قناة الجزيرة القطرية..صناعة العنف الاعمى و التحريض المزمن
قناة الجزيرة القطرية التي لمع اسمها بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001، بسبب تغطيتها المباشرة للحرب في أفغانستان وباقي الحروب الاخرى، كانت و لاتزال محط انتقاد الكثير من الشخصيات و وسائل الاعلام الاخرى، التي تعارض نهجها الاعلامي المحرض كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان هذه القناة اصبحت اليوم منبر اعلامي خاص للتنظيمات الارهابية و الجماعات الأصولية المختلفة، و هو ما افقدها الكثير من متابعيها خصوصا و انها قد سعت الى تشوية الحقائق و نقل الصورة المفبركة و بتمويل سخي من الحكومة القطرية، التي تجاهلت كل النداءات و المناشدات الدولية و الاقليمية بهذا الخصوص، فالجزيرة و كما يرى البعض أداة في يد النظام القطري، يستخدمها لتصفية الحسابات مع خصومه، و قد نجح في أكثر من مرّة في تأجيج الأوضاع في عددٍ من البلدان العربية.
هذا الامر اسهم ايضاً في حدوث خلافات سياسية بين قطر و العديد من الدول العربية، التي عمدت الى ايقاف عمل هذه القناة على ارضيها بسبب سياستها التي تهدد امنها و استقرارها، هذا بالإضافة الى اتخاذ بعض الاجراءات القانونية بحقها، فبالإضافة إلى مصر أغلقت مكاتب الجزيرة في العراق عام 2004 و في البحرين عام 2010 و في سوريا و اضطرت الجزيرة لتجميد نشاطها في السعودية بعد ان سحبت الرياض سفيرها.
و لم تسمح الجزائر و الامارات للجزيرة بالعمل في أراضيها. و لم ينج صحفيوها. فقد اعتقل السوداني سامي الحاج أثناء وجوده في أفغانستان عام 2001 و احتجز في سجن خليج جوانتانامو حتى عام 2008 للاشتباه في صلته بتنظيم القاعدة.
و في عام 2005 حكمت محكمة أسبانية على مراسل القناة تيسير علوني بالسجن بتهمة توصيل أموال للقاعدة. و هذه القضايا و الاعتقالات لاتزال مستمرة.
من جانب اخر يرى البعض ان هناك علاقة سرية بين قناة الجزيرة و اسرائيل التي يعتقد انها تمتلك اسهماً في القناة. و هنالك معطيات تنقلها بعض المصادر، تؤكد وجود رجل أميركي إسرائيلي من أصل يهودي أراد أن يشتري 50% من أسهم الجزيرة عام 2004، و ظلّ يعيد العرض مع زيادة المبلغ المعروض حتّى خريف 2009. هذا الرجل هو حاييم صبّان، رجل أعمال أميركي من أصلٍ يهودي، تربطه علاقة قوّية بإسرائيل. أسّس مركز صبّان لسياسات الشرق الأوسط، كما أنشئ المنتدى الأميركي الإسرائيلي الذي يعمل على تفعيل الحوار مع قادة الفكر و الرأي المسلمين.
و صبّان صديق شخصي لأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، و وزير خارجيتها و رئيس الوزراء حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. فالجزيرة دأبت منذ ظهورها على فتح برامجها للمسؤولين و الصحفيين و السّاسة، و قادة الجيش الإسرائيلي لتبرير جرائمهم للمواطن العربي و نشر أكاذيبهم بطريقة محترفة و معدّة بدّقة.
و يشير البعض إلى علاقة تربط الجزيرة باغتيال بعض القادة الفلسطينيين، ممن تزامن اغتيالهم مع ظهورهم في مقابلاتٍ تلفزيونية على شاشتها. حيث كان يتم استهدافهم بعد إجرائهم لمقابلات و حوارات في برامج تبث على القناة. حيث تساهم مثل هذه الحوارات في تحديد موقع القيادات بدقّة.
و كان لظهور الجزيرة و بحسب بعض المصادر، كقناة إعلامية فضائية عملاقة بإمكاناتها المادية الهائلة و رأسمالها الضخم بغياب الإعلانات عن شاشتها و التّي تشكّل المصدر الأول لواردات أيّ قناةٍ إعلامية قد ساهم في تعزيز الحقيقة القائلة بأنّ تمويلها يتم من قبل الحكومة القطرية.
فمجموع دخل قناة الجزيرة من الإعلانات و الأنشطة التجارية الأخرى لا تساوي 40% من مصاريفها. و الجزيرة انطلقت في بثّها عام 1996 بمبلغ 150 مليون دولارا، منحة من أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، و قد قررت الحكومة لاحقًا استمرار دعمها بمبلغ ثلاثين مليون دولار سنويًا، كلّ هذا الدعم جعل من الجزيرة قناةً مرهونة للحكومة القطرية، تخدم سياستها و تعمل وفق أجندتها دون أن تعمد إلى الإشارة لا من قريب و لا من بعيد إلى أيّ قضايا تتعلق بالشأن الداخلي القطري.
قناة الجزيرة تتحدى منتقديها
وفي هذا الشأن ومنذ عام 2011 وحتى العام الماضي بدا أن الجزيرة بل وقطر ستستفيدان من النظام العربي الجديد. لكن اتفاقا لاقتسام السلطة في تونس التي انطلق منها الربيع العربي والإطاحة بالرئيس الاخواني محمد مرسي في مصر والخسارة العسكرية أمام قوى اسلامية متطرفة في سوريا دحرت الانتصارات التي حققها الاخوان. إلى جانب ذلك تغيرت صورة الجزيرة خلال الربيع العربي من نصير المستضعفين إذ أدت تغطيتها إلى اتهامات من بعض المشاهدين بأنها تدعم الاخوان على جماعات المعارضة الأخرى التي كانت تعمل للاطاحة بالحكام الاستبداديين في تونس ومصر وليبيا.
وقال صاحب متجر في الجزائر يدعى محمد سماي "توقفت عن مشاهدة الجزيرة لأنها لم تعد تنقل الحقيقة للمشاهدين. فهي تزرع المشاكل وتحرض على التدمير في العالم العربي." وقالت مصادر بصناعة الاعلام إن قطر تعتزم فتح قناة إخبارية تسمى العربي على أن تتخذ من لندن مقرا لها. وقال مصدر يشارك في هذا المشروع إن القناة ستتيح الفرصة لكل من يؤيد ثورات الربيع العربي.
غير أن المساعي الرامية لتكوينها تعثرت في الولايات المتحدة. وكانت الشبكة أطلقت قناة الجزيرة أمريكا في أغسطس اب عام 2013 بعدد 12 مكتبا في مدن رئيسية. وأدى فشل الشركة في استقطاب جمهور أمريكي كبير إلى تخفيضات في التكاليف والوظائف وفقا لما ذكرته مصادر مقربة من الجزيرة. ويبلغ عدد مشاهدي القناة في المتوسط 15 ألفا أي نحو نصف عدد مشاهدي قناة كارانت تي.في التي كانت تعمل في الولايات المتحد قبلها. وسيدير قناة العربي عزمي بشارة الفلسطيني الذي يدير مركزا للابحاث في قطر. بحسب رويترز.
ورغم أنه لم يتضح ماهية الرد المرجح من الدول العربية المحافظة في الخليج على اطلاق قناة العربي فإن هذه الدول تضغط بشدة على قطر للحد من تأييدها لجماعات المعارضة في المنطقة. وأخذت السعودية والامارات والبحرين خطوة غير معتادة سحبت فيها سفراءها من الدوحة احتجاجا على ما وصفته بتدخل قطري في شؤونها الداخلية. وقال دبلوماسيون إن هذا التحول ترجع جذوره إلى الاستياء من تغطية الجزيرة للأحداث في هذه المجتمعات.
ألمانيا و أحمد منصور
من جانب اخر أخلت السلطات الألمانية سبيل المذيع البارز في قناة الجزيرة أحمد منصور بعد يومين من احتجازه في سجن ببرلين بناء على طلب من مصر. و قال مكتب الادعاء العام في برلين في بيان إن الإفراج عن منصور جاء بعد عدم تمكن مصر من تبديد المخاوف المتعلقة بعملية التسليم.
و في وقت سابق قال متحدث باسم وزارة الخارجية في مؤتمر صحفي إن ألمانيا لن تسلم أي شخص لأي دولة قد يواجه فيها حكما بالإعدام. و كانت محكمة جنايات القاهرة أصدرت العام الماضي حكما غيابيا بالسجن 15 عاما على منصور الذي يحمل الجنسيتين المصرية و البريطانية بتهمة تعذيب محام في ميدان التحرير بقلب القاهرة خلال انتفاضة 2011 التي كان الميدان مهدها. و ينفي منصور و الجزيرة الاتهام. و صاح منصور امام حشد من انصاره أمام سجن مؤبيد المركزي في برلين قائلا إنه يوجه الشكر لفريق الدفاع و الصحافة الحرة.
و ردد الحشد صيحات التكبير و هتافات مناهضة للنظام الحاكم في مصر الذي جاء في اعقاب عزل الجيش للرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.
و تتهم مصر الجزيرة بأنها بوق لجماعة الإخوان المسلمين. و وضعت قضية منصور ألمانيا في موقف حرج بينما تحاول الموازنة بين المصالح الاقتصادية و حقوق الإنسان. و انتقدت احزاب المعارضة و منظمات حقوقية المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لاستضافتها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. و كان السيسي وزيرا للدفاع عند عزل مرسي.
و كانت محكمة جنايات القاهرة قد استمعت لمرافعة الدفاع في قضية إعادة محاكمة ثلاثة من صحفيي الجزيرة تتهمهم النيابة العامة بمساعدة جماعة إرهابية في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين التي حظرتها مصر و أعلنتها جماعة إرهابية بعد عزل مرسي. و في القضية أفرج عن محمد فهمي الذي يحمل الجنسية الكندية و الذي تنازل عن الجنسية المصرية كما أفرج عن المصري باهر محمد بكفالة في فبراير شباط و ذلك بعد حبسهما لأكثر من عام. بحسب رويترز.
و كانت السلطات قد رحلت في فبراير شباط قبل الإفراج عنهما بقليل المتهم الثالث و هو الاسترالي بيتر جريست إلى بلاده بعد أن قضى 400 يوم في السجن. و عوقب الثلاثة في المحاكمة السابقة بالسجن بين سبع و عشر سنوات لإدانتهم بتهم بينها نشر أخبار كاذبة لمساعدة جماعة الإخوان. و كان الصحفيون الثلاثة نفوا الاتهامات. و ألغت محكمة النقض الحكم في يناير كانون الثاني و أمرت بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى في محكمة جنايات القاهرة.
و يتهم منتقدون الغرب بأنه يغض الطرف عما يقولون إنها حملة تشنها الحكومة المصرية على المعارضة و حرية التعبير. و قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة في وقت سابق لالمانيا بناء على دعوة من المستشارة انجيلا ميركل لكن رئيس البرلمان الألماني ألغى اجتماعا معه بسبب ما وصفها بانتهاكات للحقوق في مصر.
و خلال زيارة السيسي وقعت شركة سيمنس الألمانية الصناعية صفقة مع مصر قيمتها 8 مليارات يورو (9 مليارات دولار) لإنشاء محطات كهرباء تعمل بالغاز و طاقة الرياح. و قال نيلس آنين المتحدث في مجال الشؤون الخارجية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البرلمان الألماني لموقع شبيجل الإلكتروني "إن اعتقال (منصور) يطرح أسئلة كثيرة تحتاج إلى توضيح بأسرع ما يمكن حيث أن ألمانيا لا ينبغي أن تكون تابعا للنظام القضائي المصري الخاضع للسيطرة السياسية."
الجزيرة تطلب بتعويض
على صعيد متصل طلبت قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية القطرية من مصر 150 مليون دولار تعويضا عما قالت إنها أضرار لحقت باستثماراتها الإعلامية فيها بسبب إجراءات اتخذتها الحكومة المصرية في خطوة من المرجح أن تؤدي لمزيد من التدهور في العلاقات القطرية المصرية. و في تحرك يهدف إلى جذب الانتباه إلى ما تصفه الجزيرة بأنه معاملة غير مقبولة من مصر لها و لصحفييها قال محام يعمل للقناة إنه قدم طلبا قانونيا إلى ممثل للحكومة المصرية بتفاصيل الأضرار التي لحقت بالجزيرة.
و أضاف المحامي كاميرون دولي الذي يعمل في شركة كارتر راك للمحاماة التي تتولى القضية و مقرها لندن أن مصر بدأت "حملة متواصلة" ضد القناة و صحفييها منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو تموز العام الماضي.
و قال "استثمرت الجزيرة مبالغ كبيرة في مصر.. تأثير هذه الحملة التي شنتها الحكومة العسكرية في الآونة الأخيرة هو مصادرة هذا الاستثمار. مصر ملزمة بموجب القانون الدولي بدفع تعويض عادل و كاف."
و تابع أن أمام القاهرة مهلة ستة أشهر لدفع التعويض في إطار الاتفاقية الثنائية للاستثمار لعام 1999 و إلا فإنها ستحيل النزاع للتحكيم الدولي. و رفض متحدث باسم الحكومة المصرية التعليق على الموضوع و قال إن السلطات لم تخطر بالقضية. و بحسب بياناتها استثمرت الجزيرة 90 مليون دولار على الأقل في أنشطة في مصر منذ بدأت البث في أكثر الدول العربية سكانا عام 2001.
و تشمل الاستثمارات البنية التحتية و تكاليف التشغيل لقنواتها الأربع و شراء الأصول الثابتة مثل أجهزة البث و الرسوم التي دفعتها للدولة و أجور العاملين. و قال دولي إن مبلغ 150 مليون دولار المطلوب تعويضا يشمل الخسائر المستقبلية المترتبة على وقف عمليات القناة في مصر و التي تتوقعها القناة.
2015-6-25
شبكة النبأ المعلوماتية
قناة الجزيرة القطرية التي لمع اسمها بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001، بسبب تغطيتها المباشرة للحرب في أفغانستان وباقي الحروب الاخرى، كانت و لاتزال محط انتقاد الكثير من الشخصيات و وسائل الاعلام الاخرى، التي تعارض نهجها الاعلامي المحرض كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان هذه القناة اصبحت اليوم منبر اعلامي خاص للتنظيمات الارهابية و الجماعات الأصولية المختلفة، و هو ما افقدها الكثير من متابعيها خصوصا و انها قد سعت الى تشوية الحقائق و نقل الصورة المفبركة و بتمويل سخي من الحكومة القطرية، التي تجاهلت كل النداءات و المناشدات الدولية و الاقليمية بهذا الخصوص، فالجزيرة و كما يرى البعض أداة في يد النظام القطري، يستخدمها لتصفية الحسابات مع خصومه، و قد نجح في أكثر من مرّة في تأجيج الأوضاع في عددٍ من البلدان العربية.
هذا الامر اسهم ايضاً في حدوث خلافات سياسية بين قطر و العديد من الدول العربية، التي عمدت الى ايقاف عمل هذه القناة على ارضيها بسبب سياستها التي تهدد امنها و استقرارها، هذا بالإضافة الى اتخاذ بعض الاجراءات القانونية بحقها، فبالإضافة إلى مصر أغلقت مكاتب الجزيرة في العراق عام 2004 و في البحرين عام 2010 و في سوريا و اضطرت الجزيرة لتجميد نشاطها في السعودية بعد ان سحبت الرياض سفيرها.
و لم تسمح الجزائر و الامارات للجزيرة بالعمل في أراضيها. و لم ينج صحفيوها. فقد اعتقل السوداني سامي الحاج أثناء وجوده في أفغانستان عام 2001 و احتجز في سجن خليج جوانتانامو حتى عام 2008 للاشتباه في صلته بتنظيم القاعدة.
و في عام 2005 حكمت محكمة أسبانية على مراسل القناة تيسير علوني بالسجن بتهمة توصيل أموال للقاعدة. و هذه القضايا و الاعتقالات لاتزال مستمرة.
من جانب اخر يرى البعض ان هناك علاقة سرية بين قناة الجزيرة و اسرائيل التي يعتقد انها تمتلك اسهماً في القناة. و هنالك معطيات تنقلها بعض المصادر، تؤكد وجود رجل أميركي إسرائيلي من أصل يهودي أراد أن يشتري 50% من أسهم الجزيرة عام 2004، و ظلّ يعيد العرض مع زيادة المبلغ المعروض حتّى خريف 2009. هذا الرجل هو حاييم صبّان، رجل أعمال أميركي من أصلٍ يهودي، تربطه علاقة قوّية بإسرائيل. أسّس مركز صبّان لسياسات الشرق الأوسط، كما أنشئ المنتدى الأميركي الإسرائيلي الذي يعمل على تفعيل الحوار مع قادة الفكر و الرأي المسلمين.
و صبّان صديق شخصي لأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، و وزير خارجيتها و رئيس الوزراء حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. فالجزيرة دأبت منذ ظهورها على فتح برامجها للمسؤولين و الصحفيين و السّاسة، و قادة الجيش الإسرائيلي لتبرير جرائمهم للمواطن العربي و نشر أكاذيبهم بطريقة محترفة و معدّة بدّقة.
و يشير البعض إلى علاقة تربط الجزيرة باغتيال بعض القادة الفلسطينيين، ممن تزامن اغتيالهم مع ظهورهم في مقابلاتٍ تلفزيونية على شاشتها. حيث كان يتم استهدافهم بعد إجرائهم لمقابلات و حوارات في برامج تبث على القناة. حيث تساهم مثل هذه الحوارات في تحديد موقع القيادات بدقّة.
و كان لظهور الجزيرة و بحسب بعض المصادر، كقناة إعلامية فضائية عملاقة بإمكاناتها المادية الهائلة و رأسمالها الضخم بغياب الإعلانات عن شاشتها و التّي تشكّل المصدر الأول لواردات أيّ قناةٍ إعلامية قد ساهم في تعزيز الحقيقة القائلة بأنّ تمويلها يتم من قبل الحكومة القطرية.
فمجموع دخل قناة الجزيرة من الإعلانات و الأنشطة التجارية الأخرى لا تساوي 40% من مصاريفها. و الجزيرة انطلقت في بثّها عام 1996 بمبلغ 150 مليون دولارا، منحة من أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، و قد قررت الحكومة لاحقًا استمرار دعمها بمبلغ ثلاثين مليون دولار سنويًا، كلّ هذا الدعم جعل من الجزيرة قناةً مرهونة للحكومة القطرية، تخدم سياستها و تعمل وفق أجندتها دون أن تعمد إلى الإشارة لا من قريب و لا من بعيد إلى أيّ قضايا تتعلق بالشأن الداخلي القطري.
قناة الجزيرة تتحدى منتقديها
وفي هذا الشأن ومنذ عام 2011 وحتى العام الماضي بدا أن الجزيرة بل وقطر ستستفيدان من النظام العربي الجديد. لكن اتفاقا لاقتسام السلطة في تونس التي انطلق منها الربيع العربي والإطاحة بالرئيس الاخواني محمد مرسي في مصر والخسارة العسكرية أمام قوى اسلامية متطرفة في سوريا دحرت الانتصارات التي حققها الاخوان. إلى جانب ذلك تغيرت صورة الجزيرة خلال الربيع العربي من نصير المستضعفين إذ أدت تغطيتها إلى اتهامات من بعض المشاهدين بأنها تدعم الاخوان على جماعات المعارضة الأخرى التي كانت تعمل للاطاحة بالحكام الاستبداديين في تونس ومصر وليبيا.
وقال صاحب متجر في الجزائر يدعى محمد سماي "توقفت عن مشاهدة الجزيرة لأنها لم تعد تنقل الحقيقة للمشاهدين. فهي تزرع المشاكل وتحرض على التدمير في العالم العربي." وقالت مصادر بصناعة الاعلام إن قطر تعتزم فتح قناة إخبارية تسمى العربي على أن تتخذ من لندن مقرا لها. وقال مصدر يشارك في هذا المشروع إن القناة ستتيح الفرصة لكل من يؤيد ثورات الربيع العربي.
غير أن المساعي الرامية لتكوينها تعثرت في الولايات المتحدة. وكانت الشبكة أطلقت قناة الجزيرة أمريكا في أغسطس اب عام 2013 بعدد 12 مكتبا في مدن رئيسية. وأدى فشل الشركة في استقطاب جمهور أمريكي كبير إلى تخفيضات في التكاليف والوظائف وفقا لما ذكرته مصادر مقربة من الجزيرة. ويبلغ عدد مشاهدي القناة في المتوسط 15 ألفا أي نحو نصف عدد مشاهدي قناة كارانت تي.في التي كانت تعمل في الولايات المتحد قبلها. وسيدير قناة العربي عزمي بشارة الفلسطيني الذي يدير مركزا للابحاث في قطر. بحسب رويترز.
ورغم أنه لم يتضح ماهية الرد المرجح من الدول العربية المحافظة في الخليج على اطلاق قناة العربي فإن هذه الدول تضغط بشدة على قطر للحد من تأييدها لجماعات المعارضة في المنطقة. وأخذت السعودية والامارات والبحرين خطوة غير معتادة سحبت فيها سفراءها من الدوحة احتجاجا على ما وصفته بتدخل قطري في شؤونها الداخلية. وقال دبلوماسيون إن هذا التحول ترجع جذوره إلى الاستياء من تغطية الجزيرة للأحداث في هذه المجتمعات.
ألمانيا و أحمد منصور
من جانب اخر أخلت السلطات الألمانية سبيل المذيع البارز في قناة الجزيرة أحمد منصور بعد يومين من احتجازه في سجن ببرلين بناء على طلب من مصر. و قال مكتب الادعاء العام في برلين في بيان إن الإفراج عن منصور جاء بعد عدم تمكن مصر من تبديد المخاوف المتعلقة بعملية التسليم.
و في وقت سابق قال متحدث باسم وزارة الخارجية في مؤتمر صحفي إن ألمانيا لن تسلم أي شخص لأي دولة قد يواجه فيها حكما بالإعدام. و كانت محكمة جنايات القاهرة أصدرت العام الماضي حكما غيابيا بالسجن 15 عاما على منصور الذي يحمل الجنسيتين المصرية و البريطانية بتهمة تعذيب محام في ميدان التحرير بقلب القاهرة خلال انتفاضة 2011 التي كان الميدان مهدها. و ينفي منصور و الجزيرة الاتهام. و صاح منصور امام حشد من انصاره أمام سجن مؤبيد المركزي في برلين قائلا إنه يوجه الشكر لفريق الدفاع و الصحافة الحرة.
و ردد الحشد صيحات التكبير و هتافات مناهضة للنظام الحاكم في مصر الذي جاء في اعقاب عزل الجيش للرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.
و تتهم مصر الجزيرة بأنها بوق لجماعة الإخوان المسلمين. و وضعت قضية منصور ألمانيا في موقف حرج بينما تحاول الموازنة بين المصالح الاقتصادية و حقوق الإنسان. و انتقدت احزاب المعارضة و منظمات حقوقية المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لاستضافتها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. و كان السيسي وزيرا للدفاع عند عزل مرسي.
و كانت محكمة جنايات القاهرة قد استمعت لمرافعة الدفاع في قضية إعادة محاكمة ثلاثة من صحفيي الجزيرة تتهمهم النيابة العامة بمساعدة جماعة إرهابية في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين التي حظرتها مصر و أعلنتها جماعة إرهابية بعد عزل مرسي. و في القضية أفرج عن محمد فهمي الذي يحمل الجنسية الكندية و الذي تنازل عن الجنسية المصرية كما أفرج عن المصري باهر محمد بكفالة في فبراير شباط و ذلك بعد حبسهما لأكثر من عام. بحسب رويترز.
و كانت السلطات قد رحلت في فبراير شباط قبل الإفراج عنهما بقليل المتهم الثالث و هو الاسترالي بيتر جريست إلى بلاده بعد أن قضى 400 يوم في السجن. و عوقب الثلاثة في المحاكمة السابقة بالسجن بين سبع و عشر سنوات لإدانتهم بتهم بينها نشر أخبار كاذبة لمساعدة جماعة الإخوان. و كان الصحفيون الثلاثة نفوا الاتهامات. و ألغت محكمة النقض الحكم في يناير كانون الثاني و أمرت بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى في محكمة جنايات القاهرة.
و يتهم منتقدون الغرب بأنه يغض الطرف عما يقولون إنها حملة تشنها الحكومة المصرية على المعارضة و حرية التعبير. و قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة في وقت سابق لالمانيا بناء على دعوة من المستشارة انجيلا ميركل لكن رئيس البرلمان الألماني ألغى اجتماعا معه بسبب ما وصفها بانتهاكات للحقوق في مصر.
و خلال زيارة السيسي وقعت شركة سيمنس الألمانية الصناعية صفقة مع مصر قيمتها 8 مليارات يورو (9 مليارات دولار) لإنشاء محطات كهرباء تعمل بالغاز و طاقة الرياح. و قال نيلس آنين المتحدث في مجال الشؤون الخارجية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البرلمان الألماني لموقع شبيجل الإلكتروني "إن اعتقال (منصور) يطرح أسئلة كثيرة تحتاج إلى توضيح بأسرع ما يمكن حيث أن ألمانيا لا ينبغي أن تكون تابعا للنظام القضائي المصري الخاضع للسيطرة السياسية."
الجزيرة تطلب بتعويض
على صعيد متصل طلبت قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية القطرية من مصر 150 مليون دولار تعويضا عما قالت إنها أضرار لحقت باستثماراتها الإعلامية فيها بسبب إجراءات اتخذتها الحكومة المصرية في خطوة من المرجح أن تؤدي لمزيد من التدهور في العلاقات القطرية المصرية. و في تحرك يهدف إلى جذب الانتباه إلى ما تصفه الجزيرة بأنه معاملة غير مقبولة من مصر لها و لصحفييها قال محام يعمل للقناة إنه قدم طلبا قانونيا إلى ممثل للحكومة المصرية بتفاصيل الأضرار التي لحقت بالجزيرة.
و أضاف المحامي كاميرون دولي الذي يعمل في شركة كارتر راك للمحاماة التي تتولى القضية و مقرها لندن أن مصر بدأت "حملة متواصلة" ضد القناة و صحفييها منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو تموز العام الماضي.
و قال "استثمرت الجزيرة مبالغ كبيرة في مصر.. تأثير هذه الحملة التي شنتها الحكومة العسكرية في الآونة الأخيرة هو مصادرة هذا الاستثمار. مصر ملزمة بموجب القانون الدولي بدفع تعويض عادل و كاف."
و تابع أن أمام القاهرة مهلة ستة أشهر لدفع التعويض في إطار الاتفاقية الثنائية للاستثمار لعام 1999 و إلا فإنها ستحيل النزاع للتحكيم الدولي. و رفض متحدث باسم الحكومة المصرية التعليق على الموضوع و قال إن السلطات لم تخطر بالقضية. و بحسب بياناتها استثمرت الجزيرة 90 مليون دولار على الأقل في أنشطة في مصر منذ بدأت البث في أكثر الدول العربية سكانا عام 2001.
و تشمل الاستثمارات البنية التحتية و تكاليف التشغيل لقنواتها الأربع و شراء الأصول الثابتة مثل أجهزة البث و الرسوم التي دفعتها للدولة و أجور العاملين. و قال دولي إن مبلغ 150 مليون دولار المطلوب تعويضا يشمل الخسائر المستقبلية المترتبة على وقف عمليات القناة في مصر و التي تتوقعها القناة.
2015-6-25
شبكة النبأ المعلوماتية