنتجه بعض الدول
الأوروبية منفردة، مثل فرنسة، أو ألمانية، أو السويد، سواء من حيث الكم، أم
النوع".
وتبقى صحافة الأطفال ومجالاتهم في الوطن العربي، أقل بكثير من حاجات أكثر
من مليون طفل عربي، تقل أعمارهم عن خمس عشرة سنة، يحتاجون إلى مزيد من
العناية والرعاية.
المصدر: كتاب فن القراءة
البلاغ