أعداء سورية الكبرى.
علاء غانم.
...........
طالما كان مصطلح سورية الكبرى مثار جدل و صراعات و تنافس داخل سورية و خارجها و قبل البدء بالحديث عن هذه الصراعات يجب أن نحدد مفهوم سورية الكبرى.
سورية الكبرى من وجهة نظر الحزب السوري القومي الاجتماعي : مكونة من دول بلاد الشام (سورية و لبنان و فلسطين و الأردن) و من العراق و الكويت و من هضبة سيناء و من قبرص و من المناطق المحتلة (كيليكية و لواء الاسكنرونة و الأهواز) و هو ما يسمى اختصاراً الهلال الخصيب.
سورية الكبرى من وجهة نظر الكثير من المثقفين السوريين : مكونة من دول بلاد الشام (سورية و لبنان و فلسطين و الأردن)و من المناطق المحتلة (كيليكية و لواء الاسكندرونة).
.........
الصراعات القديمة :
نظرا للطبيعة الجغرافية الواحدة و لامتداد الأراضي الخصبة و للموقع التجاري و المتوسط بين الشرق (فرس و هنود و صينيين) و بين الغرب (الإغريق و الرومان و البيزنطيين) حاولت أقوام و شعوب سورية (الآشوريين و البابليين و الآراميين و الكنعانيين و الفينيقيين) السيطرة على المنطقة من خلال صراعات و حروب و إقامة دول وحدت الهلال الخصيب تحت سيطرتها لفترات قصيرة أو طويلة من السنين ثم صراع هذه الشعوب السورية مع الحوريين و الحثيين القادمين من الشرق و الذين استوطنوا المنطقة ثم أتت فترة الإسلام و كانت سورية الكبرى مركز الدولة الإسلامية بشقيها الأموي و العباسي و مدينتيها (دمشق و بغداد) عاصمتا هذه الدولة الإسلامية ثم الصراعات مع الأعداء الخارجيين و الإمبراطوريات الكبرى ثم كان الاحتلال العثماني و ما جلبه على منطقة الهلال الخصيب من بؤس و جهل
و تقسيم أوصال سورية الكبرى لسهولة السيطرة عليها.
..........
الصراعات الحديثة :
منذ بدايات القرن العشرين بدأت ملامح و خرائط العالم بالتغير فكانت الحرب العالمية الأولى و كانت الثورة البلشفية في روسيا أما على صعيد المنطقة العربية فقد تعزز دور القوتين الفرنسية و البريطانية على حساب الدور العثماني التركي فقسم العالم العربي إلى ثلاث مناطق رئيسة :
الأولى منطقة فرنسية (المغرب العربي و خصوصاً الجزائر) تخضع للسيادة الفرنسية الكاملة و تصبح أرض فرنسية مع إعطاء الحلفاء الآخرين بعض الحصص كإيطاليا في ليبيا و اسبانيا في قسم من المغرب
و الثانية منطقة نفوذ فرنسية بريطانية محتلة (مصر و السودان و سورية الكبرى) مع تسهيل قيام كانتون موال لهم متمثل بالحركة الصهيونية العالمية بالإضافة لدول تأمين طريق الهند (الإمارات و عمان و اليمن) الثالثة هي منطقة نفوذ بريطانية غير محتلة متمثلة بالحركة الوهابية (محمد بن عبد الوهاب و أسرة آل سعود) في منطقة الجزيرة العربية خصوصاً بعد تخليهم
عن حلفهم مع الأسرة الهاشمية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى و كانت سورية الكبرى هي ضحية هذا الصراع من خلال اتفاقيتي سايكس بيكو و سان ريمون،و وعد بلفور،و تنازل فرنسا لتركيا - حسماً للصراع و لتوافق المصالح -عن أرض كيليكية السورية ثم عن محافظة لواء الاسكندرونة السورية،و غض طرف البريطانيين عن احتلال الأهواز السورية من قبل إيران الشاهنشاهية،و تسهيل هجرة اليهود إلى دولتهم المصطنعة.
و مع حلول الحرب العالمية الثانية بدأت القوتان العالميتان البريطانية و الفرنسية بالاضمحلال لحساب القوتين الصاعدتين السوفييتية و الأمريكية و ترافق ذلك مع خسارة البريطانيين و الفرنسيين المنطقتين الأولى و الثانية بفعل المقاومات الشعبية و بفعل تغير موازين القوى العالمية و بدأت الدول العربية التي فصلها و قسمها الحلفاء في الحرب العالمية الأولى بالتحرر،أما منطقة النفوذ الثالثة في الجزيرة العربية فقد نجح الأمريكان بوراثة سلطة البريطانيين عليها خصوصاً مع وجود النفط و بدؤوا بنسج تحالفات و مناطق نفوذ جديدة متمثلة بالسيطرة على الجزيرة العربية سيطرة غير مباشرة من خلال دعمهم للأسرة السعودية،و بنسج حلف مع الدولة الإيرانية الشاهنشاهية،و بالوجود العسكري المباشر من خلال ربيبتها الكيان الصهيوني.
و دخل الهلال الخصيب مرحلة من الصراعات الداخلية بين دوله و الخارجية مع دول الجوار،فكان العراق و الأردن من نصيب الأسرة الهاشمية و كان لبنان من نصيب البرجوازية الوطنية المسيحية المارونية،و كانت سورية من نصيب البرجوازية الوطنية (الحزب الوطني و حزب الشعب) و القوى و التيارات و الأحزاب اليسارية و الاشتراكية و القومية الصاعدة (الحزب السوري القومي الاجتماعي و الحزب الشيوعي و حزب البعث العربي الاشتراكي و الأحزاب الاشتراكية الأخرى و حركة القوميين العرب و التيار الناصري) و كانت فلسطين محتلة من قبل الكيان الصهيوني.
و هنا بدأ الصراع على سورية من قبل عدة لاعبين :
1)الأسرة الهاشمية (العراق و الأردن) التي أرادت ضم سورية إلى حكمها.
2)الأسرة السعودية التي كان يرعبها وجود دولة قوية متمثلة بالهلال الخصيب على حدودها الشمالية بالإضافة لعدائها التقليدي مع الأسرة الهاشمية.
3)الأتراك الطامعين أبداً بالأراضي السورية.
4)الأمريكان الذين كان يرعبهم وجود دولة قوية متمثلة بالهلال الخصيب تؤثر سلباً على مصالحهم النفطية في الخليج العربي و على مصالح الأسرة السعودية و على وجود الصهاينة في المنطقة.
5)الوطنيين السوريين الذين جمعهم هدف واحد رغم اختلاف بقية أهدافهم و رؤاهم (قومية سورية أو قومية عربية أو شيوعية أو اشتراكية أو برجوازية وطنية) ألا و هو إعادة تحرير أراضي سورية الكبرى و توحيد دولها بمنأى عن الحكم الهاشمي.
و كانت الوحدة مع مصر و بروز مصر كلاعب جديد في المنطقة هذا الحدث الذي قض مضجع الكثيرين في المنطقة (و أيضاً كل حسب مصالحه) و خصوصاً الصهاينة (فالأمريكان و الصهاينة ذعروا من وجود دولة قوية عربية تعد نواة للوحدة العربية بقيادة زعيم عربي له حضوره الجماهيري الكبير و من تزايد المد السوفييتي الذي كون علاقات جيدة مع الأحزاب اليسارية و مع دولة الوحدة،أما
الأتراك و الإيرانيين فكانوا منغلقين إلى الداخل مع ضمور دورهم الإقليمي،أما الهاشميين فكانوا ضد هذه الخطوة لأنها تسحب البساط الشعبي و الشرعي من أيديهم بقيادة المنطقة،أما الأسرة السعودية فذعرت من هذه الخطوة لعدة أسباب أهمها خوفاً على نظامهم الملكي،و خوفاً من بروز نجم الزعيم العربي جمال عبد الناصر و من تزايد المطالبين بالوحدة في الشارع السعودي،بالإضافة لإضعاف حلفائها الأمريكيين )،إلا أن تجربة الوحدة اعترتها الكثير من الأخطاء الداخلية و الضربات الخارجية فكانت النتيجة الحتمية هي الانفصال و بروز حكومة الانفصال ثم صعود التيار الاشتراكي متمثلاً بحزب البعث العربي الاشتراكي الذي استلم السلطة عام 1963 و قام بالتأميم و الإصلاحات الداخلية و تحديث الصناعة و قانون الإصلاح الزراعي و التعاقد الفوري مع السوفييت من أجل
بناء المشاريع الضخمة كمشروع سد الفرات.
أما على الصعيد العراقي فقد نجحت الولايات المتحدة بفصل الكويت عن العراق عام 1961 في ظل دعم إقليمي لهذه الخطوة كل حسب مصالحه (الأمريكان لسهولة السيطرة على هذه المنطقة النفطية،و إيران الشاه دعماً لحلفائهم الأمريكيين،و السعوديين لسيطرتهم المحتملة على هذه المنطقة و إضعافاً للهاشميين،و المصريين لتعزيز مركزهم في قيادة العالم العربي على حساب العراقيين،و الأتراك لعدم إغضاب الأمريكيين) و كان الشعب السوري في كل دول سورية الكبرى ضد هذه الخطوة التي تزيد في قسمة و تجزئة دوله،و لكن الظروف الدولية كانت أكبر من إرادته.
ثم ما لبث حزب البعث العربي الاشتراكي أن استلم السلطة في العراق 1963 - في خطوة أزاحت الهاشميين كلاعب في المنطقة – و قيامه بالتأميم و الإصلاحات الداخلية و تحديث الصناعة و قانون الإصلاح الزراعي.
و عند هذا التاريخ أصبح اللاعبون الإقليميون و الدوليون كالآتي :
1)العراق و سورية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي كقوة إقليمية سورية صاعدة لأول مرة في التاريخ الحديث.
2)الاتحاد السوفييتي (الصديق للسوريين و العراقيين و المصريين)
3)الولايات المتحدة الأمريكية و ذراعها العسكري الكيان الصهيوني.
4)مصر.
5)الأسرة السعودية.
أما إيران و تركيا فكانتا تعانيان من انكفاء داخلي نتيجة الأوضاع الداخلية في كل منهما.
و في ظل هذه المتغيرات و قبل أن تتمكن سورية و العراق من بناء دولتيهما و جيشيهما كان على الولايات المتحدة أن تتحرك فكانت حرب 1967 (النكسة) و التي كان من أهم عوامل خسارة العرب فيها حجم التسلح العربي الرمزي مقارنة بالصهيوني و عدم كفاءة المقاتل العربي باستعمال أدوات الحرب الحديثة،الاضطرابات الداخلية و الصراعات داخل حزب البعث في سورية و العراق، عنصر المفاجأة الصهيوني.
و تتالت الانقسامات في صفوف البعث في سورية و في العراق،ثم كانت حرب تشرين 1973 التي أعادت إلى المواطن العربي جزء من كرامته المسلوبة،و حررت بعض الأراضي المحتلة،و قد دعم هذه الحرب العراق و السعودية و العرب بالمجمل لصالح القضية الفلسطينية بشكل أساسي و السوفييت و الأمريكان دفاعاً عن مناطق نفوذ كل منهما،و بعدها بسنوات بدأت الحرب الأهلية في لبنان للسيطرة على
الحكم فيه بين القوى التقدمية و اليسارية اللبنانية و الفلسطينية و بين البرجوازية الوطنية المسيحية المارونية ثم تشعبت هذه الحرب من صراع على السلطة إلى حروب و جبهات قتالية متعددة.
و كانت الأعوام من 1963 و حتى 1979 من أفضل الأعوام بالنسبة لبناء سورية و بالنسبة لسورية الكبرى - كمنظور استراتيجي و موازين قوى - على وجه العموم إلا أن الأحداث و المفاجآت المتوالية تأبى أن تترك هذه المنطقة.
فكانت الإطاحة بإيران الشاهنشاهية لصالح إيران الجمهورية الإسلامية 1979،في خطوة بالغة الأهمية و التأثير على مجرى الأحداث في المنطقة،حيث استبدل العلم الصهيوني بالعلم الفلسطيني على السفارة الصهيونية التي أصبحت سفارة دولة فلسطين،و بدأت إيران ببناء دولة عصرية و حديثة و بالتأميم و الإصلاح الزراعي و الاقتصادي و الصناعي،و بنية الانفتاح على المنطقة العربية كلاعب
استراتيجي،إلا أن حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق ارتكب خطأ استراتيجياً قاتلاً (و ربما البعض يسميه تواطأً) بتغيير بوصلة الصراع في المنطقة من فلسطين على إيران،و كانت حرب الثمان سنوات المؤلمة التي دمرت العراق و إيران من دون أي نتيجة تذكر،و قد دعمت هذه الحرب من قبل السوفييت و الأمريكيين كل حسب مصلحته،و تميز موقف الأسرة السعودية بدعم هذه الحرب من وجهتي نظر الأولى أيام الملك فيصل الذي دعمها لتحرير الأراضي العربية المحتلة أما وجهة النظر الثانية فهي لإضعاف إيران كقوة إقليمية صاعدة و التزاماً بالمصالح الأمريكية)،أما سورية فقد نأت بنفسها عن هذه الحرب لأنها اعتبرتها إنهاء لقوتين كبيرتين (الأولى شقيقة،و الثانية يجب الاستفادة من توجهاتها الجديدة الداعمة لقضية فلسطين) لصالح العدو الصهيوني،و نتيجة هذا الصراع خرج العراق و إيران كقوتين إقليميتين من دائرة الصراع العربي الصهيوني لمدة ثمان سنوات
و كان السلام المصري الصهيوني 1979،الذي كان له بالغ الأثر أيضاً على مجرى الأحداث في المنطقة، و كانت نتيجته خروج مصر من دائرة الصراع العربي الصهيوني حتى وقتنا الراهن.
و كان من نتائج أحداث حرب الثمان سنوات و من نتائج الحرب الأهلية في لبنان و من سلام مصر مع الصهاينة،بداية موازين قوى جديدة غيرت التفوق الإقليمي السابق الذي كان لصالح سورية و العراق و مصر إلى تفوق إقليمي لصالح العدو الصهيوني تمثل باحتلال جنوب لبنان،و تمثل بالاضطرابات الداخلية في سورية بظهور حركة الإخوان المسلمين المسلحة المدعومة أمريكياً و سعودياً.
و أصبح اللاعبون الأساسيين في المنطقة :
1)الولايات المتحدة الأمريكية.
2)الاتحاد السوفييتي.
3)الكيان الصهيوني.
4)سورية.
5)السعودية.
ثم أتت فترة نهاية حرب الخليج أو حرب الثمان سنوات،و بعدها انهيار الاتحاد السوفييتي و المنظومة الاشتراكية،و ترافق ذلك مع زيادة و قوة المد الإسلامي على مستوى العالم نظراً ليأس و صدمة الاشتراكيين و اليساريين من فشل تجربة الاتحاد السوفييتي،و لتكون من أسوء الفترات في تاريخ الهلال الخصيب،حيث كانت موازين القوى أو اللاعبين الأساسيين هم :
1)الولايات المتحدة الأمريكية.
2)الكيان الصهيوني.
3)سورية.
4)العراق.
5)إيران.
6)السعودية.
ثم الخطأ الاستراتيجي الثاني للعراق باحتلاله الكويت و حرب الخليج و إخراج العراق من ناد اللاعبين الأساسيين في المنطقة،و التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية و كان من داعميها الأساسيين بالطبع الكيان الصهيوني مستغلين أحادية القطب الجديدة على مستوى العالم،و أيضا الأسرة السعودية نصرة للأسرة الحاكمة في الكويت،و خوفاً من إقدام العراق على التدخل
العسكري في السعودية بعد علمه بالفخ الذي نصبه الأمريكان له،أما إيران فرغم كرهها للنظام العراقي إلا أنها لم ترغب بوجود الجيش الأمريكي على حدودها الغربية فاتخذت موقف الحياد،و أما الأتراك كانوا داعمين نظراً لكونهم أعضاء في حلف شمال الأطلسي،و لإضعاف العراق،أما سورية فسلمت
بالأمر نظراً للإجماع العالمي و أحادية القطب الجديدة،و لبسط سيطرتها في لبنان،و نصرة للكويت.
و في ظل هذه الموازين الجديدة وجدت سورية نفسها محاصرة و لزاماً عليها التحالف الاستراتيجي مع إيران و نسج علاقات متينة مع السعودية و مصر،و لكن هذا الأمر لم يتبلور بالشكل المناسب حتى منتصف التسعينات،و لم تتنفس سورية الصعداء حتى عام 2000 عام تحرير جنوب لبنان بفضل المقاومة اللبنانية.
فعاد بعض الشيء من التوازن الإقليمي ليصبح اللاعبون الأساسيين :
1)الولايات المتحدة الأمريكية.
2)الكيان الصهيوني.
3)سورية و لبنان.
4)إيران.
5)السعودية و مصر.
و لكن أيضاً بعد كل انتصار عربي لا بد من حرب جديدة للسيطرة على المنطقة و تغليب موازين القوى لصالح الصهاينة و الأمريكان،فكان العام 2003 ،عام احتلال العراق،و قد عارضت سورية هذا الاحتلال نظراً لتحسن وضعها الإقليمي،كما عارض الإيرانيون رغم كرههم للنظام العراقي إلا أنهم لا يفضلون وجود الأمريكان على حدودهم الغربية،كما عارضت كل من روسيا و الصين نظراً لتحسن الأوضاع الاقتصادية فيهما و بداية نهوضهما،كما عارضت تركية هذه الحرب خوفاً من أن هذا الاحتلال من شأنه تقوية الأكراد العراقيين،الأمر الذي سينعكس سلباً على وضعها الداخلي،كما شجعها على ذلك عدم الإجماع الدولي،و لكن هذا الاحتلال حظي بدعم غريب من الأسرة السعودية فلا أرض محتلة و لا تهديد عراقي ممكن عملياً و إنما جاء هذا الدعم تنفيذا للرغبة الأمريكية.
و زاد هذا الاحتلال من صعوبة الموقف السوري،و كان من أهم نتائجه الضغط على سورية من خلال ملف لبنان،في قضية اغتيال رئيس وزرائه،ثم عدوان 2006 ،و الذي فشل العدو الصهيوني في تحقيق أهدافه،رغم أنه كان بدعم سعودي و مصري،في إطار صراع المصالح و محاولة بسط النفوذ السعودي المصري في لبنان،فكان ذلك بداية انتصار لسورية و لبنان مترافق مع نتائج مشرفة للمقاومة العراقية التي حظيت بدعم سوري،ثم كان حصار غزة و عدوان غزة في ظل تجاهل من الأسرة السعودية و دعم مصري للحصار،و أيضا نجح الفلسطينيون في إفشال أهداف العدوان عليهم في غزة،و ترافق ذلك مع اقتراب إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق،و تحسن العلاقات العراقية السورية بشكل كبير – مما يشكل أملا في نهوض الهلال الخصيب من جديد –،و نمو إيران كقوة إقليمية قوية،و عودة
روسيا الاتحادية إلى الساحة العالمية بقوة و صعود التنين الصيني،كل هذا سيجعل اللاعبين الجدد في المنطقة هم :
1)إيران .
2)الكيان الصهيوني.
3)سورية و المقاومة اللبنانية الفلسطينية.
4)العراق.
5)الولايات المتحدة الأمريكية.
6)روسيا و الصين.
7)تركيا و السعودية.
و هذا ما دفع الولايات المتحدة إلى الإسراع بتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد قبل خروج قواتها من العراق لتبقى المنطقة تعاني من صراعات حادة و يبقى التفوق الصهيوني.
..............
بقلم علاء غانم29/11/2011
علاء غانم.
...........
طالما كان مصطلح سورية الكبرى مثار جدل و صراعات و تنافس داخل سورية و خارجها و قبل البدء بالحديث عن هذه الصراعات يجب أن نحدد مفهوم سورية الكبرى.
سورية الكبرى من وجهة نظر الحزب السوري القومي الاجتماعي : مكونة من دول بلاد الشام (سورية و لبنان و فلسطين و الأردن) و من العراق و الكويت و من هضبة سيناء و من قبرص و من المناطق المحتلة (كيليكية و لواء الاسكنرونة و الأهواز) و هو ما يسمى اختصاراً الهلال الخصيب.
سورية الكبرى من وجهة نظر الكثير من المثقفين السوريين : مكونة من دول بلاد الشام (سورية و لبنان و فلسطين و الأردن)و من المناطق المحتلة (كيليكية و لواء الاسكندرونة).
.........
الصراعات القديمة :
نظرا للطبيعة الجغرافية الواحدة و لامتداد الأراضي الخصبة و للموقع التجاري و المتوسط بين الشرق (فرس و هنود و صينيين) و بين الغرب (الإغريق و الرومان و البيزنطيين) حاولت أقوام و شعوب سورية (الآشوريين و البابليين و الآراميين و الكنعانيين و الفينيقيين) السيطرة على المنطقة من خلال صراعات و حروب و إقامة دول وحدت الهلال الخصيب تحت سيطرتها لفترات قصيرة أو طويلة من السنين ثم صراع هذه الشعوب السورية مع الحوريين و الحثيين القادمين من الشرق و الذين استوطنوا المنطقة ثم أتت فترة الإسلام و كانت سورية الكبرى مركز الدولة الإسلامية بشقيها الأموي و العباسي و مدينتيها (دمشق و بغداد) عاصمتا هذه الدولة الإسلامية ثم الصراعات مع الأعداء الخارجيين و الإمبراطوريات الكبرى ثم كان الاحتلال العثماني و ما جلبه على منطقة الهلال الخصيب من بؤس و جهل
و تقسيم أوصال سورية الكبرى لسهولة السيطرة عليها.
..........
الصراعات الحديثة :
منذ بدايات القرن العشرين بدأت ملامح و خرائط العالم بالتغير فكانت الحرب العالمية الأولى و كانت الثورة البلشفية في روسيا أما على صعيد المنطقة العربية فقد تعزز دور القوتين الفرنسية و البريطانية على حساب الدور العثماني التركي فقسم العالم العربي إلى ثلاث مناطق رئيسة :
الأولى منطقة فرنسية (المغرب العربي و خصوصاً الجزائر) تخضع للسيادة الفرنسية الكاملة و تصبح أرض فرنسية مع إعطاء الحلفاء الآخرين بعض الحصص كإيطاليا في ليبيا و اسبانيا في قسم من المغرب
و الثانية منطقة نفوذ فرنسية بريطانية محتلة (مصر و السودان و سورية الكبرى) مع تسهيل قيام كانتون موال لهم متمثل بالحركة الصهيونية العالمية بالإضافة لدول تأمين طريق الهند (الإمارات و عمان و اليمن) الثالثة هي منطقة نفوذ بريطانية غير محتلة متمثلة بالحركة الوهابية (محمد بن عبد الوهاب و أسرة آل سعود) في منطقة الجزيرة العربية خصوصاً بعد تخليهم
عن حلفهم مع الأسرة الهاشمية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى و كانت سورية الكبرى هي ضحية هذا الصراع من خلال اتفاقيتي سايكس بيكو و سان ريمون،و وعد بلفور،و تنازل فرنسا لتركيا - حسماً للصراع و لتوافق المصالح -عن أرض كيليكية السورية ثم عن محافظة لواء الاسكندرونة السورية،و غض طرف البريطانيين عن احتلال الأهواز السورية من قبل إيران الشاهنشاهية،و تسهيل هجرة اليهود إلى دولتهم المصطنعة.
و مع حلول الحرب العالمية الثانية بدأت القوتان العالميتان البريطانية و الفرنسية بالاضمحلال لحساب القوتين الصاعدتين السوفييتية و الأمريكية و ترافق ذلك مع خسارة البريطانيين و الفرنسيين المنطقتين الأولى و الثانية بفعل المقاومات الشعبية و بفعل تغير موازين القوى العالمية و بدأت الدول العربية التي فصلها و قسمها الحلفاء في الحرب العالمية الأولى بالتحرر،أما منطقة النفوذ الثالثة في الجزيرة العربية فقد نجح الأمريكان بوراثة سلطة البريطانيين عليها خصوصاً مع وجود النفط و بدؤوا بنسج تحالفات و مناطق نفوذ جديدة متمثلة بالسيطرة على الجزيرة العربية سيطرة غير مباشرة من خلال دعمهم للأسرة السعودية،و بنسج حلف مع الدولة الإيرانية الشاهنشاهية،و بالوجود العسكري المباشر من خلال ربيبتها الكيان الصهيوني.
و دخل الهلال الخصيب مرحلة من الصراعات الداخلية بين دوله و الخارجية مع دول الجوار،فكان العراق و الأردن من نصيب الأسرة الهاشمية و كان لبنان من نصيب البرجوازية الوطنية المسيحية المارونية،و كانت سورية من نصيب البرجوازية الوطنية (الحزب الوطني و حزب الشعب) و القوى و التيارات و الأحزاب اليسارية و الاشتراكية و القومية الصاعدة (الحزب السوري القومي الاجتماعي و الحزب الشيوعي و حزب البعث العربي الاشتراكي و الأحزاب الاشتراكية الأخرى و حركة القوميين العرب و التيار الناصري) و كانت فلسطين محتلة من قبل الكيان الصهيوني.
و هنا بدأ الصراع على سورية من قبل عدة لاعبين :
1)الأسرة الهاشمية (العراق و الأردن) التي أرادت ضم سورية إلى حكمها.
2)الأسرة السعودية التي كان يرعبها وجود دولة قوية متمثلة بالهلال الخصيب على حدودها الشمالية بالإضافة لعدائها التقليدي مع الأسرة الهاشمية.
3)الأتراك الطامعين أبداً بالأراضي السورية.
4)الأمريكان الذين كان يرعبهم وجود دولة قوية متمثلة بالهلال الخصيب تؤثر سلباً على مصالحهم النفطية في الخليج العربي و على مصالح الأسرة السعودية و على وجود الصهاينة في المنطقة.
5)الوطنيين السوريين الذين جمعهم هدف واحد رغم اختلاف بقية أهدافهم و رؤاهم (قومية سورية أو قومية عربية أو شيوعية أو اشتراكية أو برجوازية وطنية) ألا و هو إعادة تحرير أراضي سورية الكبرى و توحيد دولها بمنأى عن الحكم الهاشمي.
و كانت الوحدة مع مصر و بروز مصر كلاعب جديد في المنطقة هذا الحدث الذي قض مضجع الكثيرين في المنطقة (و أيضاً كل حسب مصالحه) و خصوصاً الصهاينة (فالأمريكان و الصهاينة ذعروا من وجود دولة قوية عربية تعد نواة للوحدة العربية بقيادة زعيم عربي له حضوره الجماهيري الكبير و من تزايد المد السوفييتي الذي كون علاقات جيدة مع الأحزاب اليسارية و مع دولة الوحدة،أما
الأتراك و الإيرانيين فكانوا منغلقين إلى الداخل مع ضمور دورهم الإقليمي،أما الهاشميين فكانوا ضد هذه الخطوة لأنها تسحب البساط الشعبي و الشرعي من أيديهم بقيادة المنطقة،أما الأسرة السعودية فذعرت من هذه الخطوة لعدة أسباب أهمها خوفاً على نظامهم الملكي،و خوفاً من بروز نجم الزعيم العربي جمال عبد الناصر و من تزايد المطالبين بالوحدة في الشارع السعودي،بالإضافة لإضعاف حلفائها الأمريكيين )،إلا أن تجربة الوحدة اعترتها الكثير من الأخطاء الداخلية و الضربات الخارجية فكانت النتيجة الحتمية هي الانفصال و بروز حكومة الانفصال ثم صعود التيار الاشتراكي متمثلاً بحزب البعث العربي الاشتراكي الذي استلم السلطة عام 1963 و قام بالتأميم و الإصلاحات الداخلية و تحديث الصناعة و قانون الإصلاح الزراعي و التعاقد الفوري مع السوفييت من أجل
بناء المشاريع الضخمة كمشروع سد الفرات.
أما على الصعيد العراقي فقد نجحت الولايات المتحدة بفصل الكويت عن العراق عام 1961 في ظل دعم إقليمي لهذه الخطوة كل حسب مصالحه (الأمريكان لسهولة السيطرة على هذه المنطقة النفطية،و إيران الشاه دعماً لحلفائهم الأمريكيين،و السعوديين لسيطرتهم المحتملة على هذه المنطقة و إضعافاً للهاشميين،و المصريين لتعزيز مركزهم في قيادة العالم العربي على حساب العراقيين،و الأتراك لعدم إغضاب الأمريكيين) و كان الشعب السوري في كل دول سورية الكبرى ضد هذه الخطوة التي تزيد في قسمة و تجزئة دوله،و لكن الظروف الدولية كانت أكبر من إرادته.
ثم ما لبث حزب البعث العربي الاشتراكي أن استلم السلطة في العراق 1963 - في خطوة أزاحت الهاشميين كلاعب في المنطقة – و قيامه بالتأميم و الإصلاحات الداخلية و تحديث الصناعة و قانون الإصلاح الزراعي.
و عند هذا التاريخ أصبح اللاعبون الإقليميون و الدوليون كالآتي :
1)العراق و سورية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي كقوة إقليمية سورية صاعدة لأول مرة في التاريخ الحديث.
2)الاتحاد السوفييتي (الصديق للسوريين و العراقيين و المصريين)
3)الولايات المتحدة الأمريكية و ذراعها العسكري الكيان الصهيوني.
4)مصر.
5)الأسرة السعودية.
أما إيران و تركيا فكانتا تعانيان من انكفاء داخلي نتيجة الأوضاع الداخلية في كل منهما.
و في ظل هذه المتغيرات و قبل أن تتمكن سورية و العراق من بناء دولتيهما و جيشيهما كان على الولايات المتحدة أن تتحرك فكانت حرب 1967 (النكسة) و التي كان من أهم عوامل خسارة العرب فيها حجم التسلح العربي الرمزي مقارنة بالصهيوني و عدم كفاءة المقاتل العربي باستعمال أدوات الحرب الحديثة،الاضطرابات الداخلية و الصراعات داخل حزب البعث في سورية و العراق، عنصر المفاجأة الصهيوني.
و تتالت الانقسامات في صفوف البعث في سورية و في العراق،ثم كانت حرب تشرين 1973 التي أعادت إلى المواطن العربي جزء من كرامته المسلوبة،و حررت بعض الأراضي المحتلة،و قد دعم هذه الحرب العراق و السعودية و العرب بالمجمل لصالح القضية الفلسطينية بشكل أساسي و السوفييت و الأمريكان دفاعاً عن مناطق نفوذ كل منهما،و بعدها بسنوات بدأت الحرب الأهلية في لبنان للسيطرة على
الحكم فيه بين القوى التقدمية و اليسارية اللبنانية و الفلسطينية و بين البرجوازية الوطنية المسيحية المارونية ثم تشعبت هذه الحرب من صراع على السلطة إلى حروب و جبهات قتالية متعددة.
و كانت الأعوام من 1963 و حتى 1979 من أفضل الأعوام بالنسبة لبناء سورية و بالنسبة لسورية الكبرى - كمنظور استراتيجي و موازين قوى - على وجه العموم إلا أن الأحداث و المفاجآت المتوالية تأبى أن تترك هذه المنطقة.
فكانت الإطاحة بإيران الشاهنشاهية لصالح إيران الجمهورية الإسلامية 1979،في خطوة بالغة الأهمية و التأثير على مجرى الأحداث في المنطقة،حيث استبدل العلم الصهيوني بالعلم الفلسطيني على السفارة الصهيونية التي أصبحت سفارة دولة فلسطين،و بدأت إيران ببناء دولة عصرية و حديثة و بالتأميم و الإصلاح الزراعي و الاقتصادي و الصناعي،و بنية الانفتاح على المنطقة العربية كلاعب
استراتيجي،إلا أن حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق ارتكب خطأ استراتيجياً قاتلاً (و ربما البعض يسميه تواطأً) بتغيير بوصلة الصراع في المنطقة من فلسطين على إيران،و كانت حرب الثمان سنوات المؤلمة التي دمرت العراق و إيران من دون أي نتيجة تذكر،و قد دعمت هذه الحرب من قبل السوفييت و الأمريكيين كل حسب مصلحته،و تميز موقف الأسرة السعودية بدعم هذه الحرب من وجهتي نظر الأولى أيام الملك فيصل الذي دعمها لتحرير الأراضي العربية المحتلة أما وجهة النظر الثانية فهي لإضعاف إيران كقوة إقليمية صاعدة و التزاماً بالمصالح الأمريكية)،أما سورية فقد نأت بنفسها عن هذه الحرب لأنها اعتبرتها إنهاء لقوتين كبيرتين (الأولى شقيقة،و الثانية يجب الاستفادة من توجهاتها الجديدة الداعمة لقضية فلسطين) لصالح العدو الصهيوني،و نتيجة هذا الصراع خرج العراق و إيران كقوتين إقليميتين من دائرة الصراع العربي الصهيوني لمدة ثمان سنوات
و كان السلام المصري الصهيوني 1979،الذي كان له بالغ الأثر أيضاً على مجرى الأحداث في المنطقة، و كانت نتيجته خروج مصر من دائرة الصراع العربي الصهيوني حتى وقتنا الراهن.
و كان من نتائج أحداث حرب الثمان سنوات و من نتائج الحرب الأهلية في لبنان و من سلام مصر مع الصهاينة،بداية موازين قوى جديدة غيرت التفوق الإقليمي السابق الذي كان لصالح سورية و العراق و مصر إلى تفوق إقليمي لصالح العدو الصهيوني تمثل باحتلال جنوب لبنان،و تمثل بالاضطرابات الداخلية في سورية بظهور حركة الإخوان المسلمين المسلحة المدعومة أمريكياً و سعودياً.
و أصبح اللاعبون الأساسيين في المنطقة :
1)الولايات المتحدة الأمريكية.
2)الاتحاد السوفييتي.
3)الكيان الصهيوني.
4)سورية.
5)السعودية.
ثم أتت فترة نهاية حرب الخليج أو حرب الثمان سنوات،و بعدها انهيار الاتحاد السوفييتي و المنظومة الاشتراكية،و ترافق ذلك مع زيادة و قوة المد الإسلامي على مستوى العالم نظراً ليأس و صدمة الاشتراكيين و اليساريين من فشل تجربة الاتحاد السوفييتي،و لتكون من أسوء الفترات في تاريخ الهلال الخصيب،حيث كانت موازين القوى أو اللاعبين الأساسيين هم :
1)الولايات المتحدة الأمريكية.
2)الكيان الصهيوني.
3)سورية.
4)العراق.
5)إيران.
6)السعودية.
ثم الخطأ الاستراتيجي الثاني للعراق باحتلاله الكويت و حرب الخليج و إخراج العراق من ناد اللاعبين الأساسيين في المنطقة،و التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية و كان من داعميها الأساسيين بالطبع الكيان الصهيوني مستغلين أحادية القطب الجديدة على مستوى العالم،و أيضا الأسرة السعودية نصرة للأسرة الحاكمة في الكويت،و خوفاً من إقدام العراق على التدخل
العسكري في السعودية بعد علمه بالفخ الذي نصبه الأمريكان له،أما إيران فرغم كرهها للنظام العراقي إلا أنها لم ترغب بوجود الجيش الأمريكي على حدودها الغربية فاتخذت موقف الحياد،و أما الأتراك كانوا داعمين نظراً لكونهم أعضاء في حلف شمال الأطلسي،و لإضعاف العراق،أما سورية فسلمت
بالأمر نظراً للإجماع العالمي و أحادية القطب الجديدة،و لبسط سيطرتها في لبنان،و نصرة للكويت.
و في ظل هذه الموازين الجديدة وجدت سورية نفسها محاصرة و لزاماً عليها التحالف الاستراتيجي مع إيران و نسج علاقات متينة مع السعودية و مصر،و لكن هذا الأمر لم يتبلور بالشكل المناسب حتى منتصف التسعينات،و لم تتنفس سورية الصعداء حتى عام 2000 عام تحرير جنوب لبنان بفضل المقاومة اللبنانية.
فعاد بعض الشيء من التوازن الإقليمي ليصبح اللاعبون الأساسيين :
1)الولايات المتحدة الأمريكية.
2)الكيان الصهيوني.
3)سورية و لبنان.
4)إيران.
5)السعودية و مصر.
و لكن أيضاً بعد كل انتصار عربي لا بد من حرب جديدة للسيطرة على المنطقة و تغليب موازين القوى لصالح الصهاينة و الأمريكان،فكان العام 2003 ،عام احتلال العراق،و قد عارضت سورية هذا الاحتلال نظراً لتحسن وضعها الإقليمي،كما عارض الإيرانيون رغم كرههم للنظام العراقي إلا أنهم لا يفضلون وجود الأمريكان على حدودهم الغربية،كما عارضت كل من روسيا و الصين نظراً لتحسن الأوضاع الاقتصادية فيهما و بداية نهوضهما،كما عارضت تركية هذه الحرب خوفاً من أن هذا الاحتلال من شأنه تقوية الأكراد العراقيين،الأمر الذي سينعكس سلباً على وضعها الداخلي،كما شجعها على ذلك عدم الإجماع الدولي،و لكن هذا الاحتلال حظي بدعم غريب من الأسرة السعودية فلا أرض محتلة و لا تهديد عراقي ممكن عملياً و إنما جاء هذا الدعم تنفيذا للرغبة الأمريكية.
و زاد هذا الاحتلال من صعوبة الموقف السوري،و كان من أهم نتائجه الضغط على سورية من خلال ملف لبنان،في قضية اغتيال رئيس وزرائه،ثم عدوان 2006 ،و الذي فشل العدو الصهيوني في تحقيق أهدافه،رغم أنه كان بدعم سعودي و مصري،في إطار صراع المصالح و محاولة بسط النفوذ السعودي المصري في لبنان،فكان ذلك بداية انتصار لسورية و لبنان مترافق مع نتائج مشرفة للمقاومة العراقية التي حظيت بدعم سوري،ثم كان حصار غزة و عدوان غزة في ظل تجاهل من الأسرة السعودية و دعم مصري للحصار،و أيضا نجح الفلسطينيون في إفشال أهداف العدوان عليهم في غزة،و ترافق ذلك مع اقتراب إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق،و تحسن العلاقات العراقية السورية بشكل كبير – مما يشكل أملا في نهوض الهلال الخصيب من جديد –،و نمو إيران كقوة إقليمية قوية،و عودة
روسيا الاتحادية إلى الساحة العالمية بقوة و صعود التنين الصيني،كل هذا سيجعل اللاعبين الجدد في المنطقة هم :
1)إيران .
2)الكيان الصهيوني.
3)سورية و المقاومة اللبنانية الفلسطينية.
4)العراق.
5)الولايات المتحدة الأمريكية.
6)روسيا و الصين.
7)تركيا و السعودية.
و هذا ما دفع الولايات المتحدة إلى الإسراع بتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد قبل خروج قواتها من العراق لتبقى المنطقة تعاني من صراعات حادة و يبقى التفوق الصهيوني.
..............
بقلم علاء غانم29/11/2011