الربيع العربي: خطوة للأمام و عشر الى الوراء
علي حسين عبيد
...........
إستبشر العالم قبل ثلاث سنوات بربيع عربيّ متميز،و استبشر العرب أنفسهم بهذا الربيع الذي بدأ يزرع بذور الأمل بولادة الحرية الحقيقية في سماء العرب،و بدأت تتساقط عروش الانظمة المستبدة،و شاعت اجواء التفاؤل بين الجميع،و انتشر الفرح،و تفتحت آمال و تطلعات جماهيرية واسعة،شملت الوطن العربي كله،و انتعشت آمال المحرومين بسبب ظلم الانظمة السابقة،و تمت مقاضاة الرؤوس التي نهبت اموال الفقراء و ثرواتهم،و حمت رؤوس الظلم و الاختلاس و نشرت مافيات و عصابات السحت الحرام،و عاثت فسادا في السياسة و الاقتصاد و المال و التعليم و الصحة،و جعلت حياة الناس أقرب الى الجحيم.
تساقطت تلك الرؤوس من عليائها و شموخها الكاذب،و كانت البداية بالرئيس التونسي المخلوع الذي ضاقت به،و تهاوى عرش الرئيس المصري حسني،و لحق به القذافي و اليمني ايضا،و هكذا كان الربيع العربي بمثابة الخطوة الجوهرية نحو تحقيق الحلم العربي بالعبور الى ضفة الحرية الحقيقية،بعد انتظار طال أمله كثيرا،و بدأت تتشكل حكومات بديلة للحكومات المطاح بها،و صعدت قيادات جديدة،يلفّها التسرع و التنافس غير المشروع،و يشوبها التزوير و الاقتتال،و بدأت تزدهر فيها مفاصل و بؤر التطرف و العنف،و تحولت تلك الخطوة التحررية الى عكس ما كان مأمولا منها،و بدأت تتراجع، حتى وصفها كثيرون بدلا من (الربيع) زمهرير الواقع العربي الجديد،استنادا الى الوقائع و الظروف الكارثية التي رافقت الربيع العربي،و تمخضت عنه.
لم يكن هذا ما تتمناه الجماهير العربية العريضة التي انتفضت في دول عربية عديدة،فهذه مصر تتوالى فيها الانتفاضات و الاحتجاجات،و تعمها الفوضى،و تتصارع فيها اردات متناقضة قمة في التطرف و التعصب،لدرجة انها احالت البلاد الى فوضى سياسية عارمة،و ادخلتها في ازمات اقتصادية خانقة،كما حدث ابان حكم الرئيس المخلوع (محمد مرسي) على مدى عام حكم فيه البلاد،و هو الرئيس المنتخب الذي جاء بديلا لمبارك،كي يحقق ما كانت تطمح به الجماهير المصرية العريضة، لكن الحال انقلب رأسا على عقب، وبدأت الناس تعلن جهارا نهارا ندمها وترحمها على النظام الفردي العسكري لحسني، بسبب الصراعات المتواصلة، والازمات المستمرة، والاختناقات التي حاصرت حياة الفقراء والاغنياء على حد سواء، ورافق ذلك انتعاش غريب للعنف والتطرف، واخذت جماعات مسلحة تنشر الرعب والفوضى بين الناس، وتم التجاوز الشنيع على الاقليات، وبات الامان والعيش في سلام،حلم بعيد المنال،لتتحول الانتفاضة الربيعية في مصر،الى وبال على الشعب لاسيما الفقراء منهم.
هذه الصورة المأخوذة حرفيا من الواقع المصري،لا تقل عنها النسخة الليبية قتامة و سوادا، فقد شاع منهج الاحتراب و التطرف في معظم مدن ليبيا، و انفصلت عنها اقاليم و مدن، وانتشرت فيها عصابات القتل و المليشيات الطامعة بالمال و السلطة و ترويع الناس، و تحولت ليبيا الى جحيم حقيقي و مصدر خطر كارثي على شعبها، كل هذا حدث بسبب الربيع العربي؟!، و بأيدي خططت و نفذت لهذا الارباك و الفوضى، و خططت لسرقة التضحيات و الارواح التي قدمتها الجماهير من اجل ان تنال حريتها الحقيقة و تعيش بكرامة، كما تعيش الامم المحترمة، لكن الوقائع كلها لا تقدم اشارات عن الاستقرار و التقدم المنشود.
و ليس غريبا أن نجد النسخة نفسها في دول اخرى دخلت في دوامة الربيع العربي،مثل تونس و اليمن و سوريا و سواها،فبدأت تساؤلات كثيرة و كبيرة تطفو الى السطح السياسي بقوة، مفادها،لماذا ضاعت تضحيات الجماهير،و لماذا تحول الربيع الى صيف ملتهب اكل معه الاخضر و اليابس،و من يقف وراء ذلك،أي من هم المدبرون لكلّ هذا؟.
و اخيرا أين دور النخب التي تتصدى لقيادة الجماهير العربية وعيا و فكرا و ثقافة و نضالا و سياسة و ما الى ذلك من نخب،تعلن ليلا و نهارا عن حضورها (اللفظي)،أما حينما نبحث عنها في الواقع فنكاد لا نجد أثرا لها،و السؤال الذي سيبقى قائما..كيف و لماذا تراجع الربيع العربي خطوات و خطوات الى الوراء؟!.
.........
شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 7/كانون الأول/2013
علي حسين عبيد
...........
إستبشر العالم قبل ثلاث سنوات بربيع عربيّ متميز،و استبشر العرب أنفسهم بهذا الربيع الذي بدأ يزرع بذور الأمل بولادة الحرية الحقيقية في سماء العرب،و بدأت تتساقط عروش الانظمة المستبدة،و شاعت اجواء التفاؤل بين الجميع،و انتشر الفرح،و تفتحت آمال و تطلعات جماهيرية واسعة،شملت الوطن العربي كله،و انتعشت آمال المحرومين بسبب ظلم الانظمة السابقة،و تمت مقاضاة الرؤوس التي نهبت اموال الفقراء و ثرواتهم،و حمت رؤوس الظلم و الاختلاس و نشرت مافيات و عصابات السحت الحرام،و عاثت فسادا في السياسة و الاقتصاد و المال و التعليم و الصحة،و جعلت حياة الناس أقرب الى الجحيم.
تساقطت تلك الرؤوس من عليائها و شموخها الكاذب،و كانت البداية بالرئيس التونسي المخلوع الذي ضاقت به،و تهاوى عرش الرئيس المصري حسني،و لحق به القذافي و اليمني ايضا،و هكذا كان الربيع العربي بمثابة الخطوة الجوهرية نحو تحقيق الحلم العربي بالعبور الى ضفة الحرية الحقيقية،بعد انتظار طال أمله كثيرا،و بدأت تتشكل حكومات بديلة للحكومات المطاح بها،و صعدت قيادات جديدة،يلفّها التسرع و التنافس غير المشروع،و يشوبها التزوير و الاقتتال،و بدأت تزدهر فيها مفاصل و بؤر التطرف و العنف،و تحولت تلك الخطوة التحررية الى عكس ما كان مأمولا منها،و بدأت تتراجع، حتى وصفها كثيرون بدلا من (الربيع) زمهرير الواقع العربي الجديد،استنادا الى الوقائع و الظروف الكارثية التي رافقت الربيع العربي،و تمخضت عنه.
لم يكن هذا ما تتمناه الجماهير العربية العريضة التي انتفضت في دول عربية عديدة،فهذه مصر تتوالى فيها الانتفاضات و الاحتجاجات،و تعمها الفوضى،و تتصارع فيها اردات متناقضة قمة في التطرف و التعصب،لدرجة انها احالت البلاد الى فوضى سياسية عارمة،و ادخلتها في ازمات اقتصادية خانقة،كما حدث ابان حكم الرئيس المخلوع (محمد مرسي) على مدى عام حكم فيه البلاد،و هو الرئيس المنتخب الذي جاء بديلا لمبارك،كي يحقق ما كانت تطمح به الجماهير المصرية العريضة، لكن الحال انقلب رأسا على عقب، وبدأت الناس تعلن جهارا نهارا ندمها وترحمها على النظام الفردي العسكري لحسني، بسبب الصراعات المتواصلة، والازمات المستمرة، والاختناقات التي حاصرت حياة الفقراء والاغنياء على حد سواء، ورافق ذلك انتعاش غريب للعنف والتطرف، واخذت جماعات مسلحة تنشر الرعب والفوضى بين الناس، وتم التجاوز الشنيع على الاقليات، وبات الامان والعيش في سلام،حلم بعيد المنال،لتتحول الانتفاضة الربيعية في مصر،الى وبال على الشعب لاسيما الفقراء منهم.
هذه الصورة المأخوذة حرفيا من الواقع المصري،لا تقل عنها النسخة الليبية قتامة و سوادا، فقد شاع منهج الاحتراب و التطرف في معظم مدن ليبيا، و انفصلت عنها اقاليم و مدن، وانتشرت فيها عصابات القتل و المليشيات الطامعة بالمال و السلطة و ترويع الناس، و تحولت ليبيا الى جحيم حقيقي و مصدر خطر كارثي على شعبها، كل هذا حدث بسبب الربيع العربي؟!، و بأيدي خططت و نفذت لهذا الارباك و الفوضى، و خططت لسرقة التضحيات و الارواح التي قدمتها الجماهير من اجل ان تنال حريتها الحقيقة و تعيش بكرامة، كما تعيش الامم المحترمة، لكن الوقائع كلها لا تقدم اشارات عن الاستقرار و التقدم المنشود.
و ليس غريبا أن نجد النسخة نفسها في دول اخرى دخلت في دوامة الربيع العربي،مثل تونس و اليمن و سوريا و سواها،فبدأت تساؤلات كثيرة و كبيرة تطفو الى السطح السياسي بقوة، مفادها،لماذا ضاعت تضحيات الجماهير،و لماذا تحول الربيع الى صيف ملتهب اكل معه الاخضر و اليابس،و من يقف وراء ذلك،أي من هم المدبرون لكلّ هذا؟.
و اخيرا أين دور النخب التي تتصدى لقيادة الجماهير العربية وعيا و فكرا و ثقافة و نضالا و سياسة و ما الى ذلك من نخب،تعلن ليلا و نهارا عن حضورها (اللفظي)،أما حينما نبحث عنها في الواقع فنكاد لا نجد أثرا لها،و السؤال الذي سيبقى قائما..كيف و لماذا تراجع الربيع العربي خطوات و خطوات الى الوراء؟!.
.........
شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 7/كانون الأول/2013