مأزق المرأة الشاعرة في الواقع الثقافي
د.نجمة عبد الله ادريس
(ان اي إمرأة تولد بموهبة عظيمة لابد ان تصبح مجنونة , او تنتحر , او تقضي ايامها وحيدة في كوخ منعزل خارج القرية , نصف ساحرة , نصف عرافة , يخشاها الاخرون ويسخرون منها , ذلك اننا بحاجة الى قليل من الفهم لنتأكد من ان الفتاة الموهوبة تمام حاولت ان تستخدم موهبتها لكتابة الشعر , سيخذلها الناس ويعوقونها , وستعذبهاوتمزقها غرائزها الشخصية المناقضة , بحيث انها لابد ان تفقد صحتها وسلامة عقلها)
فرجينيا وولف
ليست هذه الدراسة في ( شعر المرأة ) وآفاقه الفنية , بقدر ما هي استقصاء لمكونات الفكر الاجتماعي , ومحاورة للواقع الثقافي الذي تأسس فيه وعي المرأة بذاتها , وبالتالي هويتها الشعرية .
وحين الحديث عن الواقع الثقافي لمجتمعنا العربي , فإنه يصعب أن نقصر البحث على مساحة زمنية محددة , كونه واقعا يمتد في لاوعي الانسان وعبر اجياله المتعاقبة, ويتأسس عبر سلسلة تراكمية من القيم والاعراف والتقاليد والمفاهيم الفكرية ذات الجذور الدينية والاجتماعية والنفسية , ومع ذلك فلا مفر للباحث , وهو يستشرف ثقافة المجتمع واطوارها ومتغيراتها , ان يصطدم بالحتمية التاريخية ومحورها المتأسس على الحركة المطردة والتتابع , حيث تتحدد الرؤية ويدق الرصد .
ان الاستناد اولا على البعد الجغرافي المحدد بالمجتمع العربي , وثانيا على البعد التاريخي الممتد منذ العصر الجاهلي , وحتى عصرنا الحديث , ما هو الا اضطرار منهجي تدفعنا اليه معايير الدراسة البحثية وتقاليدها , الامر الذي يصرفنا ربما عن الانسياق وراء زخم قضية الابداع عند المرأة , وما تقترحه هذه القضية من حوارات ساخنة ومتجددة في اطرها العالمية , وتخلقه من جدليات انسانية لامنتهية حول المعيقات والتحديات والتطلعات .
ان التساؤل (لماذا الشعر النسوي ؟) ولم البحث في جذوره وخلفياته الثقافية الان وفي هذا العصر , ويبدو سؤالا وجيها , محفزا للذاكرة والوعي , ولعل في ايرادنا للمسوغات التالية ما يجيب عن جانب
من هذا السؤال :
- ان مسيرة الشعر النسوي التاريخية تبدو اكثر تحديدا ووضوحا في عصرنا , ان لم نقل ادق توثيقا في نماذجها , ورموزها واسمائها , ناهيك عما رافق ذلك من تراكم مطرد في الدراسات والبحوث والآراء والاجتهادات حول الموضوع , الامر الذي دعم هذا المشهد واتاح له مقومات التأسيس والتأصيل .
- تميز هذ العصر بكونه اكثر وعيا بضرورة التحاور والجدل حول قضاياه الراهنة , ومنها قضية وضع المرأة , والالتفات الى دورها الاجتماعي والإنساني , وهو حوار يكاد يكون عالميا , ومفروضا بقوة منذ انطلاقة ثورات الانسان المعاصر ضد الاستعباد , والاستغلال والتمييز العنصري وانتصاره للحريات , والمساواة , ومنظومة حقوق الانسان .
- زيادة وعي المرأة بذاتها , وتجدد ايمانها بقدرتها ومواهبها الكامنة , خاصة بعد توافر فرص التعليم وقطفها لثمار العلم والمعرفة , ومن ثم انطلاقها نحو تأسيس خطاب نسوي ذي ملامح فارقة , تتجاوز فيه العجز والتبعية , وتؤكد من خلاله هلى اختلافها وتميزها , وذلك بعد مرورها بمرحلة تقييم ونقد لمجموعة من القيم المغلوطة والمتوهمة حول كينونتها الانسانية , ومساهماتها ودورها .
البلاغ
د.نجمة عبد الله ادريس
(ان اي إمرأة تولد بموهبة عظيمة لابد ان تصبح مجنونة , او تنتحر , او تقضي ايامها وحيدة في كوخ منعزل خارج القرية , نصف ساحرة , نصف عرافة , يخشاها الاخرون ويسخرون منها , ذلك اننا بحاجة الى قليل من الفهم لنتأكد من ان الفتاة الموهوبة تمام حاولت ان تستخدم موهبتها لكتابة الشعر , سيخذلها الناس ويعوقونها , وستعذبهاوتمزقها غرائزها الشخصية المناقضة , بحيث انها لابد ان تفقد صحتها وسلامة عقلها)
فرجينيا وولف
ليست هذه الدراسة في ( شعر المرأة ) وآفاقه الفنية , بقدر ما هي استقصاء لمكونات الفكر الاجتماعي , ومحاورة للواقع الثقافي الذي تأسس فيه وعي المرأة بذاتها , وبالتالي هويتها الشعرية .
وحين الحديث عن الواقع الثقافي لمجتمعنا العربي , فإنه يصعب أن نقصر البحث على مساحة زمنية محددة , كونه واقعا يمتد في لاوعي الانسان وعبر اجياله المتعاقبة, ويتأسس عبر سلسلة تراكمية من القيم والاعراف والتقاليد والمفاهيم الفكرية ذات الجذور الدينية والاجتماعية والنفسية , ومع ذلك فلا مفر للباحث , وهو يستشرف ثقافة المجتمع واطوارها ومتغيراتها , ان يصطدم بالحتمية التاريخية ومحورها المتأسس على الحركة المطردة والتتابع , حيث تتحدد الرؤية ويدق الرصد .
ان الاستناد اولا على البعد الجغرافي المحدد بالمجتمع العربي , وثانيا على البعد التاريخي الممتد منذ العصر الجاهلي , وحتى عصرنا الحديث , ما هو الا اضطرار منهجي تدفعنا اليه معايير الدراسة البحثية وتقاليدها , الامر الذي يصرفنا ربما عن الانسياق وراء زخم قضية الابداع عند المرأة , وما تقترحه هذه القضية من حوارات ساخنة ومتجددة في اطرها العالمية , وتخلقه من جدليات انسانية لامنتهية حول المعيقات والتحديات والتطلعات .
ان التساؤل (لماذا الشعر النسوي ؟) ولم البحث في جذوره وخلفياته الثقافية الان وفي هذا العصر , ويبدو سؤالا وجيها , محفزا للذاكرة والوعي , ولعل في ايرادنا للمسوغات التالية ما يجيب عن جانب
من هذا السؤال :
- ان مسيرة الشعر النسوي التاريخية تبدو اكثر تحديدا ووضوحا في عصرنا , ان لم نقل ادق توثيقا في نماذجها , ورموزها واسمائها , ناهيك عما رافق ذلك من تراكم مطرد في الدراسات والبحوث والآراء والاجتهادات حول الموضوع , الامر الذي دعم هذا المشهد واتاح له مقومات التأسيس والتأصيل .
- تميز هذ العصر بكونه اكثر وعيا بضرورة التحاور والجدل حول قضاياه الراهنة , ومنها قضية وضع المرأة , والالتفات الى دورها الاجتماعي والإنساني , وهو حوار يكاد يكون عالميا , ومفروضا بقوة منذ انطلاقة ثورات الانسان المعاصر ضد الاستعباد , والاستغلال والتمييز العنصري وانتصاره للحريات , والمساواة , ومنظومة حقوق الانسان .
- زيادة وعي المرأة بذاتها , وتجدد ايمانها بقدرتها ومواهبها الكامنة , خاصة بعد توافر فرص التعليم وقطفها لثمار العلم والمعرفة , ومن ثم انطلاقها نحو تأسيس خطاب نسوي ذي ملامح فارقة , تتجاوز فيه العجز والتبعية , وتؤكد من خلاله هلى اختلافها وتميزها , وذلك بعد مرورها بمرحلة تقييم ونقد لمجموعة من القيم المغلوطة والمتوهمة حول كينونتها الانسانية , ومساهماتها ودورها .
البلاغ