الجزائر...ذكرى الحرب الاهلية تجهض التطلعات الديمقراطية
محمد حميد الصواف
..........
يجمع اغلب المحللين السياسيين على ان الجزائر نأت بنفسها عن سياق الثورات العربية على الرغم من تردي الوضع السياسي والاقتصادي هنام لأسباب قد تكون منطقية بحسب البعض، حيث عانى سكان الجزائر لسنوات من حرب اهلية مكلفة، افقد البلاد امنها واستقرارها بشكل مدمي لا تزال ذكراها عالقة في اذهان الكثير من ابناء الشعب هناك.
حيث اختزل الجزائريون تطلعاتهم الى الاصلاح ببعض المسائل الصغيرة العالقة تجنبا لأي فوضى محتملة قد تعقب اي حراك قد يزعزع من استقرار السلطة السياسية، اسوة بما حصل في تونس او مصر او بعض الدول العربية الاخرى.
وتتهم العديد من الاحزاب والحركات السياسية بالإضافة الى بعض المنظمات الحقوقية الرئيس الجزائري بو تفليقه قيامه بانتهاكات دستورية وانسانية متعددة، طالبت خلال بعض التظاهرات الاخيرة بالتغيير او الاصلاح السياسي السريع.
.......
الربيع العربي
فقد ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الشعب الجزائري على ما يبدو بصدد التخلف عن ركب "الربيع العربي"، فقبل أسابيع قليلة بدت الجزائر وكأنها على شفا الدخول فى ثورة عندما نزل الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بالإطاحة بحكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، غير أن هذه الدولة شمال الأفريقية تراقب من بعيد ازدهار الربيع العربي في أماكن متفرقة من البلاد، وتطالب بدلا من التغيرات السياسية برفع الأجور.
وقالت الصحيفة إن الانتفاضات الشعبية هزت عروش العديد من الأنظمة الاستبدادية فى الشرق الأوسط، لكن رغم وجود دول متحمسة للديمقراطية مثل تونس، التي بدأت فيها المظاهرات واستمرت حتى أطاحت بحاكمها الرئيس السابق زين العابدين بن على، إلا أن هناك دول أخرى مثل الجارة الجزائر تنظر إلى التغيير كهدف غير ثابت.
وبدلا من أن ينزل الأطباء والمدرسون وضباط الشرطة المساعدين وعمال النقل للدفاع عن الديمقراطية فى هذه الدولة الغنية بالطاقة، نزلوا للمطالبة برفع أجورهم، وتجنبوا الدعوة للتغيير السياسى.
ورأت "واشنطن بوست" أن الحكومة الجزائرية تسعى حرفيا لشراء الوقت، وذلك من خلال التلفظ بالتنازلات الاقتصادية التى تشتمل على التعهد بمضاعفة الأجر للجميع من ضباط الشرطة إلى كتاب المحاكم، ومنح الملايين منهم أراضي مجانية وقروض رخيصة.
فيما قال رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى ان بلاده ترفض ان تكون مختبرا أو هدفا لأي قوة أجنبية، في اشارة الى ما يحدث من تغييرات في بعض دولها.
وأوضح أويحيى في خطاب ألقاه أمام أعضاء من حزبه، التجمع الوطني الديموقراطي، ان حزبه «يرفض ان تكون الجزائر مختبرا لأي قوة كانت ولا هدفا لأية هيمنة خارجية كانت».
واعتبر أويحيى ان الجزائر «عاشت ربيعها الديموقراطي منذ عشرين سنة...ودفعت ضريبة دموية جراء الحسابات السياسية والبحث عن السلطة من أجل السلطة».
وأشار أويحيى الى ان تشديد المعارضة الجزائرية للهجتها تجاه الحكومة والنظام السياسي يعتبر دليلا على الحرية والديموقراطية التي تشهدها البلاد.
وقال ان الجزائر تشهد «انتخابات تعددية تتم عن طريق صناديق الاقتراع وعن طريق الاختيار الحر وللشعب».
وخاطب أويحيى المعارضة التي تضغط بشدة في الشهرين الأخيرين على خلفية موجة التغييرات في المنطقة العربية بأن «الديموقراطية والحرية ليست بالأمر المنتظر في الجزائر».
واعتبر أويحيى ان الاجراءات التي اتخذتها الحكومة بخصوص التشغيل والسكن والاستثمار ردا على الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في يناير الماضي بسبب غلاء المعيشة «سمحت بالحفاظ على استقرار البلاد مثلما أحبطت تطلعات ومناورات أولئك الذين كانوا يأملون في رؤية الجزائر تغرق في متاهة جهنمية جديدة».
.........
أرضية للتغيير الديموقراطي
في سياق متصل أعلنت التنسيقية الوطنية للتغيير والديموقراطية في الجزائر المعارضة "أرضية للتغيير الديموقراطي" تنص على حل كل الهيئات المنتخبة ووضع دستور جديد وتعيين حكومة انتقالية. وقال مولاي شنتوف ممثل الحزب العلماني الديموقراطي (غير معتمد) داخل جناح الاحزاب في التنسيقية خلال مؤتمر صحافي أن المقصود بالهيئات المنتخبة "المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة (غرفتا البرلمان) وكل مجالس البلديات والولايات (المحافظات)".
وتلحظ الارضية "تعيين مجلس وطني للانتقال الديموقراطي" يتشكل من "شخصيات تناضل من اجل التغيير الديموقراطي ولا يحق لها الترشح لأي منصب مسؤولية بعد الفترة الانتقالية" التي ينبغي ان تستمر 12 شهرا.
ويقوم المجلس بمجرد انشائه "بحل كل الهيئات المنتخبة وتعيين حكومة انتقالية وتحرير دستور جديد يقدم للاستفتاء امام الشعب الجزائري". وتأسست التنسيقية الوطنية للتغيير والديموقراطية في 21 كانون الثاني/يناير بعد الاحتجاجات على غلاء الاسعار في الجزائر والتي خلفت خمسة قتلى و800 جريح. بحسب فرانس برس.
لكن التنسيقية انقسمت الشهر الماضي الى جناحين، جناح الاحزاب بقيادة التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية وجناح المنظمات المدنية بقيادة الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان.
ونصت ارضية التغيير ايضا على ان يكون الجيش "تحت سلطة مجلس الانتقال الديموقراطي" وتكون مهمته "الدفاع عن الوطن والطابع الجمهوري والديموقراطي للدولة".
وعن المهلة الزمنية لتنفيذ هذه المطالب والاصلاحات قال مولاي شنتوف ان "المدى الزمني مرتبط بموازين القوى (بين السلطة والمعارضة) فنحن نلاحظ ان كل المجتمع يتحرك وليس مناضلي التنسيقية وحدهم". واضاف "كما ان العالم كله يتحرك ولا مجال لان تشكل الجزائر استثناء في الوطن العربي ولا يمكن ان تشكل استثناء".
واكدت التنسيقية أنها ستواصل المسيرات الاسبوعية كل يوم سبت في الجزائر العاصمة "رغم القمع" الذي تتعرض له.
......
كسب الوقت
من جانبها اتهمت جبهة القوى الاشتراكية المعارضة في الجزائر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالسعي الى "كسب الوقت" باعلانه اصلاحات سياسية تنص خصوصا على تعديل دستوري. وقال السكرتير الاول للجبهة كريم طابو الجمعة في تجمع شعبي في سطيف (300 كلم شرق العاصمة) ان "الهدف الاساسي (من) خطاب رئيس الجمهورية هو كسب الوقت والسعي وراء استعادة المصداقية الدولية والرأي العام الدولي".
وقد اعلن الرئيس بوتفليقة في 15 نيسان/ابريل في اول خطاب متلفز منذ بداية الانتفاضات في العالم العربي تعديل الدستور والقانون الانتخابي والقانون حول الاحزاب وقانون الاعلام. واعرب طابو عن اسفه "لمجاملة وتواطؤ المواقف الفرنسية والاميركية التي تدعي تصديق اصلاحات بدون ضمانة".
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بعد خطاب بوتفليقة ان الاصلاحات المعلنة ماضية "في الطريق السليم". بحسب فرانس برس.
وقال طابو متسائلا "من يتصور ان هذه الحكومة وهذا المجلس الوطني ومجلس الامة يستطيع ان يقود الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟". واضاف "ليس هناك سوى رئيس الدولة والوزراء والنواب ونواب مجلس الامة الذين ما زالوا يظنون ذلك".
وشدد على "المطالب الاجتماعية من عمل وسكن وراتب لائق وتكافؤ الفرص، وهي كلها مطالب سياسية"، موضحا ان "الجزائريين ليسوا أحرارا ولا يتمتعون بالديمقراطية".
وليس لجبهة القوى الاشتركية التي يقودها الزعيم التاريخي حسين آيت احمد، نوابا لانها قاطعت الانتخابات التشريعية سنة 2007 التي شابتها عمليات تزوير حسب المعارضة.
وقال طابو ان "النظام وليد انقلاب عسكري ونجا بفضل انقلابات اخرى، وبفرض حالة الطوارئ وتدابير قانونية امنية لمكافحة الارهاب طال مفعولها في ظل تعديلات دستورية وانتخابات مزورة". وتساءل "كيف لنا ان نعتقد ان هذا النظام قادر على تحقيق ما عجز عن تحقيقه منذ الاستقلال؟". واشار طابو الى "تدهور الوضع الامني في البلاد في الآونة الأخيرة" مؤكدا نه "يثير عدة تساؤلات".
.........
جيوب فارغة
ويواجه الجزائريون منذ اشهر ازمة حادة في السيولة النقدية لدرجة ان اجور العمال والموظفين تدخل حساباتهم كل شهر في مراكز البريد لكنهم لا يستطيعون سحبها وفي احسن الاحوال يفرض عليهم سحب مبالغ بسيطة.
ومنذ سنوات، تعاني الجزائر من حين لآخر من نقص في السيولة في مراكز البريد خصوصا مع اقتراب المناسبات التي تكثر فيها المصاريف كالاعياد ورمضان وعطلة الصيف.
وفي الاشهر الاخيرة اصبحت ازمة السيولة دائمة ولم تجد لها الحكومة حلا سوى اصدار ورقة نقدية بقيمة الفي دينار (26 دولار) ابتداء من 28 نيسان/ابريل. وتمثل ورقة الالفي دينار ضعف اكبر ورقة نقدية متداولة حاليا وهي الف دينار. وعزا وزير المالية كريم جودي نقص السيولة النقدية على مستوى المصارف ومراكز البريد الى كثرة الطلب على الاموال نتيجة زيادات الاجور.
وقال جودي لوكالة الانباء الجزائرية ان "نقص الاوراق المالية راجع الى الفرق الكامن بين تموينات بنك الجزائر، المؤسسة التي تصدر النقود والطلب الكبير على مستوى مراكز البريد التي تزايدت خلال الاشهر الستة الاخيرة نتيجة للزيادة في اجور عمال الوظيف العمومي" اي القطاع العام. واستفاد كل الموظفين من زيادات متفاوتة في الاجور وصلت في بعض الاحيان الى 50 بالمائة، وباثر رجعي من 2008.
وقال جودي ان لجوء البنك المركزي الى اصدار ورقة مالية جديدة قيمتها 2000 دينار "جاء للاستجابة بسرعة للطلب على الاوراق النقدية". ويبلغ عدد العاملين في القطاع العام 1,6 مليون موظف يضاف اليهم مليوني متقاعد يتقاضون كل شهر رواتبهم في مراكز بريد الجزائر.
وتدير مؤسسة بريد الجزائر اكبر حصة من الاموال في السوق المالية الجزائرية. ويقدر عدد زبائنها باكثر من 12 مليونا اي حوالي ثلث سكان الجزائر البالغ عددهم 35 مليون نسمة.
وتقول الاستاذة الجامعية ميسان موسى لوكالة فرنس برس "راتبي حوالى 60 الف دينار (800 دولار). عندما اتقدم الى مكتب البريد لسحب راتبي لا يسمح لي بسحب سوى عشرين الف دينار كل مرة".
واضافت هذه السيدة التي كانت تتحدث في اكبر مركز للبريد في وسط العاصمة الجزائرية "اعيش على هذه الحال منذ حوالى سنة ما جعل حسابي نظريا مليئا بالاموال لكني في الحقيقة لا اتمكن من سحبها".
واكد موظف في مركز البريد نفسه ان الحد الأعلى للسحب محدد بعشرين الف دينار في اليوم، مع امكانية سحب نفس المبلغ في اليوم التالي. ووزعت مؤسسة بريد الجزائر مجانا بطاقات للسحب الالي للاموال.
لكن استعمالها صعب خصوصا من قبل المتقاعدين المسنين الذين يصعب عليهم تذكر الرقم السري بينما لا يعرف كثيرون منهم القراءة والكتابة ويحتاجون لمساعدة موظف البريد لسحب اموالهم.
اما عمليات الدفع الالكتروني فتكاد تكون معدومة بسبب عدم توفر الاجهزة في كل المحلات التجارية وكذلك لتعود الجزائريين على الدفع نقدا. وحتى التجار الكبار يتعاملون بالملايين نقدا بدون ان تدخل اموالهم البنوك.
وحاولت الدولة فرض استخدام الشيكات المصرفية والصكوك البريدية للمبالغ التي تتعدى 50 الف دينار (666 دولار). لكنها تراجعت عن ذلك بعد احتجاجات ضد غلاء الاسعار في كانون الثاني/يناير الماضي. وكان يفترض ان يدخل هذا الاجراء حيز التنفيذ اعتبارا من آذار/مارس الماضي.
وقد صرح وزير البريد وتكنولوجيات الاعلام والاتصال موسى بن حمادي ردا على سؤال في البرلمان من قبل انه يعول كثيرا على فرض استخدام الشيك للتخفيف من ازمة السيولة.
وعزا الوزير الجزائري المشكلة اساسا الى مختلف الادارات التي تصب اجور موظفيها في وقت واحد. كما حمل زبائن بريد الجزائر المسؤولية لانهم يسحبون كل راتبهم دفعة واحدة. ولا تستطيع الادارات تغيير تاريخ دفع الاجور ولو بضعة ايام لأن ذلك سيثير غضب الموظفين. كما ان هؤلاء الموظفين مضطرون لسحب كل اجورهم لمواجهة غلاء الاسعار، لذلك "لن يكون حل مشكل السيولة النقدية غدا"، حسبما راى موظف في بريد الجزائر.
....
حان وقت التغيير
من ناحيته يدعو روائي جزائري صاحب أكثر الاصدارات الادبية انتشارا في العالم حكام الجزائر الى ضرورة الاستجابة لمطالب التغيير ببدء نقاش حول الوجهة التي يتعين أن تتجه اليها البلاد مستقبلا بعد سنوات من العنف والفرص الضائعة.
وترجمت أعمال الروائي الجزائري محمد مولسهول الذي اشتهر في العالم باسمه المستعار ياسمينة خضراء الى 33 لغة يباع منها أربعة ملايين نسخة في أرجاء العالم.
وتستند أعمال الروائي الى قضايا معاصرة في العالم الاسلامي وقال انه اختياره اسم امرأة كاسم مستعار له علامة على احترامه للمرأة الجزائرية.
وكتابات مولسهول السابقة كانت عن العراق وأفغانستان والصراع الاسرائيلي الفلسطيني ولديه اراء قوية حول ما يحدث في بلده الجزائر.
وعانت الجزائر من صراع بين المتشددين الاسلاميين والقوات الحكومية في معظم سنوات العقدين المنصرمين بينما يقول معارضون ان طبقة الموظفين فاسدة لا تتسم بالكفاءة ولا تسمح بحريات ديمقراطية حقيقية.
وقال مولسهول (56 عاما) في ردود مكتوبة على أسئلة أرسلتها له رويترز ان الجزائري متعجل ويريد حلا فوريا ولا يمكن أن نفهم ذلك. وتابع قائلا ان حياة الجزائري سلسلة من الاخفاقات وخيبة الامل والتضرر في عقيدته وطالب بتحسين غير مشروط لظروف معيشته وبحسن المعاملة وبحقه في أن يحلم.
ويقول مولسهول الذي خدم لثلاثة عقود كضابط في القوات المسلحة الجزائرية انه يتعين على بوتفليقة (74 عاما) أن يحدد رؤيته. ولم يتحدث الرئيس للجمهور لشهور مما أشعل الشائعات حول مرضه والتي نفاها المسؤولون.
وقال ان مطالب الشعب الجزائري ليست موجهة لدكتاتور وانما الى رئيس يجب أن يعبر عن نفسه. وأضاف أن دوائر صنع القرار يجب أن تنفتح للموهبين الاصغر سنا وفي الجزائر كثير منهم.
وقال مولسهول ان هناك حاجة لاجراء نقاش وطني بشأن طموحات الشعب واقتراحات الشباب المشروعة. وأضاف أن سوء الفهم يسكن في عدم القدرة على الانصات لبعضنا بعضا.
وشهد مولسهول كضابط جيش في الجزائر الكثير من الفظائع أثناء الصراع مع الاسلاميين التي بلغت ذروتها في التسعينات. وكان من مقتضيات عمله ان يكتب تقارير رسمية عن المجازر التي ارتكبها المتشددون. واختار اسما مستعارا لكتاباته الاولى لانه لم يكن مسموحا له كضابط أن يعرف كمؤلف.
ويعيش مولسهول الان في باريس ومن بين رواياته التي يكتبها بالفرنسية "خطاف كابول" التي تدور أحداثها في أفغانستان بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة و"الهجوم" التي تدور أحداثها على خلفية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
....
منع التظاهر
الى ذلك استخدمت قوات الشرطة الهراوات لمنع المئات من المشرفين التربويين من التظاهر امام المجلس الشعبي الوطني (برلمان) في الجزائر. وفي الوقت نفسه تقريبا، وعلى بعد نحو كيلومترين، منعت الشرطة تنظيم مسيرة نظمتها التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية، التي تضم احزابا سياسية.
وقال مراد فرطاقي، المنسق الوطني لمساعدي التربية (مشرفون على المدارس والثانويات) "منعتنا الشرطة من التجمع امام البرلمان. لقد ضربوا بعض المتظاهرين بالهراوات". ولكنه قال انه لا يوجد جرحى. وقال شاهد لفرانس برس انه رأى شرطيين يضربون المتظاهرين الذين بلغ عددهم المئات.
وقال فرطاقي ان ما بين 2500 و3000 شخص حضروا للمشاركة في التجمع الذي كان مقررا امام مقر رئاسة الجمهورية، ولكن الشرطة منعتهم من الوصول.
ويطالب المشرفون على المدارس وعددهم نحو 50 الفا بالحصول على وضع "مستشار تربوي" وبتحسين اجورهم. بحسب فرانس برس.
وفي ساحة الاول من مايو، حيث دعت تنسيقية التغيير، ككل يوم سبت، الى التظاهر للمرة الحادية عشرة من اجل "تغيير النظام"، طوقت الشرطة نحو 30 متظاهرا بينهم الرئيس الفخري للرابطة الجزائرية لحقوق الانسان، علي يحي عبدالنور.
ومنذ الصدامات واعمال الشغب التي اوقعت خمسة قتلى واكثر من 800 جريح بداية كانون الثاني/يناير خلال تظاهرات مناهضة للغلاء، شهدت العاصمة الجزائرية عدة مواكب احتجاجية.
وتظاهر الطلاب للمطالبة بتحسين المناهج الجامعية، ولكن الشرطة فرقتهم في 12 نيسان/أبريل بالهراوات، فاصيب بعضهم بجروح.
ودعا مقرر الامم المتحدة لحماية الحق في حرية الراي والتعبير، فرانك لا رو، خلال زيارة للجزائر في 17 نيسان/ابريل الى عدم استخدام القوة ضد التظاهرات السلمية.
.......
دعم نظام القذافي
من جهته صرح وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي ان اتهام الجزائر بارسال مرتزقة الى ليبيا لدعم نظام العقيد معمر القذافي ضد الثوار هي مناورات لكسب الوقت، مؤكدا ان نظيره الفرنسي الان جوبيه يقاسمه هذا الرأي. وقال مدلسي في تصريح للاذاعة الجزائرية "سبق لنا تكذيب هذه الاتهامات. وبالاضافة الى ذلك كانت لدينا الفرصة للحديث في هذاالموضوع مع العديد من الشركاء ومنهم وزير الدولة (الفرنسي) آلان جوبيه الذي وصف هذه المعلومات الغريبة +بالاشاعات+". واضاف "في ما يخص هذه المناورات نعتبرها مناورات لربح الوقت تعتمد على اجندات لا علاقة لها بالقضية الليبية بل ترتبط بقضايا اقدم من الازمة الليبية".
وقال مدلسي بخصوص محادثاته مع نظيره الفرنسي ان جوبيه "نفسه وصف بالاشاعات قليلة المصداقية هذه المعلومات الغريبة التي تجعل الجزائر طرفا في النزاع الليبي".
وصرح جوبيه خلال لقاء مع جمعية الصحافة الدبلوماسية الفرنسية "اجريت محادثات ودية مع نظيري" الجزائري. واضاف "قلت له +هناك معلومات تفيد ان القذافي تلقى من الجزائر عدة مئات من السيارات العسكرية وعلى متنها ذخائر+". وتابع "طرحت عليه السؤال واكد لي ان هذا الامر ليس صحيحا".
وقال الثوار الليبيون قبل عشرة ايام انهم اسروا 15 مرتزقة جزائريا في اجدابيا وقتلوا ثلاثة اخرين في معارك ضارية في هذه المدينة شرق البلاد.
واكد المتحدث باسم الثوار ايضا ان "المرتزقة الذين اسروا لم تكن في حوزتهم اوراق ثبوتية" لكنهم "قالوا انهم جزائريون وكانت لهجتهم جزائرية". واضاف مسؤول الاعلام في المجلس الوطني الانتقالي محمود شمام في تصريح لوكالة فرانس برس الثلاثاء "نواجه آلة عسكرية رهيبة والقذافي يحصل على دعم بما في ذلك عبر دول عربية مثل الجزائر التي حصل عبرها على 500 مركبة رباعية الدفع بحسب مصادر اوروبية صديقة". بحسب فرانس برس.
ووصف وزير الخارجية الجزائري الوضع في ليبيا بأنه "جد معقد" وقال ان الليبيين "يتقاتلون في ما بينهم واطراف اخرى تساعد على ان تستمر الحرب وتزداد حدتها".
أما بخصوص الحل الذي تراه الجزائر مناسبا للخروج من الازمة رأى مدلسي انه لا خيار سوى الحل السياسي. وقال "اعتقادنا هو انه بعد وقف اطلاق النار ووضع آلية لاحترامه يبقى الحل الوحيد العقلاني والذي يلقى الاجماع هو الحل السياسي".
وثمن مدلسي جهود وفد الوساطة الافريقية واعتبر انه "حدث تطور بعد تنقل مجموعة الوساطة الافريقية وسجلت اتصالات لأول مرة بين طرفي النزاع في ليبيا" وتابع " لا يمكننا القول أن هذه الاتصالات الاولية سمحت بحل المشكل بما أننا نعرف موقف الطرف الليبي المتمركز في بنغازي لكننا لا نفقد الامل خاصة اذا ضمت المجموعة الدولية جهودها الى جهود الاتحاد الافريقي لفرض الحل السياسي على الجميع".
وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز المتحدث باسم وفد الوساطة الافريقية، عنما زار الجزائر قبل أسبوعين ان الاتحاد الافريقي مصمم على الوصول الى وقف لاطلاق النار في ليبيا " حفاظا على المصالح العليا للشعب الليبي".
............
700 مليون دولار على 25 الف باحث وخبير لم يعودوا
من جانب آخر كشف المدير العام للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية عبد الحفيظ أوراق أن الجزائر خسرت ما قيمته 700 مليون دولار جراء البعثات العلمية التي أرسلتها طيلة 40 عاما الأخيرة شملت 25 ألف باحث وخبير لم يعودوا أبدا إلى الجزائر.
وقال أوراق في تصريح لإذاعة الجزائر الحكومية امس الخميس إن 'الدولة الجزائرية تكبدت خسائر بقيمة 700 مليون دولار وهي قيمة تكاليف تكوين (تدريب وتعليم) طلبة جامعيين وباحثين جزائريين تم إرسالهم إلى الخارج على مدى الأربعين سنة الماضية'.
وأشار إلى 'امتناع 25 ألفا منهم عن العودة إلى الوطن، وهو ما يعادل 50 بالمئة من العدد الإجمالي للباحثين والأساتذة الجامعيين والطلبة الذين استفادوا من منح التكوين بالخارج منذ سنة 1970'.
وقال إن 'الفترة ما بين 1970 و1990 شهدت ارتفاعا كبيرا في عدد المنح المقدمة للجامعيين على اختلاف مستوياتهم إذ بلغ عدد المستفيدين 20 ألفا وبلغت تكاليف تكوينهم آنذاك 420 مليون دولار، بينما تقلصت هذه التكاليف إلى 36 مليون دولار في الفترة ما بين 1994 و2006 بسبب تراجع عدد المنح المقدمة'.
وعزا تراجع الحكومة في تقديم المنح المالية للباحثين إلى الخارج بسبب 'تسجيل عودة حوالي 50 بالمئة فقط من الأدمغة الجزائرية'.
واعتبر أوراق أن 'هذه الهجرة هي واحد من أهم أسباب التأخر الكبير المسجل في مجال التقدم الاقتصادي والتكنولوجي في بلادنا، في حين يساهم العلماء الجزائريون في صنع ازدهار الدول الأجنبية'.
وقال عن العلماء الجزائريين الذين عاودوا الهجرة إلى الخارج بسبب 'معاناتهم من التهميش ومن عدم جاهزية البيئة الملائمة لتطوير معارفهم في وقت مضى فإن الوقت قد حان لعودتهم خاصة بعد التحسن المسجل في ظروف البحث العلمي إثر التشجيع والإمكانات الضخمة التي توفرها الدولة الجزائرية في هذا المجال'.
وكان أوراق كشف في تصريح سابق من هذا الشهر أن البحث العلمي في الجزائر قفز من المرتبة السابعة إلى الثالثة على المستوى الإفريقي بينما تصنف الجزائر في المركز الأول إفريقيا في الفيزياء وعلوم المواد والروبوتيك. بحسب يونايتد برس.
وأشار إلى أن الجزائر لا تزال تسجل 'عجزا كبيرا' في الموارد العلمية 'ففيها 480 باحثا لكل مليون نسمة' معتبرا أن هذا العدد قليل 'إذا ما قورن بالمعدل العالمي 1080 باحثا لكل مليون نسمة'. وأكد أوراق أن الجزائر لا تتوفر سوى على 25 مركزا للبحث العلمي بينما يصل المعدل العالمي إلى 100 مركز. وتحصي الجزائر 1100 باحث دائم على مستوى هذه المراكز.
........
شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/نيسان/2011
محمد حميد الصواف
..........
يجمع اغلب المحللين السياسيين على ان الجزائر نأت بنفسها عن سياق الثورات العربية على الرغم من تردي الوضع السياسي والاقتصادي هنام لأسباب قد تكون منطقية بحسب البعض، حيث عانى سكان الجزائر لسنوات من حرب اهلية مكلفة، افقد البلاد امنها واستقرارها بشكل مدمي لا تزال ذكراها عالقة في اذهان الكثير من ابناء الشعب هناك.
حيث اختزل الجزائريون تطلعاتهم الى الاصلاح ببعض المسائل الصغيرة العالقة تجنبا لأي فوضى محتملة قد تعقب اي حراك قد يزعزع من استقرار السلطة السياسية، اسوة بما حصل في تونس او مصر او بعض الدول العربية الاخرى.
وتتهم العديد من الاحزاب والحركات السياسية بالإضافة الى بعض المنظمات الحقوقية الرئيس الجزائري بو تفليقه قيامه بانتهاكات دستورية وانسانية متعددة، طالبت خلال بعض التظاهرات الاخيرة بالتغيير او الاصلاح السياسي السريع.
.......
الربيع العربي
فقد ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الشعب الجزائري على ما يبدو بصدد التخلف عن ركب "الربيع العربي"، فقبل أسابيع قليلة بدت الجزائر وكأنها على شفا الدخول فى ثورة عندما نزل الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بالإطاحة بحكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، غير أن هذه الدولة شمال الأفريقية تراقب من بعيد ازدهار الربيع العربي في أماكن متفرقة من البلاد، وتطالب بدلا من التغيرات السياسية برفع الأجور.
وقالت الصحيفة إن الانتفاضات الشعبية هزت عروش العديد من الأنظمة الاستبدادية فى الشرق الأوسط، لكن رغم وجود دول متحمسة للديمقراطية مثل تونس، التي بدأت فيها المظاهرات واستمرت حتى أطاحت بحاكمها الرئيس السابق زين العابدين بن على، إلا أن هناك دول أخرى مثل الجارة الجزائر تنظر إلى التغيير كهدف غير ثابت.
وبدلا من أن ينزل الأطباء والمدرسون وضباط الشرطة المساعدين وعمال النقل للدفاع عن الديمقراطية فى هذه الدولة الغنية بالطاقة، نزلوا للمطالبة برفع أجورهم، وتجنبوا الدعوة للتغيير السياسى.
ورأت "واشنطن بوست" أن الحكومة الجزائرية تسعى حرفيا لشراء الوقت، وذلك من خلال التلفظ بالتنازلات الاقتصادية التى تشتمل على التعهد بمضاعفة الأجر للجميع من ضباط الشرطة إلى كتاب المحاكم، ومنح الملايين منهم أراضي مجانية وقروض رخيصة.
فيما قال رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى ان بلاده ترفض ان تكون مختبرا أو هدفا لأي قوة أجنبية، في اشارة الى ما يحدث من تغييرات في بعض دولها.
وأوضح أويحيى في خطاب ألقاه أمام أعضاء من حزبه، التجمع الوطني الديموقراطي، ان حزبه «يرفض ان تكون الجزائر مختبرا لأي قوة كانت ولا هدفا لأية هيمنة خارجية كانت».
واعتبر أويحيى ان الجزائر «عاشت ربيعها الديموقراطي منذ عشرين سنة...ودفعت ضريبة دموية جراء الحسابات السياسية والبحث عن السلطة من أجل السلطة».
وأشار أويحيى الى ان تشديد المعارضة الجزائرية للهجتها تجاه الحكومة والنظام السياسي يعتبر دليلا على الحرية والديموقراطية التي تشهدها البلاد.
وقال ان الجزائر تشهد «انتخابات تعددية تتم عن طريق صناديق الاقتراع وعن طريق الاختيار الحر وللشعب».
وخاطب أويحيى المعارضة التي تضغط بشدة في الشهرين الأخيرين على خلفية موجة التغييرات في المنطقة العربية بأن «الديموقراطية والحرية ليست بالأمر المنتظر في الجزائر».
واعتبر أويحيى ان الاجراءات التي اتخذتها الحكومة بخصوص التشغيل والسكن والاستثمار ردا على الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في يناير الماضي بسبب غلاء المعيشة «سمحت بالحفاظ على استقرار البلاد مثلما أحبطت تطلعات ومناورات أولئك الذين كانوا يأملون في رؤية الجزائر تغرق في متاهة جهنمية جديدة».
.........
أرضية للتغيير الديموقراطي
في سياق متصل أعلنت التنسيقية الوطنية للتغيير والديموقراطية في الجزائر المعارضة "أرضية للتغيير الديموقراطي" تنص على حل كل الهيئات المنتخبة ووضع دستور جديد وتعيين حكومة انتقالية. وقال مولاي شنتوف ممثل الحزب العلماني الديموقراطي (غير معتمد) داخل جناح الاحزاب في التنسيقية خلال مؤتمر صحافي أن المقصود بالهيئات المنتخبة "المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة (غرفتا البرلمان) وكل مجالس البلديات والولايات (المحافظات)".
وتلحظ الارضية "تعيين مجلس وطني للانتقال الديموقراطي" يتشكل من "شخصيات تناضل من اجل التغيير الديموقراطي ولا يحق لها الترشح لأي منصب مسؤولية بعد الفترة الانتقالية" التي ينبغي ان تستمر 12 شهرا.
ويقوم المجلس بمجرد انشائه "بحل كل الهيئات المنتخبة وتعيين حكومة انتقالية وتحرير دستور جديد يقدم للاستفتاء امام الشعب الجزائري". وتأسست التنسيقية الوطنية للتغيير والديموقراطية في 21 كانون الثاني/يناير بعد الاحتجاجات على غلاء الاسعار في الجزائر والتي خلفت خمسة قتلى و800 جريح. بحسب فرانس برس.
لكن التنسيقية انقسمت الشهر الماضي الى جناحين، جناح الاحزاب بقيادة التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية وجناح المنظمات المدنية بقيادة الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان.
ونصت ارضية التغيير ايضا على ان يكون الجيش "تحت سلطة مجلس الانتقال الديموقراطي" وتكون مهمته "الدفاع عن الوطن والطابع الجمهوري والديموقراطي للدولة".
وعن المهلة الزمنية لتنفيذ هذه المطالب والاصلاحات قال مولاي شنتوف ان "المدى الزمني مرتبط بموازين القوى (بين السلطة والمعارضة) فنحن نلاحظ ان كل المجتمع يتحرك وليس مناضلي التنسيقية وحدهم". واضاف "كما ان العالم كله يتحرك ولا مجال لان تشكل الجزائر استثناء في الوطن العربي ولا يمكن ان تشكل استثناء".
واكدت التنسيقية أنها ستواصل المسيرات الاسبوعية كل يوم سبت في الجزائر العاصمة "رغم القمع" الذي تتعرض له.
......
كسب الوقت
من جانبها اتهمت جبهة القوى الاشتراكية المعارضة في الجزائر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالسعي الى "كسب الوقت" باعلانه اصلاحات سياسية تنص خصوصا على تعديل دستوري. وقال السكرتير الاول للجبهة كريم طابو الجمعة في تجمع شعبي في سطيف (300 كلم شرق العاصمة) ان "الهدف الاساسي (من) خطاب رئيس الجمهورية هو كسب الوقت والسعي وراء استعادة المصداقية الدولية والرأي العام الدولي".
وقد اعلن الرئيس بوتفليقة في 15 نيسان/ابريل في اول خطاب متلفز منذ بداية الانتفاضات في العالم العربي تعديل الدستور والقانون الانتخابي والقانون حول الاحزاب وقانون الاعلام. واعرب طابو عن اسفه "لمجاملة وتواطؤ المواقف الفرنسية والاميركية التي تدعي تصديق اصلاحات بدون ضمانة".
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بعد خطاب بوتفليقة ان الاصلاحات المعلنة ماضية "في الطريق السليم". بحسب فرانس برس.
وقال طابو متسائلا "من يتصور ان هذه الحكومة وهذا المجلس الوطني ومجلس الامة يستطيع ان يقود الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟". واضاف "ليس هناك سوى رئيس الدولة والوزراء والنواب ونواب مجلس الامة الذين ما زالوا يظنون ذلك".
وشدد على "المطالب الاجتماعية من عمل وسكن وراتب لائق وتكافؤ الفرص، وهي كلها مطالب سياسية"، موضحا ان "الجزائريين ليسوا أحرارا ولا يتمتعون بالديمقراطية".
وليس لجبهة القوى الاشتركية التي يقودها الزعيم التاريخي حسين آيت احمد، نوابا لانها قاطعت الانتخابات التشريعية سنة 2007 التي شابتها عمليات تزوير حسب المعارضة.
وقال طابو ان "النظام وليد انقلاب عسكري ونجا بفضل انقلابات اخرى، وبفرض حالة الطوارئ وتدابير قانونية امنية لمكافحة الارهاب طال مفعولها في ظل تعديلات دستورية وانتخابات مزورة". وتساءل "كيف لنا ان نعتقد ان هذا النظام قادر على تحقيق ما عجز عن تحقيقه منذ الاستقلال؟". واشار طابو الى "تدهور الوضع الامني في البلاد في الآونة الأخيرة" مؤكدا نه "يثير عدة تساؤلات".
.........
جيوب فارغة
ويواجه الجزائريون منذ اشهر ازمة حادة في السيولة النقدية لدرجة ان اجور العمال والموظفين تدخل حساباتهم كل شهر في مراكز البريد لكنهم لا يستطيعون سحبها وفي احسن الاحوال يفرض عليهم سحب مبالغ بسيطة.
ومنذ سنوات، تعاني الجزائر من حين لآخر من نقص في السيولة في مراكز البريد خصوصا مع اقتراب المناسبات التي تكثر فيها المصاريف كالاعياد ورمضان وعطلة الصيف.
وفي الاشهر الاخيرة اصبحت ازمة السيولة دائمة ولم تجد لها الحكومة حلا سوى اصدار ورقة نقدية بقيمة الفي دينار (26 دولار) ابتداء من 28 نيسان/ابريل. وتمثل ورقة الالفي دينار ضعف اكبر ورقة نقدية متداولة حاليا وهي الف دينار. وعزا وزير المالية كريم جودي نقص السيولة النقدية على مستوى المصارف ومراكز البريد الى كثرة الطلب على الاموال نتيجة زيادات الاجور.
وقال جودي لوكالة الانباء الجزائرية ان "نقص الاوراق المالية راجع الى الفرق الكامن بين تموينات بنك الجزائر، المؤسسة التي تصدر النقود والطلب الكبير على مستوى مراكز البريد التي تزايدت خلال الاشهر الستة الاخيرة نتيجة للزيادة في اجور عمال الوظيف العمومي" اي القطاع العام. واستفاد كل الموظفين من زيادات متفاوتة في الاجور وصلت في بعض الاحيان الى 50 بالمائة، وباثر رجعي من 2008.
وقال جودي ان لجوء البنك المركزي الى اصدار ورقة مالية جديدة قيمتها 2000 دينار "جاء للاستجابة بسرعة للطلب على الاوراق النقدية". ويبلغ عدد العاملين في القطاع العام 1,6 مليون موظف يضاف اليهم مليوني متقاعد يتقاضون كل شهر رواتبهم في مراكز بريد الجزائر.
وتدير مؤسسة بريد الجزائر اكبر حصة من الاموال في السوق المالية الجزائرية. ويقدر عدد زبائنها باكثر من 12 مليونا اي حوالي ثلث سكان الجزائر البالغ عددهم 35 مليون نسمة.
وتقول الاستاذة الجامعية ميسان موسى لوكالة فرنس برس "راتبي حوالى 60 الف دينار (800 دولار). عندما اتقدم الى مكتب البريد لسحب راتبي لا يسمح لي بسحب سوى عشرين الف دينار كل مرة".
واضافت هذه السيدة التي كانت تتحدث في اكبر مركز للبريد في وسط العاصمة الجزائرية "اعيش على هذه الحال منذ حوالى سنة ما جعل حسابي نظريا مليئا بالاموال لكني في الحقيقة لا اتمكن من سحبها".
واكد موظف في مركز البريد نفسه ان الحد الأعلى للسحب محدد بعشرين الف دينار في اليوم، مع امكانية سحب نفس المبلغ في اليوم التالي. ووزعت مؤسسة بريد الجزائر مجانا بطاقات للسحب الالي للاموال.
لكن استعمالها صعب خصوصا من قبل المتقاعدين المسنين الذين يصعب عليهم تذكر الرقم السري بينما لا يعرف كثيرون منهم القراءة والكتابة ويحتاجون لمساعدة موظف البريد لسحب اموالهم.
اما عمليات الدفع الالكتروني فتكاد تكون معدومة بسبب عدم توفر الاجهزة في كل المحلات التجارية وكذلك لتعود الجزائريين على الدفع نقدا. وحتى التجار الكبار يتعاملون بالملايين نقدا بدون ان تدخل اموالهم البنوك.
وحاولت الدولة فرض استخدام الشيكات المصرفية والصكوك البريدية للمبالغ التي تتعدى 50 الف دينار (666 دولار). لكنها تراجعت عن ذلك بعد احتجاجات ضد غلاء الاسعار في كانون الثاني/يناير الماضي. وكان يفترض ان يدخل هذا الاجراء حيز التنفيذ اعتبارا من آذار/مارس الماضي.
وقد صرح وزير البريد وتكنولوجيات الاعلام والاتصال موسى بن حمادي ردا على سؤال في البرلمان من قبل انه يعول كثيرا على فرض استخدام الشيك للتخفيف من ازمة السيولة.
وعزا الوزير الجزائري المشكلة اساسا الى مختلف الادارات التي تصب اجور موظفيها في وقت واحد. كما حمل زبائن بريد الجزائر المسؤولية لانهم يسحبون كل راتبهم دفعة واحدة. ولا تستطيع الادارات تغيير تاريخ دفع الاجور ولو بضعة ايام لأن ذلك سيثير غضب الموظفين. كما ان هؤلاء الموظفين مضطرون لسحب كل اجورهم لمواجهة غلاء الاسعار، لذلك "لن يكون حل مشكل السيولة النقدية غدا"، حسبما راى موظف في بريد الجزائر.
....
حان وقت التغيير
من ناحيته يدعو روائي جزائري صاحب أكثر الاصدارات الادبية انتشارا في العالم حكام الجزائر الى ضرورة الاستجابة لمطالب التغيير ببدء نقاش حول الوجهة التي يتعين أن تتجه اليها البلاد مستقبلا بعد سنوات من العنف والفرص الضائعة.
وترجمت أعمال الروائي الجزائري محمد مولسهول الذي اشتهر في العالم باسمه المستعار ياسمينة خضراء الى 33 لغة يباع منها أربعة ملايين نسخة في أرجاء العالم.
وتستند أعمال الروائي الى قضايا معاصرة في العالم الاسلامي وقال انه اختياره اسم امرأة كاسم مستعار له علامة على احترامه للمرأة الجزائرية.
وكتابات مولسهول السابقة كانت عن العراق وأفغانستان والصراع الاسرائيلي الفلسطيني ولديه اراء قوية حول ما يحدث في بلده الجزائر.
وعانت الجزائر من صراع بين المتشددين الاسلاميين والقوات الحكومية في معظم سنوات العقدين المنصرمين بينما يقول معارضون ان طبقة الموظفين فاسدة لا تتسم بالكفاءة ولا تسمح بحريات ديمقراطية حقيقية.
وقال مولسهول (56 عاما) في ردود مكتوبة على أسئلة أرسلتها له رويترز ان الجزائري متعجل ويريد حلا فوريا ولا يمكن أن نفهم ذلك. وتابع قائلا ان حياة الجزائري سلسلة من الاخفاقات وخيبة الامل والتضرر في عقيدته وطالب بتحسين غير مشروط لظروف معيشته وبحسن المعاملة وبحقه في أن يحلم.
ويقول مولسهول الذي خدم لثلاثة عقود كضابط في القوات المسلحة الجزائرية انه يتعين على بوتفليقة (74 عاما) أن يحدد رؤيته. ولم يتحدث الرئيس للجمهور لشهور مما أشعل الشائعات حول مرضه والتي نفاها المسؤولون.
وقال ان مطالب الشعب الجزائري ليست موجهة لدكتاتور وانما الى رئيس يجب أن يعبر عن نفسه. وأضاف أن دوائر صنع القرار يجب أن تنفتح للموهبين الاصغر سنا وفي الجزائر كثير منهم.
وقال مولسهول ان هناك حاجة لاجراء نقاش وطني بشأن طموحات الشعب واقتراحات الشباب المشروعة. وأضاف أن سوء الفهم يسكن في عدم القدرة على الانصات لبعضنا بعضا.
وشهد مولسهول كضابط جيش في الجزائر الكثير من الفظائع أثناء الصراع مع الاسلاميين التي بلغت ذروتها في التسعينات. وكان من مقتضيات عمله ان يكتب تقارير رسمية عن المجازر التي ارتكبها المتشددون. واختار اسما مستعارا لكتاباته الاولى لانه لم يكن مسموحا له كضابط أن يعرف كمؤلف.
ويعيش مولسهول الان في باريس ومن بين رواياته التي يكتبها بالفرنسية "خطاف كابول" التي تدور أحداثها في أفغانستان بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة و"الهجوم" التي تدور أحداثها على خلفية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
....
منع التظاهر
الى ذلك استخدمت قوات الشرطة الهراوات لمنع المئات من المشرفين التربويين من التظاهر امام المجلس الشعبي الوطني (برلمان) في الجزائر. وفي الوقت نفسه تقريبا، وعلى بعد نحو كيلومترين، منعت الشرطة تنظيم مسيرة نظمتها التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية، التي تضم احزابا سياسية.
وقال مراد فرطاقي، المنسق الوطني لمساعدي التربية (مشرفون على المدارس والثانويات) "منعتنا الشرطة من التجمع امام البرلمان. لقد ضربوا بعض المتظاهرين بالهراوات". ولكنه قال انه لا يوجد جرحى. وقال شاهد لفرانس برس انه رأى شرطيين يضربون المتظاهرين الذين بلغ عددهم المئات.
وقال فرطاقي ان ما بين 2500 و3000 شخص حضروا للمشاركة في التجمع الذي كان مقررا امام مقر رئاسة الجمهورية، ولكن الشرطة منعتهم من الوصول.
ويطالب المشرفون على المدارس وعددهم نحو 50 الفا بالحصول على وضع "مستشار تربوي" وبتحسين اجورهم. بحسب فرانس برس.
وفي ساحة الاول من مايو، حيث دعت تنسيقية التغيير، ككل يوم سبت، الى التظاهر للمرة الحادية عشرة من اجل "تغيير النظام"، طوقت الشرطة نحو 30 متظاهرا بينهم الرئيس الفخري للرابطة الجزائرية لحقوق الانسان، علي يحي عبدالنور.
ومنذ الصدامات واعمال الشغب التي اوقعت خمسة قتلى واكثر من 800 جريح بداية كانون الثاني/يناير خلال تظاهرات مناهضة للغلاء، شهدت العاصمة الجزائرية عدة مواكب احتجاجية.
وتظاهر الطلاب للمطالبة بتحسين المناهج الجامعية، ولكن الشرطة فرقتهم في 12 نيسان/أبريل بالهراوات، فاصيب بعضهم بجروح.
ودعا مقرر الامم المتحدة لحماية الحق في حرية الراي والتعبير، فرانك لا رو، خلال زيارة للجزائر في 17 نيسان/ابريل الى عدم استخدام القوة ضد التظاهرات السلمية.
.......
دعم نظام القذافي
من جهته صرح وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي ان اتهام الجزائر بارسال مرتزقة الى ليبيا لدعم نظام العقيد معمر القذافي ضد الثوار هي مناورات لكسب الوقت، مؤكدا ان نظيره الفرنسي الان جوبيه يقاسمه هذا الرأي. وقال مدلسي في تصريح للاذاعة الجزائرية "سبق لنا تكذيب هذه الاتهامات. وبالاضافة الى ذلك كانت لدينا الفرصة للحديث في هذاالموضوع مع العديد من الشركاء ومنهم وزير الدولة (الفرنسي) آلان جوبيه الذي وصف هذه المعلومات الغريبة +بالاشاعات+". واضاف "في ما يخص هذه المناورات نعتبرها مناورات لربح الوقت تعتمد على اجندات لا علاقة لها بالقضية الليبية بل ترتبط بقضايا اقدم من الازمة الليبية".
وقال مدلسي بخصوص محادثاته مع نظيره الفرنسي ان جوبيه "نفسه وصف بالاشاعات قليلة المصداقية هذه المعلومات الغريبة التي تجعل الجزائر طرفا في النزاع الليبي".
وصرح جوبيه خلال لقاء مع جمعية الصحافة الدبلوماسية الفرنسية "اجريت محادثات ودية مع نظيري" الجزائري. واضاف "قلت له +هناك معلومات تفيد ان القذافي تلقى من الجزائر عدة مئات من السيارات العسكرية وعلى متنها ذخائر+". وتابع "طرحت عليه السؤال واكد لي ان هذا الامر ليس صحيحا".
وقال الثوار الليبيون قبل عشرة ايام انهم اسروا 15 مرتزقة جزائريا في اجدابيا وقتلوا ثلاثة اخرين في معارك ضارية في هذه المدينة شرق البلاد.
واكد المتحدث باسم الثوار ايضا ان "المرتزقة الذين اسروا لم تكن في حوزتهم اوراق ثبوتية" لكنهم "قالوا انهم جزائريون وكانت لهجتهم جزائرية". واضاف مسؤول الاعلام في المجلس الوطني الانتقالي محمود شمام في تصريح لوكالة فرانس برس الثلاثاء "نواجه آلة عسكرية رهيبة والقذافي يحصل على دعم بما في ذلك عبر دول عربية مثل الجزائر التي حصل عبرها على 500 مركبة رباعية الدفع بحسب مصادر اوروبية صديقة". بحسب فرانس برس.
ووصف وزير الخارجية الجزائري الوضع في ليبيا بأنه "جد معقد" وقال ان الليبيين "يتقاتلون في ما بينهم واطراف اخرى تساعد على ان تستمر الحرب وتزداد حدتها".
أما بخصوص الحل الذي تراه الجزائر مناسبا للخروج من الازمة رأى مدلسي انه لا خيار سوى الحل السياسي. وقال "اعتقادنا هو انه بعد وقف اطلاق النار ووضع آلية لاحترامه يبقى الحل الوحيد العقلاني والذي يلقى الاجماع هو الحل السياسي".
وثمن مدلسي جهود وفد الوساطة الافريقية واعتبر انه "حدث تطور بعد تنقل مجموعة الوساطة الافريقية وسجلت اتصالات لأول مرة بين طرفي النزاع في ليبيا" وتابع " لا يمكننا القول أن هذه الاتصالات الاولية سمحت بحل المشكل بما أننا نعرف موقف الطرف الليبي المتمركز في بنغازي لكننا لا نفقد الامل خاصة اذا ضمت المجموعة الدولية جهودها الى جهود الاتحاد الافريقي لفرض الحل السياسي على الجميع".
وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز المتحدث باسم وفد الوساطة الافريقية، عنما زار الجزائر قبل أسبوعين ان الاتحاد الافريقي مصمم على الوصول الى وقف لاطلاق النار في ليبيا " حفاظا على المصالح العليا للشعب الليبي".
............
700 مليون دولار على 25 الف باحث وخبير لم يعودوا
من جانب آخر كشف المدير العام للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية عبد الحفيظ أوراق أن الجزائر خسرت ما قيمته 700 مليون دولار جراء البعثات العلمية التي أرسلتها طيلة 40 عاما الأخيرة شملت 25 ألف باحث وخبير لم يعودوا أبدا إلى الجزائر.
وقال أوراق في تصريح لإذاعة الجزائر الحكومية امس الخميس إن 'الدولة الجزائرية تكبدت خسائر بقيمة 700 مليون دولار وهي قيمة تكاليف تكوين (تدريب وتعليم) طلبة جامعيين وباحثين جزائريين تم إرسالهم إلى الخارج على مدى الأربعين سنة الماضية'.
وأشار إلى 'امتناع 25 ألفا منهم عن العودة إلى الوطن، وهو ما يعادل 50 بالمئة من العدد الإجمالي للباحثين والأساتذة الجامعيين والطلبة الذين استفادوا من منح التكوين بالخارج منذ سنة 1970'.
وقال إن 'الفترة ما بين 1970 و1990 شهدت ارتفاعا كبيرا في عدد المنح المقدمة للجامعيين على اختلاف مستوياتهم إذ بلغ عدد المستفيدين 20 ألفا وبلغت تكاليف تكوينهم آنذاك 420 مليون دولار، بينما تقلصت هذه التكاليف إلى 36 مليون دولار في الفترة ما بين 1994 و2006 بسبب تراجع عدد المنح المقدمة'.
وعزا تراجع الحكومة في تقديم المنح المالية للباحثين إلى الخارج بسبب 'تسجيل عودة حوالي 50 بالمئة فقط من الأدمغة الجزائرية'.
واعتبر أوراق أن 'هذه الهجرة هي واحد من أهم أسباب التأخر الكبير المسجل في مجال التقدم الاقتصادي والتكنولوجي في بلادنا، في حين يساهم العلماء الجزائريون في صنع ازدهار الدول الأجنبية'.
وقال عن العلماء الجزائريين الذين عاودوا الهجرة إلى الخارج بسبب 'معاناتهم من التهميش ومن عدم جاهزية البيئة الملائمة لتطوير معارفهم في وقت مضى فإن الوقت قد حان لعودتهم خاصة بعد التحسن المسجل في ظروف البحث العلمي إثر التشجيع والإمكانات الضخمة التي توفرها الدولة الجزائرية في هذا المجال'.
وكان أوراق كشف في تصريح سابق من هذا الشهر أن البحث العلمي في الجزائر قفز من المرتبة السابعة إلى الثالثة على المستوى الإفريقي بينما تصنف الجزائر في المركز الأول إفريقيا في الفيزياء وعلوم المواد والروبوتيك. بحسب يونايتد برس.
وأشار إلى أن الجزائر لا تزال تسجل 'عجزا كبيرا' في الموارد العلمية 'ففيها 480 باحثا لكل مليون نسمة' معتبرا أن هذا العدد قليل 'إذا ما قورن بالمعدل العالمي 1080 باحثا لكل مليون نسمة'. وأكد أوراق أن الجزائر لا تتوفر سوى على 25 مركزا للبحث العلمي بينما يصل المعدل العالمي إلى 100 مركز. وتحصي الجزائر 1100 باحث دائم على مستوى هذه المراكز.
........
شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/نيسان/2011