الشعر في الحرب و السّلم..بقلم د. علي عقلة عرسان.
الشعر ربيع الروح..و الروح حياة..و الأمل يجدد نور نفوسنا و دروبنا في الحياة.
......................
الشعر ربيع الروح ما دام في تجدد فهي في تجدد،و الروح حياة جسد و مصدر حيوية أداء و إبداع في الحياة و العطاء،و الجسد أدوات و نزوات و شهوات و مادة قد تشغل الروح و تضعفُها و قد تحكمها الروحُ و تسيطر عليها.
و إذا كان الشعر يغرف من بحر العواطف و مواجع القلوب و مناقع الدم و مجاري الدموع ليكون مع الإنسان في كل شأن،و يبحر في خضم زاخر بإغراء المغامرة و فرص الكشف مستنيراً بنور القلوب و عيون البصائر،فإنه لن يبذر حقلاً و لن يسعد نفساً ما لم يَعُد إلى شاطئ و أرض و خلق بصدق و انتماء،و لن ينعش روحاً ما لم يملأ بخيلاء التخييل درب الأمل الجميل و يزيّن عالم المادة المفعم بالبؤس و القلق و الرَّهق،يزيّنه بشيء من عطاء الروح و تساميها و تألقها و أمانيها و اطمئنانها في أمن من جوع و خوف في حرب و سلم..عطاء ترتاح إليه النفوس و تشرئب منه أعناق الجوارح ليوم جديد تحياه بأمل و فرح متجددين.
الشعر ليس ركام الضباب و الظلام على بقايا الخراب و اليباس في الروح و المادة يفرّخ في عشه البوم و ينتشر منه جناح الغراب،و لا هو العبارة السقيمة و الاستهانة العقيمة بقيم الناس و حياتهم و بمقومات اللغة و أصول الفن الشعري الذي يحمل سمات الأمم في الإبداع و التلقي.
إنه النور منثوراً على الورد في صباح ندي،و العزم مقدوداً من الإرادة و الوعي في قلب فتي،و اقتدار الإنسان الخلاق على التعامل مع أدوات الإبداع بإبداع،لتحقيق متعة و استكْناه خفايا قضية أو عاطفة و شعور،و استنهاض همة لعمل الخير،و تصوير قَطْفة من جمال أو فكر أو خيال،قطفة من ندى و غيم و عطر و شعور تبقى في اليد أو يبقى عطرُها فيها بعد الغياب..إنه نداء الحياة و المحبة يستجيب لـه الإنسان الذي يصنع الحياة و تصنعه الحياة.
الشعر حياة تجدّد فينا الرغبة في الإقبال على الحياة،و يدفعنا في تيار الحب إلى مزيد من الحب،و الشعر سيف و إرادة و زهرة و حلم و نغم في تفاعل انفعال وطني أو بطولي أو عاطفي مع الصدق و الحق و الحرية و البطولة،يتدفق نغماً و أملاً في قلب الإنسان و مجالي البيان على مدى الزمان و المكان؛و إذا ملك الشعر سحراً فهو المعاناة المرة مسكوبة في العذوبة،و إذا خاب لسبب من الأسباب،غاب عن ساحة التأثير و فقد سحر التعبير و أصبح عبئاً على الشعر يزيد أعباء الحياة على النفس التي تجدد بانسكابه نوراً أكسيرَ الحياة في متونها..
...........
الشعر حياة و ربيع الإبداع و ربيع الروح في الحياة.
و الشعراء أذواق و عوالم و مدارس،بينهم من يعيد إليك صوت الصحراء بصفاء و يذكرك بغزل العشاق و الجاهليين العرب و بساطة البدائية و عذوبة ألحانها،و منهم من يرمح في ساحة الحرب برمح و سيف و صاروخ على الكتف،و منهم من يسجل لحظات البؤس البشري و يدعو إلى السلم.
و من الشعراء من يركلك بقدم صناعية من حداثوية ما بعد الحداثة و يشتمك بغلظة ليقول لك إنه شاعر و إنك لا تفهم ما يقول!
و كلهم يشد حباله إلى خيمة الشعر حتى لو قال نثراً جميلاً لا تتوفر فيه مقومات الشعر و قيمه.
الحب في أداء الشعراء له دفء و تعلّق بالدفء و القمر و الخضرة و الوهم،و الغضب القومي في أداء بعضهم لـه شجون و جذور في النفس تأبى اقتلاعاً،و للشعر أحلام و آمال و بقايا يقين ترفض تهافتاً و تآكلاً و ضياعا.
و تقليد البؤس و بؤس التقليد له عند بعضهم حضور يشي بما وصلت إليه ثقافته من تبعية و هزال و اضمحلال في زمن ما من أزمنة التهافت و الغَلَب.
تجد هذا في شعر الصينيين كما تجده في شعر العرب،في شعر الشرق كما لدى شعراء الغرب،و كل شعر تعرّض لتجربة مع الاستعمار و الاحتلال و الغزو الإمبريالي و المقاومة في المضامين،كما تعرض التجربة الحداثة و التحديث و الأصالة التي فهمها فريق من الشعراء على أنها قيود و جمود نادوا بالتخلص منها و لم يروا فيها جذر الشجرة التي تورق و تزهر و تثمر في كل العصور و تتلاقح معها شمس الجديد كل يوم فترتوي منها حتى الثمالة.
إن من الشعراء من يهزون الرماح و يشهرون السيوف و يمتطون صهوات جياد الحرب..صحيح أنهم يحتاجون إلى إذكاء جذوة الإبداع بقبس من نار مجدول مع فيض نور الحرية و الأمن من جوع و خوف، و لكنهم و هم يقرعون أبواب العصر و المستقبل بصلابة و عزم لا يكل و يرتادون عوالم لم تكتشَف بعد،تكون أقدامهم مغروسة في طين الواقع و سحر الماضي مما يصعب الفكاك من تأثيره على من أراد من ذلك فكاكاً.
الشعر ليس كما نريده أو نريد له فزمامه ليس بيد من يودّ لو يمسك زمامه،و لكنه ليس غارقاً في طين الموت و العتمة و الشهوة إلى حدود فقدان الرجاء من انطلاقة متألقة له،و لكن من زجّوه في دوامات الضياع و الإبهام و الإغلاق و التيه و الفوضى و التقليد على مدى عقود من الزمن، ضيّعوا طاقات مبدعة كان يمكن أن تحسِّن الحرث و الزرع في حقله الخصب،و تركوا طاقات أخرى من غير بوصلة تهديها في ليل غفت فيه النجوم و غاب القمر و سهت "ني وا Nu Wa" عن ترقيع السماء التي امتلأت بالخروق.
الشعر موجود،و لكن من الذي يعقد رايته على حربة بندقية المقاومة العادلة و صاري مركب الحرية المبحر في فضاء بلا حدود و إلى أوتاد و جبال حكمة راسخة في الوجود؟!
و من يجعله رفيقاً للصاروخ و الطائرة النفاثة و المركبة الفضائية مثلما كان رفيقاً للسيف و الرمح و الحصان و سفينة الصحراء؟!
و من يجعله سيف الحكمة و قوة العقل و سلامة السلوك و نعمة السلام؟
و من يجعله رافعة الانتماء و الهوية لأمة و قضية،و يدخل به قلب الحدث النابض و قلب الشعب الملتهب بتعبير يجسّد التدبير الحكيم و العدل المنشود و يثري به الحياة!؟
و من الذي ينعش الشعر ذاته باستنباته في مساحات الحب و الخير و الجمال و القيم الإنسانية الرفيعة،و في دماء شهداء الحرية و مبدئية المقاومين المتمسكين بالأرض و الحق و العدل،بالمقدس و التاريخي و الإنساني،و من يحفر خنادقه ليتخذ متاريسه مع المدافعين عن الحقّاني و القيمي و الخُلُقي و العادل،ليجعل للشعر قضية و لهباً و مخلباً و نابا،و خلوداً مجيداً في مدى السلم و الحرية و العيش الكريم؟!
لا أقول بفقد مطلق للسائرين في هذه الطريق،و لكنني أقول بقلة السائرين فيها على الرغم من جلال المبدأ و جمال المنبت و نبل الغاية و كثرة الموحيات و المحرّضات و الموثّبات.
الشعر ربيع الروح،و الروح حياة،و الأمل يجدد نور نفوسنا و دروبنا في الحياة،و "الأمل لـه وجوه باسمة كثيرة." كما يقول الشاعر بيين تشو- لين. "و الشعراء الصينيون كثيراً ما يشبهون استقامة الإنسان و إباءه بعطر زهر البرقوق الذي يصمد بوجه الشتاء القارس".
و كم في الصيف من شتاء أرواح ثلجية الهبوب.
............
و الشعر عواطف و انفعالات و مشاعر و مواقف يقدمها الإبداع في صيغ فنية تحقق مقومات الفن الشعري و قيمه..و هو يختمر في القلب قبل أن يطفر على اللسان،و القلب يسمع و يبصر و يهتدي و يشع بالنور أو بالحب و قد يعميه الحقد و يعشش فيه الشر..
إنه دار تدور فيها الدوائر من كل لون..و إذا كان القلب مهتدياً فإنه يفيض على العقل بالمحبة و الحكمة،و قد تكون الحكمة و يكون التعقل و الحرص على القيم عموداً فقرياً لشعر كثير كما هي الحال في أشعار مشاهير مثل هوميروس و سوفوكليس و زهير بن أبي سلمى و المعري و المتنبي و نظيره الصيني لي باو و طاغور.
في بعض الحالات تفعل اللغة بالشاعر فعل الريح في المركب الشراعي فتزوْبِع الكلام كما تزوبع الموج و تقود الشاعر إلى التهيام في أودية كثيرة تجره إليها شهوةُ الكلام و التفاعلُ مع جماليات و مشهديات ينجذب إليها الخيال أو يغري بها التخييل،فتفتح الباب أمام رؤى مستقبلية يصوغها الشاعر خالية من الحقد و القتل و البؤس.
إنها في وجدان الشاعر و في نسيج الكلام و لكنها قد لا تصل بوضوح و دقة و تأثير إلى من يتبادلون الرصاص عبر المتاريس أو من يصنعون السياسة من مواقع التعاسة الروحية و عمى القلوب،و يخوضون الحرب تجارة بالدم البريء و يجرون الناس إلى الويل نتيجة أطماع أو أحقاد و شهوات و تسلط،أو لتحقيق مصالح و المحافظة عليها أو لإشباع نزوع شرير كامن في تكوينهم النفسي و الروحي و الأيديولوجي،أو لإرواء نزوع إلى الشهرة و دخول التاريخ حتى لو كان ذلك الدخول من باب العار و سباحة في الدم البشري و توغل في الجرائم و الكوارث و الدمار،كما هي الحال مع رئيس فاشل في التفكير و التدبير،لا يعرف للسلام و الحرية و الديمقراطية إلا توظيفاً مصلحياً حيث يستخدمها كما البضائع تماماً و يستثمرها و يعطيها معاني تدر عليه أرباحاً من تجارة بالسلاح و النفط و الدم،إنه يستخدمها ستاراً لغايات و مدخلاً لاستراتيجيات عدوانية كما هي حال الرئيس الأميركي جورج بوش الذي تأخذه العزة بالإثم كلما أوغل في الجريمة و الدم و لا يتوقف عند حدّ و لا يرى إنسانية الإنسان بل يراه بضاعة.
في كثير من الحالات يزين أشخاص قادة و شعراء و غيرهم،يزينون لأقوام حالاً تأتي بها الحرب،و حين يدخلون الحرب يدخلونها على أمل أنها بأيديهم وفق برنامجهم،يوقفونها متى شاءوا و يسيرون بها في الطريق التي يرسمونها،و يرون أنها سوف تكون لمصلحتهم و لن تدوم إلى الحد الذي يجعلهم يستسلمون لمنطقها و يستغرقون فيها،هكذا تزيّن النفس مسارات لذاتها،و النفس أمارة بالسوء،و هكذا يزين قادة و حكام و شعراء لشعوبهم الحرب و يضعون في كفها النصر و مفاتيح السلم عندما يقررون خوضها..و لكن..من يستطيع أن يتحكم بكل شيء،و من يزعم أنه وحده الذي يقرر،لا سيما عندما تتداخل الأمور و تصطرع الإرادات و يصبح الرصاص لغة المتخاصمين و يدخل الميدان أقوياء يتحالفون و يتقاتلون و تأخذهم العزة بالإثم و يغريهم الدم باستنزاف الدم؟.
كل بطولة يرفعها الشعر هي نتيجة حرب أو مقدمة حرب و مقترنة على نحو ما بالقوة و الدم،أي أنها خروج على مقولات السلام و شروطه؟
فهل هذا النوع من الشعر مدان لأنه لم يصنع من العنف و الدم و الموت حريراً ينام عليه الأطفال في عوالم تخيلية يسود فيها العقل و يحكمه الحكماء؟
حين نتأمل في إنتاج شعري كثير في عصور و أماكن متعددة نجد أنه يثير نوازع الخير و الشر،فشعر الهجاء و المديح و الفخر و الذم الذي يشيد بنصر و بطولة و مكرُمة و يذم هزيمة و جبناً و بخلاً في مواجهة أو حرب..يسجل نتائج أفعال و أحداث أكثرها متصل بالحرب و السلم و نتائجهما؟
فالشعر فعال في هذه المجالات و يستثير الأشخاص و الأقوام.
و ما أعرفه من شعر شعراء مثل الأخطل و الفرزدق و جرير في النقائض،و الشعر المرتبط بأيام العرب و حروبها؟
هو فخر و مدح و هجو مرتبط بالحدث و شعر هوميروس في الإلياذة كان سجل أحداث و بطولات مكتوبة بالدم و المعاناة حول طروادة و في مسيرات الغزو؟
أليست هذه الملحمة هي ملحمة الحرب؟
حين يصنع الشعر بطلاً أو يمجد فتكاً و يسجل انتصار قوة بمباركة لتلك القوة أو حين يسوغ القتل و يرفعه إلى مرتبة البطولة فإنه يؤسس لمعايير و قيم و قواعد اجتماعية تجعل الإقبال على القتال رجولة و الفتك بطولة و النصر المضرج بالدم غاية المجد و إكليل الغار.
من صنع مأساة طروادة و معاناة بريام و هيكوبا و بطولة هكتور و أغاممنون و أخيل..أليس الشعر؟ فلولا الكلام لغاب كل شيء في ثنايا غبار التاريخ و للفّه النسيان تماما.
لا يمكنك أن تنظر إلى أرض معركة و مخلفاتها و تبقى مالكاً احتراماً للبشر الذين يتساقون الموت.. و تقف لتسأل: لماذا الحرب،لماذا القتل،لماذا الدمار؟
هل كان فكتور هيغو سعيداً إلى حدود النشوة في قصيدته "واترلو" أمام الجثث و الجرحى و صور الدمار و المعاناة،أم تراه كان يرى الجثث بعين أخرى لا تمت إلى الإنسانية بصلة،و رأى أبطاله و انتصاراتهم فقط و لم ير الإنسان المنتهك؟
و حين تغيب عنك تلك المشاهد التي تسجل البؤس الإنساني و عجز العقل و السياسة عن الرؤية،و تلاحقك الأحداث و الصور و الذكريات و المعاناة التي تجعل إنساناً ينسى عقله و البؤس الذي رآه و المعاناة القاسية التي مر بها و يندفع نحو الحربة و البندقية لينال الحرية،و يتحول إلى كتلة عنف تتدحرج في الشوارع و الحقول سعياً وراء العدالة،حينذاك يحق لك أن تدهش و تسأل لماذا الظلم لماذا القهر لماذا العدوان لماذا انتهاك الحريات و الحرمات و كرامة الإنسان،و لماذا يكون الإنسان على هذه الصورة.؟
لا يمكن تجريد الحرب من دوافع قد تكون صحيحة و صحية فحرب ضد العنصرية و الاحتلال و الإمبريالية و الفاشية لها ما يسوّغها و يدخلها في إطار إحقاق الحق و ترسيخ العدل و المحافظة على السلم، يلجأ إليها الإنسان مضطرا.
و سلم يستتب بالقوة و يخفي ظلماً و قهراً و يرسخ نتائج عدوان ليس سلماً و إنما هو تأسيس لعدم الاستقرار و إثارة لبؤر التوتر و تهيئة النفوس و الظروف لحرب ترفع القهر و تقيم العدل و تصلح ما اختل من أمر السياسة و الناس في الحياة.و كما قال شاعرنا العربي:
ربَّ سِلمٍ جَنَت مِن الشَر ما لَم
تَجنهِ الحَربُ حينَ دارَت رَحاها.
.......................
فسلم الحرب العالمية الأولى مثلاً أسست للحرب العالمية الثانية و سلم المنتصرين ذاك لم يرسخ سلاماً لأنه ليس سلم العادلين،و حين سيطر أولئك المنتصرون على مقاليد الأمور في العالم و رسموا من مواقع القوة خريطته أسسوا لحروب صغيرة و كبيرة باردة و ساخنة ما زالت مستمرة و سوف تستمر.
لن يصنع الشعر يوتوبيا السلام فالصراع سوف يستمر بالنار أو بالكلام.
و كم فجَّر الشعرُ في النفوس أحقاداً و صنع بطولات و كم ألهم أرواحاً هداها فسارت في طريق الخير و دعت للسلم و صنعته.
إن الشعر سجل البطولات،و كل البطولات المتضادة في المواجهات و الحروب عزيزة على فئات من الناس فلا يوجد مقاتل مدان من جميع الناس إلا ما ندر..و النادر لا يشكل قاعدة في التاريخ.
و لا يخلو علم بلد من إشارة إلى الدم و التضحيات: لون أحمر أو نجمة أو نجوم أو ما شابه ذلك. الموت من أجل الحق بطولة و القتل من أجل النصر بطولة و الشعر يخدم الاثنين و يرسخهما.
و على ذلك يمكننا القول إن الأبطال صناعة حرب و صناعة شعر..و من يريد أن يكون بطلاً من أبطال قومه فالطريق إلى البطولة طريق حرب و قوة و دم.
مكروه عندي شعر يشعل الحرب و يؤرث الحقد و يرسخ الكراهية و يثير الضغائن،و أنموذج من ذلك ما يثيره دانتي الليغييري في الكوميديا الإلهية من ضغائن و أحقاد في المسلمين و ضدهم حين يسيء بشعره للرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم.
و مكروه عندي عالم تُكتب فيه مدائح الأبطال بدماء الناس،مكروه شعر يفيض حرارة من دم يتحول كلاما،و مكروه ظلم يجبر الناس على اللجوء إلى العنف و قوة غاشمة تفرض على الناس الخروج لمواجهتها بالسيف.
لا أشك أبداً في قدرة الكلمة،و إذا ما اقترنت الكلمة بصفاء الروح و قوة العقل و سلامة القيم و صحة النفس البشرية فإنها تنتج من القول ما يردع الشر و ينمي الخير و يلجم القوة العمياء و يوقف العنف المدمر.
.................
علي عقلة عرسان
موقع مداد القلم.
الشعر ربيع الروح..و الروح حياة..و الأمل يجدد نور نفوسنا و دروبنا في الحياة.
......................
الشعر ربيع الروح ما دام في تجدد فهي في تجدد،و الروح حياة جسد و مصدر حيوية أداء و إبداع في الحياة و العطاء،و الجسد أدوات و نزوات و شهوات و مادة قد تشغل الروح و تضعفُها و قد تحكمها الروحُ و تسيطر عليها.
و إذا كان الشعر يغرف من بحر العواطف و مواجع القلوب و مناقع الدم و مجاري الدموع ليكون مع الإنسان في كل شأن،و يبحر في خضم زاخر بإغراء المغامرة و فرص الكشف مستنيراً بنور القلوب و عيون البصائر،فإنه لن يبذر حقلاً و لن يسعد نفساً ما لم يَعُد إلى شاطئ و أرض و خلق بصدق و انتماء،و لن ينعش روحاً ما لم يملأ بخيلاء التخييل درب الأمل الجميل و يزيّن عالم المادة المفعم بالبؤس و القلق و الرَّهق،يزيّنه بشيء من عطاء الروح و تساميها و تألقها و أمانيها و اطمئنانها في أمن من جوع و خوف في حرب و سلم..عطاء ترتاح إليه النفوس و تشرئب منه أعناق الجوارح ليوم جديد تحياه بأمل و فرح متجددين.
الشعر ليس ركام الضباب و الظلام على بقايا الخراب و اليباس في الروح و المادة يفرّخ في عشه البوم و ينتشر منه جناح الغراب،و لا هو العبارة السقيمة و الاستهانة العقيمة بقيم الناس و حياتهم و بمقومات اللغة و أصول الفن الشعري الذي يحمل سمات الأمم في الإبداع و التلقي.
إنه النور منثوراً على الورد في صباح ندي،و العزم مقدوداً من الإرادة و الوعي في قلب فتي،و اقتدار الإنسان الخلاق على التعامل مع أدوات الإبداع بإبداع،لتحقيق متعة و استكْناه خفايا قضية أو عاطفة و شعور،و استنهاض همة لعمل الخير،و تصوير قَطْفة من جمال أو فكر أو خيال،قطفة من ندى و غيم و عطر و شعور تبقى في اليد أو يبقى عطرُها فيها بعد الغياب..إنه نداء الحياة و المحبة يستجيب لـه الإنسان الذي يصنع الحياة و تصنعه الحياة.
الشعر حياة تجدّد فينا الرغبة في الإقبال على الحياة،و يدفعنا في تيار الحب إلى مزيد من الحب،و الشعر سيف و إرادة و زهرة و حلم و نغم في تفاعل انفعال وطني أو بطولي أو عاطفي مع الصدق و الحق و الحرية و البطولة،يتدفق نغماً و أملاً في قلب الإنسان و مجالي البيان على مدى الزمان و المكان؛و إذا ملك الشعر سحراً فهو المعاناة المرة مسكوبة في العذوبة،و إذا خاب لسبب من الأسباب،غاب عن ساحة التأثير و فقد سحر التعبير و أصبح عبئاً على الشعر يزيد أعباء الحياة على النفس التي تجدد بانسكابه نوراً أكسيرَ الحياة في متونها..
...........
الشعر حياة و ربيع الإبداع و ربيع الروح في الحياة.
و الشعراء أذواق و عوالم و مدارس،بينهم من يعيد إليك صوت الصحراء بصفاء و يذكرك بغزل العشاق و الجاهليين العرب و بساطة البدائية و عذوبة ألحانها،و منهم من يرمح في ساحة الحرب برمح و سيف و صاروخ على الكتف،و منهم من يسجل لحظات البؤس البشري و يدعو إلى السلم.
و من الشعراء من يركلك بقدم صناعية من حداثوية ما بعد الحداثة و يشتمك بغلظة ليقول لك إنه شاعر و إنك لا تفهم ما يقول!
و كلهم يشد حباله إلى خيمة الشعر حتى لو قال نثراً جميلاً لا تتوفر فيه مقومات الشعر و قيمه.
الحب في أداء الشعراء له دفء و تعلّق بالدفء و القمر و الخضرة و الوهم،و الغضب القومي في أداء بعضهم لـه شجون و جذور في النفس تأبى اقتلاعاً،و للشعر أحلام و آمال و بقايا يقين ترفض تهافتاً و تآكلاً و ضياعا.
و تقليد البؤس و بؤس التقليد له عند بعضهم حضور يشي بما وصلت إليه ثقافته من تبعية و هزال و اضمحلال في زمن ما من أزمنة التهافت و الغَلَب.
تجد هذا في شعر الصينيين كما تجده في شعر العرب،في شعر الشرق كما لدى شعراء الغرب،و كل شعر تعرّض لتجربة مع الاستعمار و الاحتلال و الغزو الإمبريالي و المقاومة في المضامين،كما تعرض التجربة الحداثة و التحديث و الأصالة التي فهمها فريق من الشعراء على أنها قيود و جمود نادوا بالتخلص منها و لم يروا فيها جذر الشجرة التي تورق و تزهر و تثمر في كل العصور و تتلاقح معها شمس الجديد كل يوم فترتوي منها حتى الثمالة.
إن من الشعراء من يهزون الرماح و يشهرون السيوف و يمتطون صهوات جياد الحرب..صحيح أنهم يحتاجون إلى إذكاء جذوة الإبداع بقبس من نار مجدول مع فيض نور الحرية و الأمن من جوع و خوف، و لكنهم و هم يقرعون أبواب العصر و المستقبل بصلابة و عزم لا يكل و يرتادون عوالم لم تكتشَف بعد،تكون أقدامهم مغروسة في طين الواقع و سحر الماضي مما يصعب الفكاك من تأثيره على من أراد من ذلك فكاكاً.
الشعر ليس كما نريده أو نريد له فزمامه ليس بيد من يودّ لو يمسك زمامه،و لكنه ليس غارقاً في طين الموت و العتمة و الشهوة إلى حدود فقدان الرجاء من انطلاقة متألقة له،و لكن من زجّوه في دوامات الضياع و الإبهام و الإغلاق و التيه و الفوضى و التقليد على مدى عقود من الزمن، ضيّعوا طاقات مبدعة كان يمكن أن تحسِّن الحرث و الزرع في حقله الخصب،و تركوا طاقات أخرى من غير بوصلة تهديها في ليل غفت فيه النجوم و غاب القمر و سهت "ني وا Nu Wa" عن ترقيع السماء التي امتلأت بالخروق.
الشعر موجود،و لكن من الذي يعقد رايته على حربة بندقية المقاومة العادلة و صاري مركب الحرية المبحر في فضاء بلا حدود و إلى أوتاد و جبال حكمة راسخة في الوجود؟!
و من يجعله رفيقاً للصاروخ و الطائرة النفاثة و المركبة الفضائية مثلما كان رفيقاً للسيف و الرمح و الحصان و سفينة الصحراء؟!
و من يجعله سيف الحكمة و قوة العقل و سلامة السلوك و نعمة السلام؟
و من يجعله رافعة الانتماء و الهوية لأمة و قضية،و يدخل به قلب الحدث النابض و قلب الشعب الملتهب بتعبير يجسّد التدبير الحكيم و العدل المنشود و يثري به الحياة!؟
و من الذي ينعش الشعر ذاته باستنباته في مساحات الحب و الخير و الجمال و القيم الإنسانية الرفيعة،و في دماء شهداء الحرية و مبدئية المقاومين المتمسكين بالأرض و الحق و العدل،بالمقدس و التاريخي و الإنساني،و من يحفر خنادقه ليتخذ متاريسه مع المدافعين عن الحقّاني و القيمي و الخُلُقي و العادل،ليجعل للشعر قضية و لهباً و مخلباً و نابا،و خلوداً مجيداً في مدى السلم و الحرية و العيش الكريم؟!
لا أقول بفقد مطلق للسائرين في هذه الطريق،و لكنني أقول بقلة السائرين فيها على الرغم من جلال المبدأ و جمال المنبت و نبل الغاية و كثرة الموحيات و المحرّضات و الموثّبات.
الشعر ربيع الروح،و الروح حياة،و الأمل يجدد نور نفوسنا و دروبنا في الحياة،و "الأمل لـه وجوه باسمة كثيرة." كما يقول الشاعر بيين تشو- لين. "و الشعراء الصينيون كثيراً ما يشبهون استقامة الإنسان و إباءه بعطر زهر البرقوق الذي يصمد بوجه الشتاء القارس".
و كم في الصيف من شتاء أرواح ثلجية الهبوب.
............
و الشعر عواطف و انفعالات و مشاعر و مواقف يقدمها الإبداع في صيغ فنية تحقق مقومات الفن الشعري و قيمه..و هو يختمر في القلب قبل أن يطفر على اللسان،و القلب يسمع و يبصر و يهتدي و يشع بالنور أو بالحب و قد يعميه الحقد و يعشش فيه الشر..
إنه دار تدور فيها الدوائر من كل لون..و إذا كان القلب مهتدياً فإنه يفيض على العقل بالمحبة و الحكمة،و قد تكون الحكمة و يكون التعقل و الحرص على القيم عموداً فقرياً لشعر كثير كما هي الحال في أشعار مشاهير مثل هوميروس و سوفوكليس و زهير بن أبي سلمى و المعري و المتنبي و نظيره الصيني لي باو و طاغور.
في بعض الحالات تفعل اللغة بالشاعر فعل الريح في المركب الشراعي فتزوْبِع الكلام كما تزوبع الموج و تقود الشاعر إلى التهيام في أودية كثيرة تجره إليها شهوةُ الكلام و التفاعلُ مع جماليات و مشهديات ينجذب إليها الخيال أو يغري بها التخييل،فتفتح الباب أمام رؤى مستقبلية يصوغها الشاعر خالية من الحقد و القتل و البؤس.
إنها في وجدان الشاعر و في نسيج الكلام و لكنها قد لا تصل بوضوح و دقة و تأثير إلى من يتبادلون الرصاص عبر المتاريس أو من يصنعون السياسة من مواقع التعاسة الروحية و عمى القلوب،و يخوضون الحرب تجارة بالدم البريء و يجرون الناس إلى الويل نتيجة أطماع أو أحقاد و شهوات و تسلط،أو لتحقيق مصالح و المحافظة عليها أو لإشباع نزوع شرير كامن في تكوينهم النفسي و الروحي و الأيديولوجي،أو لإرواء نزوع إلى الشهرة و دخول التاريخ حتى لو كان ذلك الدخول من باب العار و سباحة في الدم البشري و توغل في الجرائم و الكوارث و الدمار،كما هي الحال مع رئيس فاشل في التفكير و التدبير،لا يعرف للسلام و الحرية و الديمقراطية إلا توظيفاً مصلحياً حيث يستخدمها كما البضائع تماماً و يستثمرها و يعطيها معاني تدر عليه أرباحاً من تجارة بالسلاح و النفط و الدم،إنه يستخدمها ستاراً لغايات و مدخلاً لاستراتيجيات عدوانية كما هي حال الرئيس الأميركي جورج بوش الذي تأخذه العزة بالإثم كلما أوغل في الجريمة و الدم و لا يتوقف عند حدّ و لا يرى إنسانية الإنسان بل يراه بضاعة.
في كثير من الحالات يزين أشخاص قادة و شعراء و غيرهم،يزينون لأقوام حالاً تأتي بها الحرب،و حين يدخلون الحرب يدخلونها على أمل أنها بأيديهم وفق برنامجهم،يوقفونها متى شاءوا و يسيرون بها في الطريق التي يرسمونها،و يرون أنها سوف تكون لمصلحتهم و لن تدوم إلى الحد الذي يجعلهم يستسلمون لمنطقها و يستغرقون فيها،هكذا تزيّن النفس مسارات لذاتها،و النفس أمارة بالسوء،و هكذا يزين قادة و حكام و شعراء لشعوبهم الحرب و يضعون في كفها النصر و مفاتيح السلم عندما يقررون خوضها..و لكن..من يستطيع أن يتحكم بكل شيء،و من يزعم أنه وحده الذي يقرر،لا سيما عندما تتداخل الأمور و تصطرع الإرادات و يصبح الرصاص لغة المتخاصمين و يدخل الميدان أقوياء يتحالفون و يتقاتلون و تأخذهم العزة بالإثم و يغريهم الدم باستنزاف الدم؟.
كل بطولة يرفعها الشعر هي نتيجة حرب أو مقدمة حرب و مقترنة على نحو ما بالقوة و الدم،أي أنها خروج على مقولات السلام و شروطه؟
فهل هذا النوع من الشعر مدان لأنه لم يصنع من العنف و الدم و الموت حريراً ينام عليه الأطفال في عوالم تخيلية يسود فيها العقل و يحكمه الحكماء؟
حين نتأمل في إنتاج شعري كثير في عصور و أماكن متعددة نجد أنه يثير نوازع الخير و الشر،فشعر الهجاء و المديح و الفخر و الذم الذي يشيد بنصر و بطولة و مكرُمة و يذم هزيمة و جبناً و بخلاً في مواجهة أو حرب..يسجل نتائج أفعال و أحداث أكثرها متصل بالحرب و السلم و نتائجهما؟
فالشعر فعال في هذه المجالات و يستثير الأشخاص و الأقوام.
و ما أعرفه من شعر شعراء مثل الأخطل و الفرزدق و جرير في النقائض،و الشعر المرتبط بأيام العرب و حروبها؟
هو فخر و مدح و هجو مرتبط بالحدث و شعر هوميروس في الإلياذة كان سجل أحداث و بطولات مكتوبة بالدم و المعاناة حول طروادة و في مسيرات الغزو؟
أليست هذه الملحمة هي ملحمة الحرب؟
حين يصنع الشعر بطلاً أو يمجد فتكاً و يسجل انتصار قوة بمباركة لتلك القوة أو حين يسوغ القتل و يرفعه إلى مرتبة البطولة فإنه يؤسس لمعايير و قيم و قواعد اجتماعية تجعل الإقبال على القتال رجولة و الفتك بطولة و النصر المضرج بالدم غاية المجد و إكليل الغار.
من صنع مأساة طروادة و معاناة بريام و هيكوبا و بطولة هكتور و أغاممنون و أخيل..أليس الشعر؟ فلولا الكلام لغاب كل شيء في ثنايا غبار التاريخ و للفّه النسيان تماما.
لا يمكنك أن تنظر إلى أرض معركة و مخلفاتها و تبقى مالكاً احتراماً للبشر الذين يتساقون الموت.. و تقف لتسأل: لماذا الحرب،لماذا القتل،لماذا الدمار؟
هل كان فكتور هيغو سعيداً إلى حدود النشوة في قصيدته "واترلو" أمام الجثث و الجرحى و صور الدمار و المعاناة،أم تراه كان يرى الجثث بعين أخرى لا تمت إلى الإنسانية بصلة،و رأى أبطاله و انتصاراتهم فقط و لم ير الإنسان المنتهك؟
و حين تغيب عنك تلك المشاهد التي تسجل البؤس الإنساني و عجز العقل و السياسة عن الرؤية،و تلاحقك الأحداث و الصور و الذكريات و المعاناة التي تجعل إنساناً ينسى عقله و البؤس الذي رآه و المعاناة القاسية التي مر بها و يندفع نحو الحربة و البندقية لينال الحرية،و يتحول إلى كتلة عنف تتدحرج في الشوارع و الحقول سعياً وراء العدالة،حينذاك يحق لك أن تدهش و تسأل لماذا الظلم لماذا القهر لماذا العدوان لماذا انتهاك الحريات و الحرمات و كرامة الإنسان،و لماذا يكون الإنسان على هذه الصورة.؟
لا يمكن تجريد الحرب من دوافع قد تكون صحيحة و صحية فحرب ضد العنصرية و الاحتلال و الإمبريالية و الفاشية لها ما يسوّغها و يدخلها في إطار إحقاق الحق و ترسيخ العدل و المحافظة على السلم، يلجأ إليها الإنسان مضطرا.
و سلم يستتب بالقوة و يخفي ظلماً و قهراً و يرسخ نتائج عدوان ليس سلماً و إنما هو تأسيس لعدم الاستقرار و إثارة لبؤر التوتر و تهيئة النفوس و الظروف لحرب ترفع القهر و تقيم العدل و تصلح ما اختل من أمر السياسة و الناس في الحياة.و كما قال شاعرنا العربي:
ربَّ سِلمٍ جَنَت مِن الشَر ما لَم
تَجنهِ الحَربُ حينَ دارَت رَحاها.
.......................
فسلم الحرب العالمية الأولى مثلاً أسست للحرب العالمية الثانية و سلم المنتصرين ذاك لم يرسخ سلاماً لأنه ليس سلم العادلين،و حين سيطر أولئك المنتصرون على مقاليد الأمور في العالم و رسموا من مواقع القوة خريطته أسسوا لحروب صغيرة و كبيرة باردة و ساخنة ما زالت مستمرة و سوف تستمر.
لن يصنع الشعر يوتوبيا السلام فالصراع سوف يستمر بالنار أو بالكلام.
و كم فجَّر الشعرُ في النفوس أحقاداً و صنع بطولات و كم ألهم أرواحاً هداها فسارت في طريق الخير و دعت للسلم و صنعته.
إن الشعر سجل البطولات،و كل البطولات المتضادة في المواجهات و الحروب عزيزة على فئات من الناس فلا يوجد مقاتل مدان من جميع الناس إلا ما ندر..و النادر لا يشكل قاعدة في التاريخ.
و لا يخلو علم بلد من إشارة إلى الدم و التضحيات: لون أحمر أو نجمة أو نجوم أو ما شابه ذلك. الموت من أجل الحق بطولة و القتل من أجل النصر بطولة و الشعر يخدم الاثنين و يرسخهما.
و على ذلك يمكننا القول إن الأبطال صناعة حرب و صناعة شعر..و من يريد أن يكون بطلاً من أبطال قومه فالطريق إلى البطولة طريق حرب و قوة و دم.
مكروه عندي شعر يشعل الحرب و يؤرث الحقد و يرسخ الكراهية و يثير الضغائن،و أنموذج من ذلك ما يثيره دانتي الليغييري في الكوميديا الإلهية من ضغائن و أحقاد في المسلمين و ضدهم حين يسيء بشعره للرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم.
و مكروه عندي عالم تُكتب فيه مدائح الأبطال بدماء الناس،مكروه شعر يفيض حرارة من دم يتحول كلاما،و مكروه ظلم يجبر الناس على اللجوء إلى العنف و قوة غاشمة تفرض على الناس الخروج لمواجهتها بالسيف.
لا أشك أبداً في قدرة الكلمة،و إذا ما اقترنت الكلمة بصفاء الروح و قوة العقل و سلامة القيم و صحة النفس البشرية فإنها تنتج من القول ما يردع الشر و ينمي الخير و يلجم القوة العمياء و يوقف العنف المدمر.
.................
علي عقلة عرسان
موقع مداد القلم.