امريكا او ايران: العراق بين ضَرّتين.
شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 4 آذار/2008
...........
"احتلال أمريكي تدخل إيراني" هذا ما يتردد بين الضرتين أمريكا وإيران منذ أن تم دخول القوات الامريكية الى العراق والذي تنبأ الجانب الايراني له بأن العراق سيصبح مستنقعا للأمريكان، ومع تبادل التهم يدور الغزل بين الدولتين المتصارعتين في الحصول على أكبر نفوذ ممكن في العراق، إذ أن إيران التي عارضت دخول القوات الامريكية الى العراق ومنذ أن أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها في الاجتياح، تضع اليوم يدها بيد الحكومة العراقية التي تشكلت في أعقاب إحتلال العراق والتي بارك قيامها البيت الابيض في الوقت الذي عارضت فيه معظم الدول العربية تلك الحكومة ولم تعترف بشرعيتها بدليل لم تشهد بغداد أية زيارة لرئيس دولة عربية الى الآن.
فلو تركنا الدول العربية جانباً والمبررات التي تسوقها في عدم مبادلة بغداد الزيارات الرسمية أو التمثيل الدبلوماسي، وسلطنا الضوء على ما يمكن أن تحلمه الزيارة التأريخية للرئيس الإيراني الى بغداد، لوجدنا أن لتلك الزيارة أهمية كبيرة في مستقبل العلاقات العراقية الإيرانية، فما شهدته ثمانينات القرن المنصرم من حرب بين البلدين الجارين وما جرته تلك الحرب من ويلات على الشعبين الجارين المسلمين نتيجة لسياسات معينة لا نريد التحدث عنها، نجد أنها خلفت ورائها جروح لابد من معالجتها، وهي بطبيعة الحال لا يمكن أن تداوى بالشعارات والكلام فقط، بل لابد من وجود خطوات حقيقية وعملية من كلا الطرفين لبلسمة تلك الجروح وإزالت آثار الحرب.
لأن الشعب العراقي يريد العيش بسلام مع جميع الشعوب، وكذلك هو الحال بالنسبة الى الشعب الإيراني، فالسنين الماضية التي كان طابعها القتال والتناحر مع بلدان العالم ودول الجوار لم تخلف للعراقين سوى الدمار والتخلف والفقر، وبالطبع فإن الإيرانيين لا يفكرون بإعادة تلك التجربة المريرة. حيث يرى الشعب العراقي من الضروري الإنفتاح على الشعب الإيراني، وليس من المعقول أن يقوم العراقيون بالانفتاح والتحاور مع رومانيا –على سبيل المثال- البعيدة عنهم بكل المقاييس ولا يقومون بالانفتاح والتحاور مع الايرانين الذين تربطهم بها صلة الجوار والدين المشترك والمصالح المتبادلة، وهو تحصيل حاصل لرغبة موجودة لدى العراقيين بإقامة علاقات حسن الجوار مع جميع الدول المجاورة لهم، قائمة على أساس الاحترام المتبادل للسيادة وعدم التدخل بشؤون الآخر.
و من الضروري أن تحذو تركيا وسوريا والسعودية وغيرها من دول الجوار حذو إيران للوقوف الى جانب الشعب الذي عانى ولا زال يعاني من تركة الانظمة المستبدة التي تسلطت عليه.
فما هو دور الولايات المتحدة تجاه الخطوة الايرانية التي من شأنها تعزيز العلاقات العراقية الإيرانية والنهوض بها الى أعلى المستويات والتي من شأنها أن تسفر عن إتفاقيات سياسية وإقتصادية أو حتى عسكرية بين الجانبين العراقي والإيراني؟
و هل تقف الولايات المتحدة موقف المتفرج على تلك الخطوة التي إمتدت من طهران الى قلب بغداد بعد كل تلك التضحيات التي قدمتها الولايات المتحدة للوصول الى آبار النفط والموقع الاستراتيجي؟
إن الايدي التي شدها أحمدي نجاد من خلال مصافحته المسؤولين العراقيين أثناء زيارته لبغداد هي نفسها التي شدها الرئيس بوش ولأكثر من مرة، فإيران تعتبر نفسها راعية المعارضة العراقية أثناء فترة تربع نظام البعث البائد على رأس السلطة في العراق آنذاك، والولايات المتحدة تعتبر نفسها هي التي جاءت بتلك المعارضة والوصول بها الى رأس السلطة، فمن غير المعقول أن تترك العراق (لقمة سائغة) بحسب نظرها لإلتهامه من قبل إيران، الأمر الذي يستوجب أن يصل الشريكان الى حلول توافقية فيما بينهما دون التعرض أو المساس بالثوابت والمصالح الوطنية العراقية، لأنه ليس من السهل أن يترك أحدهما مكانه للآخر وهذه التوافقات نأمل أن لا تكون على حساب السيادة العراقية ومستقبل العراق الأمني والإقتصادي، كما أسلفنا.
.........
فما هو الحل؟
بالطبع أن الجانب العراقي لا يستطيع التخلي عن علاقاته مع كلا الطرفين بما لهما من تأثير كبير وملموس على كافة الصعد في العراق، إلا أنه يجب على الإيرانين والامريكيين أن يدركا تماماً أن لغة تبادل التهم بينهما لا تعود على العراقيين بالنفع أو الفائدة، وكلما كانت الساحة العراقية هي موضوع الصراع بينهما كلما كان الوضع العراقي يزداد سوءً، وهذا ما يرفضه الشعب العراقي وما يجب أن يكون بحسابات الساسة العراقيين.
وبذلك، فإننا نرى إن الحل يكمن في:
1- أن يعمل الطرفان على إحترام إستقلال وسيادة العراق، وإحترام رغبة الشعب العراقي بالدرجة الاولى في تحديد هوية القادة الذين يحكمون العراق دون القيام بتبني جهة سياسية معينة من قبل أحد الاطراف وقيام الطرف الآخر بتبني جهة أخرى للوصول بها الى السلطة على حساب الرأي الشعبي.
2- أن يعمل الطرفان وكبادرة على حسن النوايا ببذل المزيد من الجهود لتحسين الوضع الامني ومحاربة المنظمات الارهابية الموجودة في العراق والكف عن تصفية الحسابات على الارض العراقية.
3- المساهمة الفعلية من الجانب الإيراني والامريكي في إعادة إعمار العراق وإعادة بناه التحتية، خصوصاً وإننا نلاحظ إن عدد كبير من الشركات الامريكية والايرانية ترغب بالدخول الى العراق والمساهمة في إعادة إعماره.
4- العمل على تطوير الاقتصاد العراقي، وبالذات القطاع النفطي ومنع عمليات التهريب والتخريب في هذا القطاع الحيوي والمهم في إقتصاد العراق.
5- جعل العراق حلقة الوصل بين الجانبين وأن يكون نقطة التحول بالعلاقات الامريكية الايرانية نحو حوار بناء يشيع مفاهيم التعايش والسلم الدولي بدلاً من أن يكون منطقة صراع تهدد امن المنطقة والعالم.
فإذا ما عمل الجانبان على هذا النحو فيكونان مرحب بهما من قبل الشعب العراقي الذي ينشد الامن والسلام والذي أنهكته الحروب التي زُج فيها نيابة عن الآخرين، ونحن إذ نراقب تلك التحركات على الساحة العراقية بكل حذر إلا إننا سوف نصدر الأحكام المتعلقة بنوايا الطرفين من خلال أفعالهما تجاه مصلحة العراق الذي يتطلع أبنائه الى مستقبل أفضل خال من العنف ويسوده السلام.
..........
* مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث.
http://shrsc.com
شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 4 آذار/2008
...........
"احتلال أمريكي تدخل إيراني" هذا ما يتردد بين الضرتين أمريكا وإيران منذ أن تم دخول القوات الامريكية الى العراق والذي تنبأ الجانب الايراني له بأن العراق سيصبح مستنقعا للأمريكان، ومع تبادل التهم يدور الغزل بين الدولتين المتصارعتين في الحصول على أكبر نفوذ ممكن في العراق، إذ أن إيران التي عارضت دخول القوات الامريكية الى العراق ومنذ أن أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها في الاجتياح، تضع اليوم يدها بيد الحكومة العراقية التي تشكلت في أعقاب إحتلال العراق والتي بارك قيامها البيت الابيض في الوقت الذي عارضت فيه معظم الدول العربية تلك الحكومة ولم تعترف بشرعيتها بدليل لم تشهد بغداد أية زيارة لرئيس دولة عربية الى الآن.
فلو تركنا الدول العربية جانباً والمبررات التي تسوقها في عدم مبادلة بغداد الزيارات الرسمية أو التمثيل الدبلوماسي، وسلطنا الضوء على ما يمكن أن تحلمه الزيارة التأريخية للرئيس الإيراني الى بغداد، لوجدنا أن لتلك الزيارة أهمية كبيرة في مستقبل العلاقات العراقية الإيرانية، فما شهدته ثمانينات القرن المنصرم من حرب بين البلدين الجارين وما جرته تلك الحرب من ويلات على الشعبين الجارين المسلمين نتيجة لسياسات معينة لا نريد التحدث عنها، نجد أنها خلفت ورائها جروح لابد من معالجتها، وهي بطبيعة الحال لا يمكن أن تداوى بالشعارات والكلام فقط، بل لابد من وجود خطوات حقيقية وعملية من كلا الطرفين لبلسمة تلك الجروح وإزالت آثار الحرب.
لأن الشعب العراقي يريد العيش بسلام مع جميع الشعوب، وكذلك هو الحال بالنسبة الى الشعب الإيراني، فالسنين الماضية التي كان طابعها القتال والتناحر مع بلدان العالم ودول الجوار لم تخلف للعراقين سوى الدمار والتخلف والفقر، وبالطبع فإن الإيرانيين لا يفكرون بإعادة تلك التجربة المريرة. حيث يرى الشعب العراقي من الضروري الإنفتاح على الشعب الإيراني، وليس من المعقول أن يقوم العراقيون بالانفتاح والتحاور مع رومانيا –على سبيل المثال- البعيدة عنهم بكل المقاييس ولا يقومون بالانفتاح والتحاور مع الايرانين الذين تربطهم بها صلة الجوار والدين المشترك والمصالح المتبادلة، وهو تحصيل حاصل لرغبة موجودة لدى العراقيين بإقامة علاقات حسن الجوار مع جميع الدول المجاورة لهم، قائمة على أساس الاحترام المتبادل للسيادة وعدم التدخل بشؤون الآخر.
و من الضروري أن تحذو تركيا وسوريا والسعودية وغيرها من دول الجوار حذو إيران للوقوف الى جانب الشعب الذي عانى ولا زال يعاني من تركة الانظمة المستبدة التي تسلطت عليه.
فما هو دور الولايات المتحدة تجاه الخطوة الايرانية التي من شأنها تعزيز العلاقات العراقية الإيرانية والنهوض بها الى أعلى المستويات والتي من شأنها أن تسفر عن إتفاقيات سياسية وإقتصادية أو حتى عسكرية بين الجانبين العراقي والإيراني؟
و هل تقف الولايات المتحدة موقف المتفرج على تلك الخطوة التي إمتدت من طهران الى قلب بغداد بعد كل تلك التضحيات التي قدمتها الولايات المتحدة للوصول الى آبار النفط والموقع الاستراتيجي؟
إن الايدي التي شدها أحمدي نجاد من خلال مصافحته المسؤولين العراقيين أثناء زيارته لبغداد هي نفسها التي شدها الرئيس بوش ولأكثر من مرة، فإيران تعتبر نفسها راعية المعارضة العراقية أثناء فترة تربع نظام البعث البائد على رأس السلطة في العراق آنذاك، والولايات المتحدة تعتبر نفسها هي التي جاءت بتلك المعارضة والوصول بها الى رأس السلطة، فمن غير المعقول أن تترك العراق (لقمة سائغة) بحسب نظرها لإلتهامه من قبل إيران، الأمر الذي يستوجب أن يصل الشريكان الى حلول توافقية فيما بينهما دون التعرض أو المساس بالثوابت والمصالح الوطنية العراقية، لأنه ليس من السهل أن يترك أحدهما مكانه للآخر وهذه التوافقات نأمل أن لا تكون على حساب السيادة العراقية ومستقبل العراق الأمني والإقتصادي، كما أسلفنا.
.........
فما هو الحل؟
بالطبع أن الجانب العراقي لا يستطيع التخلي عن علاقاته مع كلا الطرفين بما لهما من تأثير كبير وملموس على كافة الصعد في العراق، إلا أنه يجب على الإيرانين والامريكيين أن يدركا تماماً أن لغة تبادل التهم بينهما لا تعود على العراقيين بالنفع أو الفائدة، وكلما كانت الساحة العراقية هي موضوع الصراع بينهما كلما كان الوضع العراقي يزداد سوءً، وهذا ما يرفضه الشعب العراقي وما يجب أن يكون بحسابات الساسة العراقيين.
وبذلك، فإننا نرى إن الحل يكمن في:
1- أن يعمل الطرفان على إحترام إستقلال وسيادة العراق، وإحترام رغبة الشعب العراقي بالدرجة الاولى في تحديد هوية القادة الذين يحكمون العراق دون القيام بتبني جهة سياسية معينة من قبل أحد الاطراف وقيام الطرف الآخر بتبني جهة أخرى للوصول بها الى السلطة على حساب الرأي الشعبي.
2- أن يعمل الطرفان وكبادرة على حسن النوايا ببذل المزيد من الجهود لتحسين الوضع الامني ومحاربة المنظمات الارهابية الموجودة في العراق والكف عن تصفية الحسابات على الارض العراقية.
3- المساهمة الفعلية من الجانب الإيراني والامريكي في إعادة إعمار العراق وإعادة بناه التحتية، خصوصاً وإننا نلاحظ إن عدد كبير من الشركات الامريكية والايرانية ترغب بالدخول الى العراق والمساهمة في إعادة إعماره.
4- العمل على تطوير الاقتصاد العراقي، وبالذات القطاع النفطي ومنع عمليات التهريب والتخريب في هذا القطاع الحيوي والمهم في إقتصاد العراق.
5- جعل العراق حلقة الوصل بين الجانبين وأن يكون نقطة التحول بالعلاقات الامريكية الايرانية نحو حوار بناء يشيع مفاهيم التعايش والسلم الدولي بدلاً من أن يكون منطقة صراع تهدد امن المنطقة والعالم.
فإذا ما عمل الجانبان على هذا النحو فيكونان مرحب بهما من قبل الشعب العراقي الذي ينشد الامن والسلام والذي أنهكته الحروب التي زُج فيها نيابة عن الآخرين، ونحن إذ نراقب تلك التحركات على الساحة العراقية بكل حذر إلا إننا سوف نصدر الأحكام المتعلقة بنوايا الطرفين من خلال أفعالهما تجاه مصلحة العراق الذي يتطلع أبنائه الى مستقبل أفضل خال من العنف ويسوده السلام.
..........
* مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث.
http://shrsc.com