ماذا بقي من ربيع "الشباب العربي"؟
كثيرا ما يعبر بعض الشباب العرب عن استيائهم لما وصلت إليه الأوضاع في بلدانهم بعد مرور سنوات على ما يعرف بالربيع العربي. فهل هذا تعبير عن حالة ندم على ما حدث أم هي بداية جديدة لتحسين الأوضاع في تلك البلدان من جديد؟
مرت أكثر من ثلاث سنوات على انطلاق الشرارة الأولى لما بات يعرف بالربيع العربي. وخلال هذه السنوات شهد العالم العربي، وخصوصا البلدان التي اندلعت فيها الثورات، تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة. غير أن هذه التغيرات لم تكن في مجملها في صالح الشباب. فعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي مثلا - وحسب تقارير إحصائية وإعلامية - ازداد معدل البطالة في عدد من الدول العربية.
ففي الربع الثالث من 2014 بلغ معدل البطالة 9.6% في المغرب بزيادة قدرت بـ 0.5 في المائة حسب المندوبية السامية المغربية للإحصاء. أما مصر فقد ازداد فيها معدل البطالة من 11.9% خلال عام 2011 إلى 13.3% في العام الجاري حسب الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء.
إلى جانب الوضع الاقتصادي للشباب سجلت منظمات حقوقية دولية تراجعا على مستوى الحريات وحقوق الإنسان وهو ما ارتبط أيضا بتراجع المشاركة السياسية في عدد من الدول العربية، إذ عرفت مصر وتونس تراجعا في المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ومع هذه المعطيات يتساءل البعض عن الأهداف التي حققها الربيع العربي الذي انطلق من تونس رافعا شعار الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
الأمن أو الشغل؟
بسمة سراج، باحثة مساعدة في الجامعة الأمريكية في القاهرة قالت في برنامج "شباب توك" على قناة DW عربية إن ارتفاع البطالة في مصر "يعود إلى عدم وجود الأمن وهو ما أدى إلى هروب رجال الأعمال".
غير أن خولة أجنان وهي صحفية مغربية تنتمي لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة الائتلافية في المغرب، ترى أنه "لا يمكن إرجاع كل أسباب البطالة إلى الوضع الأمني، لأنه قبل الثورات العربية لم يكن وضع الشغل أفضل من اليوم."
وحسب دراسة أصدرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة فإن أولويات المواطنين تغيرت من أولوية الشغل سنة 2011 إلى أولوية الأمن 2014.
وتقول بسمة سراج لبرنامج شباب توك: "عمري هو 22 عاما لكن لم أشعر بالخوف في حياتي خلال كل هذه الأعوام في مصر كما شعرت به السنة الماضية."
ويرى بعض الشباب أن مشكلة البطالة تتعلق بإستراتيجية الدولة الاقتصادية، كما يقول المدون التونسي أحمد مدين: "في تونس الدولة لم تتجه إلى تقوية الاستثمار الخاص، هذا بالإضافة إلى البيروقراطية الشديدة التي قد تدفع بعض الشباب للتخلي عن مشاريعهم بسبب هذه التعقيدات البيروقراطية."
حقوق الإنسان و الحريات و أولويات أخرى
في بداية الربيع العربي كانت آمال الشباب معقودة على الديمقراطية والحرية في بلدانهم الأمر الذي لم يتحقق، وذلك حسب مؤسسات دولية في المجال الحقوقي كمنظمة العفو الدولية أو مؤسسة هيومن رايتس ووتش. فقد قالت الأخيرة في بيان لها إن المغرب مثلا "كان في وقت ما بارزا كخلية للأنشطة المستقلة لحقوق الإنسان، ولكن السلطات دأبت في الآونة الأخيرة على منع الأنشطة يمينا ويسارا والتي حاولت بعض المجموعات الأكثر انتقادا لها تنظيمها." في حين انتقدت العديد من المنظمات الدولية الاعتقالات السياسية في مصر وقانون الجمعيات الأهلية الجديد.
بسمة سراج، الباحثة المساعدة في الجامعة الأمريكية في القاهرة أكدت لبرنامج "شباب توك" أنها تستطيع أن تتكلم في كل المواضيع السياسية التي تريد مع أصدقائها في جلسات خاصة، لكن قد يصعب ذلك في المجال العمومي. غير أنها أضافت أن "الإعلام يضخم القضايا الحقوقية ويعطيها أبعادا أكبر مما تستحق" على حد تعبيرها. رغم ذلك لا تنفي بسمة سراج أن هناك "انتهاكات لحقوق الإنسان ليس فقط من طرف الحكومة وإنما من جزء من الشعب الذي أصبح يكره النشاط السياسي."
وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الربيع العربي لا يزال الشباب العربي يبحث عن حياة أفضل في مجالات متعددة غير الشغل والأمن وحقوق الإنسان، كما رصد برنامج " شباب توك" من خلال رصده لآراء الشباب في تونس والمغرب. إذ تحدث الشباب المغربي عن أولوياته التي حددها في تمثيلية الشباب في القرار السياسي، وبنية تحتية جيدة، والتصدي للجريمة، ووضع أفضل للمرأة، بالإضافة إلى توفير مؤسسات ثقافية وترفيهية للشباب. في حين انصبت آراء الشباب التونسي على مشكلة القيادات السياسية الكبيرة في السن، إذ أجمع الكثير من الشباب على رغبتهم في الوصول إلى مركز القرار وإعطائهم فرصة لتسيير البلاد.
.......
25.11.2014
موقع صوت ألمانيا
كثيرا ما يعبر بعض الشباب العرب عن استيائهم لما وصلت إليه الأوضاع في بلدانهم بعد مرور سنوات على ما يعرف بالربيع العربي. فهل هذا تعبير عن حالة ندم على ما حدث أم هي بداية جديدة لتحسين الأوضاع في تلك البلدان من جديد؟
مرت أكثر من ثلاث سنوات على انطلاق الشرارة الأولى لما بات يعرف بالربيع العربي. وخلال هذه السنوات شهد العالم العربي، وخصوصا البلدان التي اندلعت فيها الثورات، تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة. غير أن هذه التغيرات لم تكن في مجملها في صالح الشباب. فعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي مثلا - وحسب تقارير إحصائية وإعلامية - ازداد معدل البطالة في عدد من الدول العربية.
ففي الربع الثالث من 2014 بلغ معدل البطالة 9.6% في المغرب بزيادة قدرت بـ 0.5 في المائة حسب المندوبية السامية المغربية للإحصاء. أما مصر فقد ازداد فيها معدل البطالة من 11.9% خلال عام 2011 إلى 13.3% في العام الجاري حسب الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء.
إلى جانب الوضع الاقتصادي للشباب سجلت منظمات حقوقية دولية تراجعا على مستوى الحريات وحقوق الإنسان وهو ما ارتبط أيضا بتراجع المشاركة السياسية في عدد من الدول العربية، إذ عرفت مصر وتونس تراجعا في المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ومع هذه المعطيات يتساءل البعض عن الأهداف التي حققها الربيع العربي الذي انطلق من تونس رافعا شعار الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
الأمن أو الشغل؟
بسمة سراج، باحثة مساعدة في الجامعة الأمريكية في القاهرة قالت في برنامج "شباب توك" على قناة DW عربية إن ارتفاع البطالة في مصر "يعود إلى عدم وجود الأمن وهو ما أدى إلى هروب رجال الأعمال".
غير أن خولة أجنان وهي صحفية مغربية تنتمي لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة الائتلافية في المغرب، ترى أنه "لا يمكن إرجاع كل أسباب البطالة إلى الوضع الأمني، لأنه قبل الثورات العربية لم يكن وضع الشغل أفضل من اليوم."
وحسب دراسة أصدرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة فإن أولويات المواطنين تغيرت من أولوية الشغل سنة 2011 إلى أولوية الأمن 2014.
وتقول بسمة سراج لبرنامج شباب توك: "عمري هو 22 عاما لكن لم أشعر بالخوف في حياتي خلال كل هذه الأعوام في مصر كما شعرت به السنة الماضية."
ويرى بعض الشباب أن مشكلة البطالة تتعلق بإستراتيجية الدولة الاقتصادية، كما يقول المدون التونسي أحمد مدين: "في تونس الدولة لم تتجه إلى تقوية الاستثمار الخاص، هذا بالإضافة إلى البيروقراطية الشديدة التي قد تدفع بعض الشباب للتخلي عن مشاريعهم بسبب هذه التعقيدات البيروقراطية."
حقوق الإنسان و الحريات و أولويات أخرى
في بداية الربيع العربي كانت آمال الشباب معقودة على الديمقراطية والحرية في بلدانهم الأمر الذي لم يتحقق، وذلك حسب مؤسسات دولية في المجال الحقوقي كمنظمة العفو الدولية أو مؤسسة هيومن رايتس ووتش. فقد قالت الأخيرة في بيان لها إن المغرب مثلا "كان في وقت ما بارزا كخلية للأنشطة المستقلة لحقوق الإنسان، ولكن السلطات دأبت في الآونة الأخيرة على منع الأنشطة يمينا ويسارا والتي حاولت بعض المجموعات الأكثر انتقادا لها تنظيمها." في حين انتقدت العديد من المنظمات الدولية الاعتقالات السياسية في مصر وقانون الجمعيات الأهلية الجديد.
بسمة سراج، الباحثة المساعدة في الجامعة الأمريكية في القاهرة أكدت لبرنامج "شباب توك" أنها تستطيع أن تتكلم في كل المواضيع السياسية التي تريد مع أصدقائها في جلسات خاصة، لكن قد يصعب ذلك في المجال العمومي. غير أنها أضافت أن "الإعلام يضخم القضايا الحقوقية ويعطيها أبعادا أكبر مما تستحق" على حد تعبيرها. رغم ذلك لا تنفي بسمة سراج أن هناك "انتهاكات لحقوق الإنسان ليس فقط من طرف الحكومة وإنما من جزء من الشعب الذي أصبح يكره النشاط السياسي."
وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الربيع العربي لا يزال الشباب العربي يبحث عن حياة أفضل في مجالات متعددة غير الشغل والأمن وحقوق الإنسان، كما رصد برنامج " شباب توك" من خلال رصده لآراء الشباب في تونس والمغرب. إذ تحدث الشباب المغربي عن أولوياته التي حددها في تمثيلية الشباب في القرار السياسي، وبنية تحتية جيدة، والتصدي للجريمة، ووضع أفضل للمرأة، بالإضافة إلى توفير مؤسسات ثقافية وترفيهية للشباب. في حين انصبت آراء الشباب التونسي على مشكلة القيادات السياسية الكبيرة في السن، إذ أجمع الكثير من الشباب على رغبتهم في الوصول إلى مركز القرار وإعطائهم فرصة لتسيير البلاد.
.......
25.11.2014
موقع صوت ألمانيا