تحديات جديدة تواجه استراتيجيات الحرب على القاعدة في شمال افريقيا.
............
شكلت عملية "عين أميناس" فرصة لاختبار قوة الجزائر في الحرب على الإرهاب.
غير أنها أظهرت،كما ينبه خبراء،نقاط ضعف،منها ما هو مرتبط بالوضع الداخلي في الجزائر،و منها ما هو مرتبط بأوضاع الدول المجاورة كمالي.
........
كان الإرهابيون في أتم الاستعداد،فلم تكن معهم فقط الأسلحة الثقيلة،و لكن كانت لديهم خريطة لمنشأة إنتاج الغاز في عين أميناس في شرق الجزائر.
لقد قاموا بالتجسس على الموقع بتفصيل بواسطة عملائهم،الذين يعملون هناك.
في البداية كانت هناك رغبة في التفاوض مع محتجزي الرهائن،حسب ما قال رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال،غير أن مطالب الإرهابيين كان من المستحيل تلبيتها.
لذلك تم التوصل إلى قرار الهجوم بالرغم من كبر المنشأة التي تبلغ مساحتها أكثر من أربعة هكتارات،أما حقل الغاز نفسه فتبلغ مساحته عشرة هكتارات.
....
تحرير محفوف بالمخاطر.
عملية تحرير الرهائن كانت عملية في منتهى الخطورة،حيث أنه في النهاية قتل 37 رهينة على الأقل.
كما كان هناك تخوف من وجود المزيد من الضحايا،فبعض الجثث لم يتم التعرف عليها بعد.
كما قتل في العملية 32 إرهابيا،أما البقية فتم إلقاء القبض عليهم.
و قد اعتبر عبد المالك سلال هذه العلمية" إشارة واضحة".
كما قال رئيس الوزراء "إن الجزائر أتبثت قدرتها العالية في إطار الحرب على الإرهاب،بقيامها بهذه العملية.لقد اعترفت كل الدول بهذه القدرة و بتعامل الجزائر مع أزمة الرهائن."
بيد أن عواصم غربية انتقدت طريقة إدارة السلطات الجزائرية لأزمة الرهائن،بالنظر لكلفتها البشرية الفادحة.
و وجهت انتقادات للعملية بصفة خاصة من اليابان و النرويج و بريطانيا،و هي بلدان يعمل أعداد كبيرة من مواطنيها في مجال الغاز.
و قد استدعت وزارة الخارجية اليابانية السفير الجزائري اعتراضا على الغارة و أعربت عن "أسفها العميق".
من جانبه،قال وزير الخارجية النرويجي اسبن بارث ايدي إن أوسلو "كانت تود لو تم إطلاعها مسبقا على العملية"،مرددا مضمون ما قاله متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ذكر ان بريطانيا "كانت تفضل أن يتم التشاور معها مسبقا".
و في وقت لاحق من نهاية العملية تفادت واشنطن و باريس توجيه انتقاد للجزائر،و اكتفت بإعلان نيتها تقديم مساعدات للجزائر في مجال مكافحة الارهاب.
قوات الأمن الجزائرية كانت مستعدة تمام الاستعداد للقيام بهذه العملية،فقوات الأمن الجزائري لها تاريخ طويل مع الإرهابيين و هذا النوع من العمليات.
يقول ويليام لورانس الخبير في شؤون الشرق الأوسط من بيت الحكمة " المجموعة الدولية للأزمات" في حديث له مع DW: "لقد بقيت قوات الأمن الجزائرية المتخصصة في الإرهاب حتى بعد الحرب الأهلية التي شهدتها سنوات التسعينات."
و يضيف الخبير:"صحيح أن الجزائر أعلنت في 2002 نهاية العشرية السوداء،غير أن المتورطين في ذلك الماضي الأسود مازالوا موجودين." صحيح لقد خف الخطر و "لكنهم لم يختفوا من الوجود."
........
تراجع إلى منطقة الساحل.
لكن هناك شيء تغير حسب ما صرح به رشد أوعيسى الخبير السياسي من جامعة ماربورغ في حوار له مع DW: " الحرب على الإرهاب أدت إلى خلو شمال البلاد تقريبا من الإرهابيين."
و يضيف:" غير أن هذا أدى إلى نزوح الإرهابيين باتجاه الجنوب،في منطقة الساحل غير المستقرة،حيث استأنفوا نشاطهم هناك."
و يتابع أوعيسى:" يصعب التحكم في هذه المنطقة،بل صار الأمر أكثر صعوبة بعد سقوط نظام القذافي في البلد الجار ليبيا."
و يضيف الخبير السياسي:"هذا بالإضافة إلى التدهور الذي تشهده مالي منذ عشر سنوات."
لقد وجد الإرهابيون في الشريط الحدودي بين الجزائر و مالي،منطقة مثالية للإنكفاء فيها،كما يقول ويليام لورانس الخبير في شؤون الشرق الأوسط،حيث يشعر الإرهابيون بالأمان في منطقة الصحراء "يتحركون بسرعة في آلاف الكيلومترات.و الحدود لا تلعب أي دور في الحد من تحركاتهم."
أما ما يشكل للإرهابيين ميزة،فهو أن دولة مالي لا تسيطر بشكل جيد على تلك المنطقة.
"و بالتالي يستغل الإرهابيون نقاط الضعف للقيام بعملياتهم: يهربون المخدرات،و الأسلحة،و الناس أيضا.كما يقومون بعمليات اختطافات."
إضافة إلى ذلك يقومون باستغلال المشاكل السياسية و الاجتماعية التي تتخبط فيها مالي للتوغل في البلاد و الحصول على المزيد من الأتباع.
.....
خطط تخريبية في شمال افريقيا.
لكن ليست الأعمال الإجرامية هي الشغل الشاغل للإسلاميين كما يوضح رشيد اوعيسى.
فبعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 أصبح للإرهاب بعد آخر.
حيث أنه يعمل على التأثير على ميزان قوى الدول المجاورة لأوروبا.
" بداية استهدفوا المنطقة التي كان يطلق عليها في السابق "العالم الثالث" ثم وضعوا الشرق الأوسط نصب أعينهم و الآن هم يذهبون بعيدا و يتوجهون نحو أفريقيا."
ما يساعدهم على ذلك هو أن هذه البلدان التي كانت مستعمرة و حصلت على استقلالها تتغير فيها الأنظمة السابقة و يظهر فيها نظام جديد تتفكك من خلاله هذه البلدان.
كما يظهر فاعلون جدد يُعقدون الوضع السياسي أكثر.لم يعد الأمر يتعلق بالدكتاتوريين في مالي و لكن مع فاعلين جدد أيضا."
.........
استراتيجيات و تحديات جديدة.
ما يحدث الآن سيؤدي إلى وضع غير مستقر في الكثير من البلدان كتشاد و مالي و النيجر و ربما أيضا موريتانيا،كما لا ينبغي استبعاد أن هذه الدول غير مهيكلة بالشكل الجيد و لها نظم جديدة نسبيا،على عكس الجزائر التي خرجت قوية من أزمة الرهائن.
يقول أوعيسى:"ستصبح الجزائر دولة ذات قوة في المنطقة بعد استعراض قوتها في عملية عين أميناس، كما ستكون شريكا ممتازا بالنسبة للغرب."
في نفس الوقت لا ينبغي إغفال ضرورة تقوية الجزائر،فالهجوم على حقل الغاز أظهر نقاط ضعف أيضا،كما كتبت صحيفة "الفجر".
عملية احتجاز الرهائن أظهرت أيضا الحاجة إلى استراتيجيات جديدة لمحاربة الإرهاب.
"فالجيش ليس قادرا بمفرده على حل المشاكل.أطراف أخرى مطالبة أيضا بالمشاركة،كالمدارس و المؤسسات الدينية،بالإضافة إلى الدولة و البرلمان،فالدولة لا يمكن لها التسلح فقط بالأسلحة. المطلوب كذلك هو سياسة اقتصادية و اجتماعية.فالإرهاب يتغذى من النقائص الاقتصادية و الاجتماعية و التعليمية.
.........
كيرستن كنيب/ريم نجمي.
المحرر منصف السليمي.
موقع صوت ألمانيا.
25.01.2013
............
شكلت عملية "عين أميناس" فرصة لاختبار قوة الجزائر في الحرب على الإرهاب.
غير أنها أظهرت،كما ينبه خبراء،نقاط ضعف،منها ما هو مرتبط بالوضع الداخلي في الجزائر،و منها ما هو مرتبط بأوضاع الدول المجاورة كمالي.
........
كان الإرهابيون في أتم الاستعداد،فلم تكن معهم فقط الأسلحة الثقيلة،و لكن كانت لديهم خريطة لمنشأة إنتاج الغاز في عين أميناس في شرق الجزائر.
لقد قاموا بالتجسس على الموقع بتفصيل بواسطة عملائهم،الذين يعملون هناك.
في البداية كانت هناك رغبة في التفاوض مع محتجزي الرهائن،حسب ما قال رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال،غير أن مطالب الإرهابيين كان من المستحيل تلبيتها.
لذلك تم التوصل إلى قرار الهجوم بالرغم من كبر المنشأة التي تبلغ مساحتها أكثر من أربعة هكتارات،أما حقل الغاز نفسه فتبلغ مساحته عشرة هكتارات.
....
تحرير محفوف بالمخاطر.
عملية تحرير الرهائن كانت عملية في منتهى الخطورة،حيث أنه في النهاية قتل 37 رهينة على الأقل.
كما كان هناك تخوف من وجود المزيد من الضحايا،فبعض الجثث لم يتم التعرف عليها بعد.
كما قتل في العملية 32 إرهابيا،أما البقية فتم إلقاء القبض عليهم.
و قد اعتبر عبد المالك سلال هذه العلمية" إشارة واضحة".
كما قال رئيس الوزراء "إن الجزائر أتبثت قدرتها العالية في إطار الحرب على الإرهاب،بقيامها بهذه العملية.لقد اعترفت كل الدول بهذه القدرة و بتعامل الجزائر مع أزمة الرهائن."
بيد أن عواصم غربية انتقدت طريقة إدارة السلطات الجزائرية لأزمة الرهائن،بالنظر لكلفتها البشرية الفادحة.
و وجهت انتقادات للعملية بصفة خاصة من اليابان و النرويج و بريطانيا،و هي بلدان يعمل أعداد كبيرة من مواطنيها في مجال الغاز.
و قد استدعت وزارة الخارجية اليابانية السفير الجزائري اعتراضا على الغارة و أعربت عن "أسفها العميق".
من جانبه،قال وزير الخارجية النرويجي اسبن بارث ايدي إن أوسلو "كانت تود لو تم إطلاعها مسبقا على العملية"،مرددا مضمون ما قاله متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ذكر ان بريطانيا "كانت تفضل أن يتم التشاور معها مسبقا".
و في وقت لاحق من نهاية العملية تفادت واشنطن و باريس توجيه انتقاد للجزائر،و اكتفت بإعلان نيتها تقديم مساعدات للجزائر في مجال مكافحة الارهاب.
قوات الأمن الجزائرية كانت مستعدة تمام الاستعداد للقيام بهذه العملية،فقوات الأمن الجزائري لها تاريخ طويل مع الإرهابيين و هذا النوع من العمليات.
يقول ويليام لورانس الخبير في شؤون الشرق الأوسط من بيت الحكمة " المجموعة الدولية للأزمات" في حديث له مع DW: "لقد بقيت قوات الأمن الجزائرية المتخصصة في الإرهاب حتى بعد الحرب الأهلية التي شهدتها سنوات التسعينات."
و يضيف الخبير:"صحيح أن الجزائر أعلنت في 2002 نهاية العشرية السوداء،غير أن المتورطين في ذلك الماضي الأسود مازالوا موجودين." صحيح لقد خف الخطر و "لكنهم لم يختفوا من الوجود."
........
تراجع إلى منطقة الساحل.
لكن هناك شيء تغير حسب ما صرح به رشد أوعيسى الخبير السياسي من جامعة ماربورغ في حوار له مع DW: " الحرب على الإرهاب أدت إلى خلو شمال البلاد تقريبا من الإرهابيين."
و يضيف:" غير أن هذا أدى إلى نزوح الإرهابيين باتجاه الجنوب،في منطقة الساحل غير المستقرة،حيث استأنفوا نشاطهم هناك."
و يتابع أوعيسى:" يصعب التحكم في هذه المنطقة،بل صار الأمر أكثر صعوبة بعد سقوط نظام القذافي في البلد الجار ليبيا."
و يضيف الخبير السياسي:"هذا بالإضافة إلى التدهور الذي تشهده مالي منذ عشر سنوات."
لقد وجد الإرهابيون في الشريط الحدودي بين الجزائر و مالي،منطقة مثالية للإنكفاء فيها،كما يقول ويليام لورانس الخبير في شؤون الشرق الأوسط،حيث يشعر الإرهابيون بالأمان في منطقة الصحراء "يتحركون بسرعة في آلاف الكيلومترات.و الحدود لا تلعب أي دور في الحد من تحركاتهم."
أما ما يشكل للإرهابيين ميزة،فهو أن دولة مالي لا تسيطر بشكل جيد على تلك المنطقة.
"و بالتالي يستغل الإرهابيون نقاط الضعف للقيام بعملياتهم: يهربون المخدرات،و الأسلحة،و الناس أيضا.كما يقومون بعمليات اختطافات."
إضافة إلى ذلك يقومون باستغلال المشاكل السياسية و الاجتماعية التي تتخبط فيها مالي للتوغل في البلاد و الحصول على المزيد من الأتباع.
.....
خطط تخريبية في شمال افريقيا.
لكن ليست الأعمال الإجرامية هي الشغل الشاغل للإسلاميين كما يوضح رشيد اوعيسى.
فبعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 أصبح للإرهاب بعد آخر.
حيث أنه يعمل على التأثير على ميزان قوى الدول المجاورة لأوروبا.
" بداية استهدفوا المنطقة التي كان يطلق عليها في السابق "العالم الثالث" ثم وضعوا الشرق الأوسط نصب أعينهم و الآن هم يذهبون بعيدا و يتوجهون نحو أفريقيا."
ما يساعدهم على ذلك هو أن هذه البلدان التي كانت مستعمرة و حصلت على استقلالها تتغير فيها الأنظمة السابقة و يظهر فيها نظام جديد تتفكك من خلاله هذه البلدان.
كما يظهر فاعلون جدد يُعقدون الوضع السياسي أكثر.لم يعد الأمر يتعلق بالدكتاتوريين في مالي و لكن مع فاعلين جدد أيضا."
.........
استراتيجيات و تحديات جديدة.
ما يحدث الآن سيؤدي إلى وضع غير مستقر في الكثير من البلدان كتشاد و مالي و النيجر و ربما أيضا موريتانيا،كما لا ينبغي استبعاد أن هذه الدول غير مهيكلة بالشكل الجيد و لها نظم جديدة نسبيا،على عكس الجزائر التي خرجت قوية من أزمة الرهائن.
يقول أوعيسى:"ستصبح الجزائر دولة ذات قوة في المنطقة بعد استعراض قوتها في عملية عين أميناس، كما ستكون شريكا ممتازا بالنسبة للغرب."
في نفس الوقت لا ينبغي إغفال ضرورة تقوية الجزائر،فالهجوم على حقل الغاز أظهر نقاط ضعف أيضا،كما كتبت صحيفة "الفجر".
عملية احتجاز الرهائن أظهرت أيضا الحاجة إلى استراتيجيات جديدة لمحاربة الإرهاب.
"فالجيش ليس قادرا بمفرده على حل المشاكل.أطراف أخرى مطالبة أيضا بالمشاركة،كالمدارس و المؤسسات الدينية،بالإضافة إلى الدولة و البرلمان،فالدولة لا يمكن لها التسلح فقط بالأسلحة. المطلوب كذلك هو سياسة اقتصادية و اجتماعية.فالإرهاب يتغذى من النقائص الاقتصادية و الاجتماعية و التعليمية.
.........
كيرستن كنيب/ريم نجمي.
المحرر منصف السليمي.
موقع صوت ألمانيا.
25.01.2013