بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.
يا أيهاالذين آمنو اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون.
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم.
و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما.
...............
شرح قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ.
إلى قوله: و لا يظلمون شيئاً.
أرجو أن تتكرموا بتفسير قول الحق تبارك و تعالى في سورة مريم،أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
(( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئًا))[مريم:59-60]،رجل كان في شبابه يعمل كثيراً من الكبائر و يترك الصلاة،ثم تاب و اهتدى و أقبل على الصلاة و يستشهد كثيراً بهذه الآية،ما هو قولكم شيخ عبد العزيز؟
جزاكم الله خيراً.
........................
نعم،هذه الآية تدل على عظم جريمة من أضاع الصلاة يقول سبحانه: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) الخلْف بالتسكين هو خلف السوء،يعني الذي يأتي بعد الصالح و هو على غير هدى يقال له خلْف،يعني خلف قومٌ جاءوا بعدهم ليسوا على استقامة بل على إضاعةٍ للصلوات و ركوب للمحارم،و لهذا قال: (وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) يعني المحرمة كالزنا و شرب المسكرات و اللواط و أكل الربا و غير ذلك مما حرم (فَسَوْفَ الله يَلْقَوْنَ غَيًّا) يعني خساراً و دماراً و عاقبة سيئة،و قال بعض المفسرين (غياً): يعني وادي في جهنم خبيثاً طعمه بعيداً قعره نسأل الله العافية،و في كل حال فالذي يضيع الصلوات و يتركها قد أتى منكراً عظيماً،و هو كافر عند جمع من أهل العلم و إن لم يجحد الوجوب،أما إذا جحد الوجوب و قال إنها لا تجب صار كافراً عند الجميع نسأل الله العافية،لكن لو تركها تهاوناً و هو يعلم أنها واجبة عليه لكن تساهل فهذا هو محل الخلاف بين أهل العلم،و الصواب أنه يكفر بذلك لقوله - صلى الله عليه و سلم -: (العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)،و لم يقل إذا جحد الوجوب و قال- صلى الله عليه و سلم -: (بين الرجل و بين الكفر و الشرك و الترك الصلاة) أخرجه مسلم في صحيحه،في أدلة أخرى غير هذين الحديثين،فيجب على كل مؤمن و مؤمنة العناية بالصلاة و المحافظة عليها طاعة لله و تعظيماً لها كما قال سبحانه: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ و الصَّلاَةِ الْوُسْطَى) و قال عز و جل: (وَ أَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَ آتُواْ الزَّكَاةَ وَ ارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ).
كذلك يحذر الشهوات التي حرم الله عليه من سائر المعاصي يجب الحذر منها أينما كان في السفر في الإقامة،في الغيبة و الشهادة في جميع الأحوال،كالزنا و المآكل المحرمة و المشارب المحرمة كالخمر و غيرها مما حرم الله عز و جل لكن متى تاب؛تاب الله عليه،و الكفر أعظم الذنوب إذا تاب صاحبه تاب الله عليه،و لهذا قال سبحانه: (إِلَّا مَن تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحًا) فإذا ندم على ما مضى منه و أقلع،و عزم أن لا يعود و استقام على الصلاة و غيرها مما أوجب الله و على ترك ما حرم الله فله الجنة و الكرامة،كما قال في آية الفرقان سبحانه و تعالى: (وَ الَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَ لَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لَا يَزْنُونَ وَ مَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) فهذا وعيدهم إذا ماتوا على الشرك،أو على قتل النفس بغير حق،أو على الزنا هذا وعيدهم نسأل الله العافية ثم قال: (إِلَّا مَن تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَ كَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)،فإذا تاب من الشرك و القتل و الزنا أبدل الله سيئاته حسنات،و صحت التوبة و أتبعها بالعمل الصالح بدل الله سيئاته حسنات و غفر له سبحانه و تعالى،كما قال الله عز و جل في الآية الأخرى: (وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) و قال سبحانه في آية الزمر: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) سبحانه و تعالى،و المعنى للتائبين أجمع العلماء على أن المراد بالآية التائبون،من تاب تاب الله عليه و غفر له جميع ذنوبه،فالواجب التوبة و البدار بها،و لا يقنط و لا ييئس بل يحسن ظنه بربه و يبادر بالتوبة، و يتبعها بالعمل الصالح،بالصلوات،تطوع،الصدقات،زيارة المريض،الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،الدعوة إلى الله إلى غير هذا من وجوه الخير التي تكون تارة واجبة كالأمر بالمعروف،و تكون تارة مستحبة،فالمقصود أنه يتبع توبته بالأعمال الصالحات من واجب و مستحب،و يحافظ على الصلوات الخمس و يؤدي الزكاة و يصوم رمضان و يحج البيت،و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر،و يدعو إلى الله،و يتعاطى ما يسر الله له من النوافل و غيرها من الطاعات التي أوجبها عليه سبحانه و تعالى،و ذلك من الدلائل على صدق التوبة،كونه يتبعها بالعمل الصالح من الدلائل على صدق التوبة و استقامة صاحبها عليها.
........
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
الموقع الرئيسي للشيخ.
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.
يا أيهاالذين آمنو اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون.
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم.
و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما.
...............
شرح قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ.
إلى قوله: و لا يظلمون شيئاً.
أرجو أن تتكرموا بتفسير قول الحق تبارك و تعالى في سورة مريم،أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
(( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئًا))[مريم:59-60]،رجل كان في شبابه يعمل كثيراً من الكبائر و يترك الصلاة،ثم تاب و اهتدى و أقبل على الصلاة و يستشهد كثيراً بهذه الآية،ما هو قولكم شيخ عبد العزيز؟
جزاكم الله خيراً.
........................
نعم،هذه الآية تدل على عظم جريمة من أضاع الصلاة يقول سبحانه: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) الخلْف بالتسكين هو خلف السوء،يعني الذي يأتي بعد الصالح و هو على غير هدى يقال له خلْف،يعني خلف قومٌ جاءوا بعدهم ليسوا على استقامة بل على إضاعةٍ للصلوات و ركوب للمحارم،و لهذا قال: (وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) يعني المحرمة كالزنا و شرب المسكرات و اللواط و أكل الربا و غير ذلك مما حرم (فَسَوْفَ الله يَلْقَوْنَ غَيًّا) يعني خساراً و دماراً و عاقبة سيئة،و قال بعض المفسرين (غياً): يعني وادي في جهنم خبيثاً طعمه بعيداً قعره نسأل الله العافية،و في كل حال فالذي يضيع الصلوات و يتركها قد أتى منكراً عظيماً،و هو كافر عند جمع من أهل العلم و إن لم يجحد الوجوب،أما إذا جحد الوجوب و قال إنها لا تجب صار كافراً عند الجميع نسأل الله العافية،لكن لو تركها تهاوناً و هو يعلم أنها واجبة عليه لكن تساهل فهذا هو محل الخلاف بين أهل العلم،و الصواب أنه يكفر بذلك لقوله - صلى الله عليه و سلم -: (العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)،و لم يقل إذا جحد الوجوب و قال- صلى الله عليه و سلم -: (بين الرجل و بين الكفر و الشرك و الترك الصلاة) أخرجه مسلم في صحيحه،في أدلة أخرى غير هذين الحديثين،فيجب على كل مؤمن و مؤمنة العناية بالصلاة و المحافظة عليها طاعة لله و تعظيماً لها كما قال سبحانه: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ و الصَّلاَةِ الْوُسْطَى) و قال عز و جل: (وَ أَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَ آتُواْ الزَّكَاةَ وَ ارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ).
كذلك يحذر الشهوات التي حرم الله عليه من سائر المعاصي يجب الحذر منها أينما كان في السفر في الإقامة،في الغيبة و الشهادة في جميع الأحوال،كالزنا و المآكل المحرمة و المشارب المحرمة كالخمر و غيرها مما حرم الله عز و جل لكن متى تاب؛تاب الله عليه،و الكفر أعظم الذنوب إذا تاب صاحبه تاب الله عليه،و لهذا قال سبحانه: (إِلَّا مَن تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحًا) فإذا ندم على ما مضى منه و أقلع،و عزم أن لا يعود و استقام على الصلاة و غيرها مما أوجب الله و على ترك ما حرم الله فله الجنة و الكرامة،كما قال في آية الفرقان سبحانه و تعالى: (وَ الَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَ لَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لَا يَزْنُونَ وَ مَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) فهذا وعيدهم إذا ماتوا على الشرك،أو على قتل النفس بغير حق،أو على الزنا هذا وعيدهم نسأل الله العافية ثم قال: (إِلَّا مَن تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَ كَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)،فإذا تاب من الشرك و القتل و الزنا أبدل الله سيئاته حسنات،و صحت التوبة و أتبعها بالعمل الصالح بدل الله سيئاته حسنات و غفر له سبحانه و تعالى،كما قال الله عز و جل في الآية الأخرى: (وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) و قال سبحانه في آية الزمر: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) سبحانه و تعالى،و المعنى للتائبين أجمع العلماء على أن المراد بالآية التائبون،من تاب تاب الله عليه و غفر له جميع ذنوبه،فالواجب التوبة و البدار بها،و لا يقنط و لا ييئس بل يحسن ظنه بربه و يبادر بالتوبة، و يتبعها بالعمل الصالح،بالصلوات،تطوع،الصدقات،زيارة المريض،الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،الدعوة إلى الله إلى غير هذا من وجوه الخير التي تكون تارة واجبة كالأمر بالمعروف،و تكون تارة مستحبة،فالمقصود أنه يتبع توبته بالأعمال الصالحات من واجب و مستحب،و يحافظ على الصلوات الخمس و يؤدي الزكاة و يصوم رمضان و يحج البيت،و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر،و يدعو إلى الله،و يتعاطى ما يسر الله له من النوافل و غيرها من الطاعات التي أوجبها عليه سبحانه و تعالى،و ذلك من الدلائل على صدق التوبة،كونه يتبعها بالعمل الصالح من الدلائل على صدق التوبة و استقامة صاحبها عليها.
........
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
الموقع الرئيسي للشيخ.