العولمة الثقافية و تأثيرها على المجتمعات.
حمزة اللامي.
..........
قبل الحديث عن تأثيرات العولمة على الناحية الثقافية و ما هو ضررها و نفعها للفرد و المجتمع بصورة عامة نستهل حديثنا بما قاله المولى الكريم في كتابه العزيز:(لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا،و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة).
اذن ان الله جل في علاه لم يشأ ان يجعل الأمة او الشعوب تحت وصاية واحدة وراعية من جهة واحدة، والاية الكريمة رمزت لمبدأ العولمة مستقبلياً و هي إشارة لما نعيشه اليوم من تداعيات العصرية بعصر العولمة،و الله سبحانه و تعالى لم يختر للإنسان لاسيما المسلم المؤمن ان يجعل مصيره و مصير بلده و أفراد قومه في يد مجتمع اخر يسيره حيث يرغب و يشاء،بل اراد للمسلم الحرية في ممارسة حياته و أعماله بمنتهى الحرية و الاختيار،بينما تجد النظام العالمي الجديد يريد قولبة العالم و أمركة الثقافة و الأفكار و الأخلاق و السلوك حسب ما يشتهي و يرغب،والتي تدير دفة العولمة اليوم هي القوة الدولية العظمى المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية،فإن الخطر الذي يوجد في العولمة يكمن في رفضها لمبدأ التعدد و التنوع،أي اعتمادها على نفي الآخر و فرض النمط الاستهلاكي الأمريكي،فنجد اليوم بات اكثر وضوحا من السابق،فالعولمة الأمريكية شملت جوانب و نواحي الحياة المختلفة فمنها السياسية و السلوكية و الثقافية التي هي محل بحثنا اليوم بيد ان الهوية الثقافية التي تسعى أمريكا الى رسمها اليوم تتمل في عدة أوجه و صور نستطيع ان نضع أيدينا على أبرزها و هنا نجد ان العولمة الاقتصادية تتمثل في فرض نمط استهلاكي معين على دول العالم المتحضر فقد نجد ان المشروبات الغازية الأمريكية باتت عالمية.
على سبيل الذكر (الكوكاكولا و البيبسى و السيفن آب و الميرندا)و كذلك الأطعمة المتمثلة (البيتزا و الهامبرجر)و ما دام الحديث عن تأثير العولمة على الهوية الثقافية فلا بد من تسليط الضوء على الثقافة المصدرة لنا و التي تتمثل بعولمة السلوك الأفراد و تعميم مبادئ و أفكار و أخلاق العولمة الحديثة و حلاقة الرأس بالنسبة للفتية و موديلاتها و كذلك ثقافة الملابس و الموضات و الأزياء و حتى لم تستثن العولمة الاقراط و القلائد بالنسبة للشباب لا سيما الشباب المسلم هي خير دليل على قولنا،بينما نجد ان حكومات الشرق الأوسط و الحكومات الإسلامية لم تنتبه لخطورة العولمة الثقافية على بلدانها و افراد مجتمعاتها و ينبغي لها ان تسعى الى تسطيح الوعي و إخضاع النفوس،و قولبة السلوك..
و العولمة الثقافية أخطر من العولمة السياسية و الاقتصادية لأنها تستهدف صناعة ثقافة عالمية أمريكية لضبط سلوك الأفراد و الجماعات و الدول و تنميط الأذواق.
فالعولمة الاقتصادية تريد باختصار تحويل العالم إلى سوق مفتوح أي صياغة كائنات فاقدة للهوية و الإحساس القومي و الديني ما دعا بعض الشعوب الى مناهضة بعض هذه السلوكيات التي جاءت بها العولمة الى حدود بلدانها،فقد قامت تلك الشعوب بانتفاضة ضد العولمة(الأمركة)و يتمثل ذلك على شكل مظاهرات.
و قد بدأت الصرخات تتوالى ضد هيمنة الثقافة الأمريكية فالعولمة الأمريكية او الثقافة الأمريكية لن يكون لها مستقبل جيد في منطقة الشرق الأوسط و نخص هنا الدول الإسلامية لأن جذور الثقافة الأمريكية فيها غير أساسية،و ليست لها قيم أخلاقية لدى تلك الشعوب،و لابــــد لها من تحدي الهزيمة النفسية و إنعاش الذاكرة التاريخية للرجوع لتاريخها و حضارتها و دينها فالأمة العربية الإسلامية محتاجة اليوم إلى الرجوع إلى ينابيع عقيدتها،و إنعاش ذاكرتها و العمل على توحيد صفوفها لمواجهة التحدي الاستعماري الجديد(تحديات العولمة)في إطار المشروع الإسلامي الحضاري، فالثقافة الأمريكية ليست قدرا حتميا و لابد لها ان تتلاشى قوتها و تندحر كما اندحر الاتحاد السوفييتي و كما اندحرت من قبل الماركسية التي قالت بعولمة العالم و قد لقيت مصيرها.
بلا شك لقد تطورت قنوات الاتصال الثقافية المشتركة بين كل الدول و ظهرت صور جديدة من التأكيد على الوعي و الهوية التي تجسد مدى انتشار التيار الثقافي و الأخلاقي و الرغبة في زيادة مستوى معيشة الفرد و التمتع بالمنتجات و الأفكار الأجنبية الأخرى و إتباع الوسائل و الأساليب التكنولوجية الحديثة و المشاركة في الثقافة العالمية.
ان انتشار التعددية الثقافية و إمكانية وصول الفرد بشكل أفضل لشتى صور التنوع الثقافي(من خلال ما يتم مشاهدته في أفلام هوليوود).
و لكن من ناحية أخرى،يعتبر البعض أن الثقافة الواردة إلينا من الخارج أو ما تسمى بالثقافة المستوردة تمثل خطرا كبيرا,احتمال أن تحل محل الثقافة المحلية،مما يتسبب في حدوث انخفاض في معدلات التنوع و استيعاب كل ما هو جديد من الثقافات بشكل عام.
على الجانب الآخر، يعتبر آخرون أن التعددية الثقافية أمر مفيد من أجل تعزيز السلام و سبل التفاهم بين الشعوب.
إن تطور المجتمعات البشرية أدى إلى ظهور الدولة ككيان سياسي له سيـادة و سلطة سياسيا و اقتصاديا فتعددت و تنوعت الدول تبعا لمقتضياتها الثقافية و الإقليمية و مع سقوط الاقتصاد الموجه(الاشتراكي)و سيطرة الليبرالية سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا و ظهر مفهوم العولمة و كان من الطبيعي أن تظهر ردود أفعال متباينة بين رجال الفكر و السياسة من رافض للعولمة و مؤيد لها فأي الموقفين نؤيد و أيهما نرفض و هل يمكن التوفيق بينهما؟.
إن العولمة الثقافية في نظر أنصارها،تقوم على الحرية في مجالات عدة،منها الاقتصادية، والاجتماعية،و الثقافية،و السلوكية،دون مراعاة الحدود السياسية للدولـة.
إذا تعاملنا مع معطيات واقع العولمة الثقافية الحديثة و على جميع الأصعدة،فنجد انها تؤكد تنامي المد العولمي الثقافي الذي يدوس في طريقه الأخضر واليابس،و لا يلتفت بأدنى قسط لما يسمى بالأعراف الدولية او الشرعية،الأمر الذي يتطلب من الشعوب،التي تحرص على مصيرها المستقبلي، و تحرص على المحافظة على كيانها الأصيل و دورها الرسالي في تحرير الناس قاطبة من براثن هذه القيود،يتطلب منها أن تنادى إلى تكوين جبهة واسعة و متماسكة،للتصدي بقوة و عزم لتيار العولمة الثقافية،غير آبهة للأصوات المهزومة التي تنظر إلى العولمة كواقع محتوم و قدر مقدور لا مجال لرده،و لا مناص من الخضوع إليه.و لابد لدول العالم الإسلامي من تشكيل جبهة رصينة لتقف بوجه هذا المد الجارف الذي يحمل معه سيل من الثقافات المرفوضة لدى الكثير من الأمم.
شبكة النبأ المعلوماتية-14/تشرين الثاني/2011
حمزة اللامي.
..........
قبل الحديث عن تأثيرات العولمة على الناحية الثقافية و ما هو ضررها و نفعها للفرد و المجتمع بصورة عامة نستهل حديثنا بما قاله المولى الكريم في كتابه العزيز:(لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا،و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة).
اذن ان الله جل في علاه لم يشأ ان يجعل الأمة او الشعوب تحت وصاية واحدة وراعية من جهة واحدة، والاية الكريمة رمزت لمبدأ العولمة مستقبلياً و هي إشارة لما نعيشه اليوم من تداعيات العصرية بعصر العولمة،و الله سبحانه و تعالى لم يختر للإنسان لاسيما المسلم المؤمن ان يجعل مصيره و مصير بلده و أفراد قومه في يد مجتمع اخر يسيره حيث يرغب و يشاء،بل اراد للمسلم الحرية في ممارسة حياته و أعماله بمنتهى الحرية و الاختيار،بينما تجد النظام العالمي الجديد يريد قولبة العالم و أمركة الثقافة و الأفكار و الأخلاق و السلوك حسب ما يشتهي و يرغب،والتي تدير دفة العولمة اليوم هي القوة الدولية العظمى المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية،فإن الخطر الذي يوجد في العولمة يكمن في رفضها لمبدأ التعدد و التنوع،أي اعتمادها على نفي الآخر و فرض النمط الاستهلاكي الأمريكي،فنجد اليوم بات اكثر وضوحا من السابق،فالعولمة الأمريكية شملت جوانب و نواحي الحياة المختلفة فمنها السياسية و السلوكية و الثقافية التي هي محل بحثنا اليوم بيد ان الهوية الثقافية التي تسعى أمريكا الى رسمها اليوم تتمل في عدة أوجه و صور نستطيع ان نضع أيدينا على أبرزها و هنا نجد ان العولمة الاقتصادية تتمثل في فرض نمط استهلاكي معين على دول العالم المتحضر فقد نجد ان المشروبات الغازية الأمريكية باتت عالمية.
على سبيل الذكر (الكوكاكولا و البيبسى و السيفن آب و الميرندا)و كذلك الأطعمة المتمثلة (البيتزا و الهامبرجر)و ما دام الحديث عن تأثير العولمة على الهوية الثقافية فلا بد من تسليط الضوء على الثقافة المصدرة لنا و التي تتمثل بعولمة السلوك الأفراد و تعميم مبادئ و أفكار و أخلاق العولمة الحديثة و حلاقة الرأس بالنسبة للفتية و موديلاتها و كذلك ثقافة الملابس و الموضات و الأزياء و حتى لم تستثن العولمة الاقراط و القلائد بالنسبة للشباب لا سيما الشباب المسلم هي خير دليل على قولنا،بينما نجد ان حكومات الشرق الأوسط و الحكومات الإسلامية لم تنتبه لخطورة العولمة الثقافية على بلدانها و افراد مجتمعاتها و ينبغي لها ان تسعى الى تسطيح الوعي و إخضاع النفوس،و قولبة السلوك..
و العولمة الثقافية أخطر من العولمة السياسية و الاقتصادية لأنها تستهدف صناعة ثقافة عالمية أمريكية لضبط سلوك الأفراد و الجماعات و الدول و تنميط الأذواق.
فالعولمة الاقتصادية تريد باختصار تحويل العالم إلى سوق مفتوح أي صياغة كائنات فاقدة للهوية و الإحساس القومي و الديني ما دعا بعض الشعوب الى مناهضة بعض هذه السلوكيات التي جاءت بها العولمة الى حدود بلدانها،فقد قامت تلك الشعوب بانتفاضة ضد العولمة(الأمركة)و يتمثل ذلك على شكل مظاهرات.
و قد بدأت الصرخات تتوالى ضد هيمنة الثقافة الأمريكية فالعولمة الأمريكية او الثقافة الأمريكية لن يكون لها مستقبل جيد في منطقة الشرق الأوسط و نخص هنا الدول الإسلامية لأن جذور الثقافة الأمريكية فيها غير أساسية،و ليست لها قيم أخلاقية لدى تلك الشعوب،و لابــــد لها من تحدي الهزيمة النفسية و إنعاش الذاكرة التاريخية للرجوع لتاريخها و حضارتها و دينها فالأمة العربية الإسلامية محتاجة اليوم إلى الرجوع إلى ينابيع عقيدتها،و إنعاش ذاكرتها و العمل على توحيد صفوفها لمواجهة التحدي الاستعماري الجديد(تحديات العولمة)في إطار المشروع الإسلامي الحضاري، فالثقافة الأمريكية ليست قدرا حتميا و لابد لها ان تتلاشى قوتها و تندحر كما اندحر الاتحاد السوفييتي و كما اندحرت من قبل الماركسية التي قالت بعولمة العالم و قد لقيت مصيرها.
بلا شك لقد تطورت قنوات الاتصال الثقافية المشتركة بين كل الدول و ظهرت صور جديدة من التأكيد على الوعي و الهوية التي تجسد مدى انتشار التيار الثقافي و الأخلاقي و الرغبة في زيادة مستوى معيشة الفرد و التمتع بالمنتجات و الأفكار الأجنبية الأخرى و إتباع الوسائل و الأساليب التكنولوجية الحديثة و المشاركة في الثقافة العالمية.
ان انتشار التعددية الثقافية و إمكانية وصول الفرد بشكل أفضل لشتى صور التنوع الثقافي(من خلال ما يتم مشاهدته في أفلام هوليوود).
و لكن من ناحية أخرى،يعتبر البعض أن الثقافة الواردة إلينا من الخارج أو ما تسمى بالثقافة المستوردة تمثل خطرا كبيرا,احتمال أن تحل محل الثقافة المحلية،مما يتسبب في حدوث انخفاض في معدلات التنوع و استيعاب كل ما هو جديد من الثقافات بشكل عام.
على الجانب الآخر، يعتبر آخرون أن التعددية الثقافية أمر مفيد من أجل تعزيز السلام و سبل التفاهم بين الشعوب.
إن تطور المجتمعات البشرية أدى إلى ظهور الدولة ككيان سياسي له سيـادة و سلطة سياسيا و اقتصاديا فتعددت و تنوعت الدول تبعا لمقتضياتها الثقافية و الإقليمية و مع سقوط الاقتصاد الموجه(الاشتراكي)و سيطرة الليبرالية سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا و ظهر مفهوم العولمة و كان من الطبيعي أن تظهر ردود أفعال متباينة بين رجال الفكر و السياسة من رافض للعولمة و مؤيد لها فأي الموقفين نؤيد و أيهما نرفض و هل يمكن التوفيق بينهما؟.
إن العولمة الثقافية في نظر أنصارها،تقوم على الحرية في مجالات عدة،منها الاقتصادية، والاجتماعية،و الثقافية،و السلوكية،دون مراعاة الحدود السياسية للدولـة.
إذا تعاملنا مع معطيات واقع العولمة الثقافية الحديثة و على جميع الأصعدة،فنجد انها تؤكد تنامي المد العولمي الثقافي الذي يدوس في طريقه الأخضر واليابس،و لا يلتفت بأدنى قسط لما يسمى بالأعراف الدولية او الشرعية،الأمر الذي يتطلب من الشعوب،التي تحرص على مصيرها المستقبلي، و تحرص على المحافظة على كيانها الأصيل و دورها الرسالي في تحرير الناس قاطبة من براثن هذه القيود،يتطلب منها أن تنادى إلى تكوين جبهة واسعة و متماسكة،للتصدي بقوة و عزم لتيار العولمة الثقافية،غير آبهة للأصوات المهزومة التي تنظر إلى العولمة كواقع محتوم و قدر مقدور لا مجال لرده،و لا مناص من الخضوع إليه.و لابد لدول العالم الإسلامي من تشكيل جبهة رصينة لتقف بوجه هذا المد الجارف الذي يحمل معه سيل من الثقافات المرفوضة لدى الكثير من الأمم.
شبكة النبأ المعلوماتية-14/تشرين الثاني/2011