الحقوق و الحريات في مصر..تجاوزات سلطوية تكبح الديمقراطية
باتت التجاوزات الحقوقية و انحسار الحريات في مصر أسوء مظاهر الانتهاكات الانسانية، فقد شهدت الاشهر القليلة الماضية تجاوزات من الشرطة ضد مواطنين، كما صدرت أحكام بالإعدام على مئات من أنصار مرسي في محاكمات جماعية سريعة وصفت بأنها غير مسبوقة في التاريخ الحديث، ناهيك عن استمرار انتهاك حرية التعبير و الصحافة، مما أثار استياء منظمات حقوقية محلية و دولية حول مدى امكانية مصر في قدرتها على كبح الديمقراطية الوليدة في البلاد، إذ يواجه القضاء في مصر انتقادات كذلك بسبب احكام قاسية صدرت بحق معارضين سياسيين.
و تتهم منظمات الدفاع عن حقوق الانسان الدولية السيسي رئيس مصر، الذي تؤيده غالبية المصريين بعد ان ارهقتهم اربع سنوات من الفوضى، بانه اقام نظاما اكثر قمعية من نظام حسني مبارك الذي اسقطته ثورة شعبية مطلع العام 2011، و في الشهور التي تلت عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، قتل مئات من انصاره في اشتباكات مع قوات الامن كما تم توقيف الالاف و حبسهم.
فيما أفادت مصادر حقوقية أن قوات الأمن المصرية أصبحت تستخدم الاعتداءات الجنسية ضد المحتجزين منذ إطاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، و أكد المصادر أن العنف الجنسي أصبح يستهدف كل من تقبض عليهم قوات الأمن، بشكل عشوائي، و بغض النظر عن سياق احتجازهم.
فيما يرى بعض المراقبين الحقوقيين ان السيسي يعتبر مبرر وجوده (في السلطة) هو تصفية الاسلاميين و المعارضة و القضاء على ثورة 25 كانون الثاني/يناير و انصارها، و خصوصا عند استخدام جهاز الأمن الوطني هو المسمى الجديد ل"جهاز مباحث أمن الدولة" سيء السمعة و المكروه شعبيا في عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك الذي اطاحته ثورة شعبية في شباط/فبراير 2011.
في حين يرى مراقبون آخرون إن السلطات المصرية تستخدم المحاكم لكبت الصحافة و أدرجت في تقرير أسماء 18 صحفيا و إعلاميا سجنوا و عشرات آخرين يواجهون تحقيقات جنائية، و عزز وجهة نظر الجماعات الحقوقية بأن الحكومة تحد من الحريات التي تم اكتسابها بعد انتفاضة 2011 حكم صدر العام الماضي بالسجن ما بين سبع سنوات و عشر سنوات على ثلاثة من صحفيي قناة الجزيرة بتهمة نشر أكاذيب، حيث أصبحت حرية الإعلام في مصر بعد الثورة، مثيرة للقلق و الجدل، كونها تتأرجح ما بين الالتزام بالقانون و مواثيق الشرف الإعلامي و قمع الحريات و خرق المسؤولية الاجتماعية.
و تثير تلك الاحكام و القوانين مخاوف لدى بعض الحقوقيين من انعكاس وصول نظام يستخدم القوة الى السلطة على المناخ الحقوقي في البلاد، مما يؤثر سلبا على حرية التعبير، و هو أمر من شأنه ان يسهم في تراجع الحريات في بلاد مثل مصر، و يمثل هذا التراجع مؤشرا خطيرا شابته انتقادات واسعة من قبل النقابات و المنظمات الحقوقية في هذا البلد، فعلى الرغم من مظاهر الحرية و الديمقراطية خلال السنوات القليلة الماضية، الا ان الانتهاكات الحقوقية و قمع الحريات في مصر بتزايد مستمر، و هذا ينطوي على قدر كبير من الحذر و الحساسية لمستقبل الحريات و الحقوق هناك.
الاعدام في مصر و عهد الرعب
في سياق متصل قال الاكاديمي عماد شاهين الذي حكم عليه بالاعدام غيابيا في مصر ان السلطات المصرية اطلقت ما اسماه "عهد الرعب" في مواجهة معارضي الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مقابلة هاتفية مع فرانس برس.
و صدر السبت حكم بالاعدام في قضية تخابر على 16 شخصا من بينهم عماد شاهين و هو اكاديمي متخصص في السياسات العامة فر من مصر مطلع العام 2014 و اصبح الان استاذا زائرا في جامعة جورج تاون بواشنطن، و دين شاهين و35 متهما اخر من بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي بالتخابر لصالح قوى خارجية من بينها ايران و كذلك مع حركة حماس الفلسطينية خلال الفترة من 2005 الى اب/اغسطس 2013 بغرض زعزعة الاستقرار في مصر، و انتقد شاهين الذي سبق ان عمل استاذا في جامعتي هارفارد و كولومبيا الاميركيتين، الحكم الصادر ضده، و قال "ان مثل هذه الاحكام رسالة للشعب المصري بمجمله مفادها ان عصر الرعب مستمر و انه من الخطر جدا معارضة نظام" السيسي.
و اضاف شاهين البالغ من العمر 57 عاما "لا استطيع ان اقول انني صدمت، فبالنظر الى معدل الاحكام التي يصدرها القضاء المصري كل شيء اصبح ممكنا"، و يدين شاهين صمت الغرب على الانتهاكات التي ترتكبها انظمة حكم "اوتوقراطية" معربا عن اعتقاده بان "السيسي جزء من المشكلة و يجب ان يرحل"، و بعد ساعات فقط من اصدار الحكم باعدامه اطلق طلابه و زملاؤه السابقون في الجامعة الاميركية في القاهرة حملة على شبكات التواصل الاجتماعي، و قالت الناشطة الحقوقية هبة مريف على حسابها على تويتر "حكم عجيب بالاعدام لعماد شاهين و هو استاذ يحبه و يحترمه الكثير من طلابه السابقين في الجامعة الاميركية"، و قال اشرف الشريف و هو استاذ في الجامعة الاميركية يعرف عماد شاهين منذ العام 1988 انه رجل "ديموقراطي يؤمن بحقوق الانسان و التعددية و ادماج الاسلاميين المعتدلين في السياسة".
و يضيف الشريف لفرانس برس ان شاهين "مستقل عارض نظام مبارك و ايد ثورة كانون الثاني/يناير وكانت له وجهة نظر نقدية حتى تجاه مرسي"، و نفى عماد شاهين ان يكون قابل او قدم استشارات "رسمية او غير رسمية" لمرسي، و اكد شاهين ان "مرسي و الاخوان المسلمين لم يستطيعوا ان يفهموا طبيعة و اليات الدولة المصرية، لم يكونوا ثوريين بالقدر الكافي و ارادوا اصلاح الدولة من الداخل لذلك فقد تم التهامهم"، و يعتقد شاهين انه يحاكم اليوم لانه انتقد "الانقلاب" على مرسي، و يضيف "بالنسبة لي فان عملية ديموقراطية ضعيفة افضل من نظام تسلطي قوي"، و كان الجيش عزل مرسي عقب تظاهرات ضخمة طالبت برحيله، و يقول شاهين انه من غير الوارد بالنسبة له ان يعود الى مصر في الوقت الراهن "لانه حتى لو تم تخفيف عقوبة الاعدام فستكون ماذا السجن المؤبد؟".
استخدم الاعتداءات الجنسية ضد المعارضة
فيما اتهمت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان قوات الأمن المصرية باستخدام الاعتداءات الجنسية ضد المحتجزين عقب إطاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي معتبرة أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي يستهدف بذلك "خنق المجتمع المدني و إسكات كل المعارضة".
و قال تقرير أصدرته المنظمة إنه منذ إطاحة مرسي في تموز/يوليو 2013 "حدث تصعيد في وتيرة العنف الجنسي الذي ترتكبه قوات الأمن في مصر"، و أكد التقرير أن العنف الجنسي أصبح يستهدف كل من تقبض عليهم قوات الأمن، بشكل عشوائي، و بغض النظر عن سياق احتجازهم أو القبض عليهم.
بالإضافة إلى خصوم نظام السيسي، فإن من الضحايا عناصر من العاملين بالمجتمع المدني، و طلابا، و سيدات، و من توجد تصورات بأنهم يعرضون الآداب العامة للخطر"، و قال كريم لاهيجي رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "إن معدل العنف الجنسي المشهود أثناء الاعتقالات و في مراكز الاحتجاز، و أوجه الشبه في الأساليب المستخدمة و الإفلات العام من العقاب الذي يتمتع به الجناة، كل هذا يشير إلى إستراتيجية سياسية تستهدف خنق المجتمع المدني و إسكات المعارضة كلها".
و أضاف التقرير أن "مقابلات مع ضحايا و محامين و عناصر من المجتمع المدني و منظمات حقوق الإنسان" كشفت عن "تورط الشرطة و عناصر من الأمن الوطني و الجيش في العنف الجنسي، بما يشمل أعمال اغتصاب، و اعتداءات جنسية، و اغتصاب بأدوات، و صعق الأعضاء الجنسية بالكهرباء، و التشهير الجنسي و الابتزاز الجنسي".
و اعتبرت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن هذا "العنف يتم ارتكابه على نطاق موسع من قبل قوات الأمن التابعة للدولة، بما يمثل استهزاءً بالتزامات الحكومة التي قطعتها على مسار مكافحة العنف الجنسي في المجتمع المصري و اعتبارها لهذه القضية من الأولويات".
و قالت أمينة بوعياش الأمينة العامة للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "على الحكومة المصرية أن تضع حداً على الفور لهذه الجرائم، التي يرتكبها فاعلون تحت تصرفها بشكل مباشر. لابد أن تضمن بدء تحقيقات جادة في جميع المزاعم و أن تفتح ملاحقات قضائية و تعاقب المسؤولين عن تلك الأعمال بما يتفق مع المعايير الدولية".
استخدام المحاكم و السجن لترهيب الصحفيين
على صعيد ذي صلة قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات المصرية تستخدم المحاكم لكبت الصحافة و أدرجت في تقرير أسماء 18 صحفيا و إعلاميا سجنوا و عشرات آخرين يواجهون تحقيقات جنائية، و قالت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن عدة صحفيين احتجزوا منذ فترات طويلة دون توجيه اتهامات لهم أو إجراء محاكمات لهم و من بينهم مصور مصري يعرف باسم شوكان محتجز منذ أكثر من 600 يوم.
و قالت منظمة العفو "في مصر اليوم أي شخص يتحدى الرواية التي تروج لها السلطات رسميا أو ينتقد الحكومة أو يكشف انتهاكات حقوق الانسان معرض لخطر الزج به في السجن و غالبا ما يحتجز لأجل غير مسمى دون اتهام أو محاكمة أو احالته للقضاء بتهم ملفقة"، وردت وزارة الخارجية المصرية على التقرير بقوله إن الصحفيين يلقى القبض عليهم بناء على إذن من النائب العام و تتم مراعاة الاجراءات القانونية بشكل كامل. بحسب رويترز.
و قال بدر عبد العاطي المتحدث باسم الخارجية إنه لا يتم استهداف أحد لكونه صحفيا و إن مثل هذه الاتهامات هراء مسيس، و تم ترحيل الاسترالي بيتر جريست في فبراير شباط في حين تجري إعادة محاكمة المصري الكندي محمد فهمي والمصري باهر محمد بعد أن وجدت محكمة عيوبا اجرائية في القضية الاصلية.
و من بين الحالات الأخرى التي أشار إليها تقرير منظمة العفو حكم صدر بالسجن 25 عاما على 14 صحفيا و إعلاميا الشهر الماضي بتهمة نشر معلومات كاذبة و التحريض على العنف. و يمكن الطعن في هذا الحكم.
و في قضية منفصلة يواجه خمسة صحفيين من صحيفة المصري ذات الملكية الخاصة تحقيقا جنائيا بعد اتهامهم قوات الأمن بالفساد و انتهاك حقوق الانسان، و اعتقل مصور صحفي آخر خلال احتجاج بالقاهرة في ديسمبر كانون الأول 2013 أكثر من 18 شهرا قبل توجيه اتهامات له ثم تبرئته في نهاية الأمر، و قالت منظمة العفو إن معظم الإدانات تفتقر إلى الأدلة و اعتمدت فقط على شهادات قوات الأمن، و أضافت إنه منذ منتصف 2013 قُتل ما لا يقل عن ستة صحفيين أثناء تغطيتهم احتجاجات في مصر بيد قوات الأمن أو خلال اشتباكات بين المتظاهرين.
محاكمة مرسي حافلة بالأخطاء
من جهتها قالت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان إن محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي التي حكم عليه فيها بالسجن 20 عاما حافلة بالأخطاء و يبدو أن لها دوافع سياسية، و كانت محكمة جنايات القاهرة قضت الأسبوع الماضي بالسجن المشدد 20 عاما على مرسي و12 آخرين من قيادات و أعضاء جماعة الإخوان المسلمين عن اتهامات بارتكاب العنف و الخطف و التعذيب خلال مظاهرات قتل فيها محتجون أمام قصر الرئاسة عام 2012. و برأت المحكمة مرسي و بقية المتهمين من تهمة القتل العمد التي تصل عقوبتها إلى الإعدام. بحسب رويترز.
و قالت هيومن رايتس ووتش إن احتجاز مرسي لأكثر من ثلاثة أسابيع دون توجيه اتهام له عقب عزله من منصبه كان مخالفا للقانون المصري و انتقدت كثرة اعتماد النيابة على شهادات ضباط القوات المسلحة و الشرطة.
و قالت المنظمة في بيان صدر بعنوان "مصر: محاكمة حافلة بالأخطاء" إنه "أيا كانت المسؤولية السياسية (لمرسي) فلم تثبت النيابة جرمه الجنائي في هذه القضية"، و نسب البيان إلى أحد محامي الدفاع قوله إنه لم يسمح للمحامين سوى بزيارة مرسي مرة واحدة في نوفمبر تشرين الثاني عام 2013. و نقل عن محام ثان قوله إن هيئة الدفاع لم تستدع شهودا حرصا على سلامتهم، و لم تستطع رويترز على الفور الاتصال بالمتحدث باسم وزارة الخارجية للتعقيب على التقرير لكن بيانا حكوميا رفض في الأسبوع الماضي الانتقادات التي وجهت للمحاكمة و وصفها بأنها تدخل غير مقبول في شؤون مصر الداخلية بل و عدم احترام لأحكام القضاء المصري، و ينفي مرسي و شركاؤه في المحاكمة الاتهامات التي وجهت إليهم و من المتوقع أن يستأنفوا الحكم، و قوبلت أحكام قاسية على ألوف من أنصار مرسي من بينها أحكام بإعدام العشرات في محاكمات جماعية بإدانات واسعة في الخارج من جانب جماعات لحقوق الانسان و الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي، و قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات لم تحقق في مقتل أنصار مرسي في المظاهرات التي وقعت عام 2012 و أضافت أن ذلك يخلق الانطباع بأن القضية ذات دوافع سياسية ضد الإخوان".
حبس محافظ مصري سابق بتهمة التظاهر
من جانب آخر قالت مصادر قضائية إن محكمة مصرية حكمت على محافظ سابق بالسجن أربع سنوات بتهمة انتهاك قانون استخدم خلال 18 شهرا ماضية لسجن مئات النشطاء الإسلاميين و العلمانيين.
و يعتبر النجار أكبر مسؤول حكومي يحاكم بموجب قانون التظاهر الذي صدر بعد بضعة أشهر من الإطاحة بمرسي. و يجرم القانون التظاهر بدون الحصول على إذن مسبق من الشرطة.
و يستخدم القانون لتقييد المظاهرات التي استخدمها المصريون للإطاحة بالرئيس حسني مبارك في 2011 و التعبير عن الاستياء إزاء مرسي. و أثار القانون انتقادات من الخارج بما في ذلك الولايات المتحدة حليفة مصر الوثيقة. بحسب فرانس برس.
و ترك النجار منصبه بعد الإطاحة بمرسي. و قال بيان من المدعى العام إنه اعتقل الشهر الماضي خلال مظاهرة نظمها من اتهموا بأنهم أنصار لجماعة الإخوان المسلمين في حي مدينة نصر بالقاهرة، و أضافت المصادر أنه وقعت عليهم غرامة بقيمة 50 ألف جنيه مصري (6553 دولار). و الحكم قابل للطعن.
.......
28/05/2015
شبكة النبأ المعلوماتية
باتت التجاوزات الحقوقية و انحسار الحريات في مصر أسوء مظاهر الانتهاكات الانسانية، فقد شهدت الاشهر القليلة الماضية تجاوزات من الشرطة ضد مواطنين، كما صدرت أحكام بالإعدام على مئات من أنصار مرسي في محاكمات جماعية سريعة وصفت بأنها غير مسبوقة في التاريخ الحديث، ناهيك عن استمرار انتهاك حرية التعبير و الصحافة، مما أثار استياء منظمات حقوقية محلية و دولية حول مدى امكانية مصر في قدرتها على كبح الديمقراطية الوليدة في البلاد، إذ يواجه القضاء في مصر انتقادات كذلك بسبب احكام قاسية صدرت بحق معارضين سياسيين.
و تتهم منظمات الدفاع عن حقوق الانسان الدولية السيسي رئيس مصر، الذي تؤيده غالبية المصريين بعد ان ارهقتهم اربع سنوات من الفوضى، بانه اقام نظاما اكثر قمعية من نظام حسني مبارك الذي اسقطته ثورة شعبية مطلع العام 2011، و في الشهور التي تلت عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، قتل مئات من انصاره في اشتباكات مع قوات الامن كما تم توقيف الالاف و حبسهم.
فيما أفادت مصادر حقوقية أن قوات الأمن المصرية أصبحت تستخدم الاعتداءات الجنسية ضد المحتجزين منذ إطاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، و أكد المصادر أن العنف الجنسي أصبح يستهدف كل من تقبض عليهم قوات الأمن، بشكل عشوائي، و بغض النظر عن سياق احتجازهم.
فيما يرى بعض المراقبين الحقوقيين ان السيسي يعتبر مبرر وجوده (في السلطة) هو تصفية الاسلاميين و المعارضة و القضاء على ثورة 25 كانون الثاني/يناير و انصارها، و خصوصا عند استخدام جهاز الأمن الوطني هو المسمى الجديد ل"جهاز مباحث أمن الدولة" سيء السمعة و المكروه شعبيا في عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك الذي اطاحته ثورة شعبية في شباط/فبراير 2011.
في حين يرى مراقبون آخرون إن السلطات المصرية تستخدم المحاكم لكبت الصحافة و أدرجت في تقرير أسماء 18 صحفيا و إعلاميا سجنوا و عشرات آخرين يواجهون تحقيقات جنائية، و عزز وجهة نظر الجماعات الحقوقية بأن الحكومة تحد من الحريات التي تم اكتسابها بعد انتفاضة 2011 حكم صدر العام الماضي بالسجن ما بين سبع سنوات و عشر سنوات على ثلاثة من صحفيي قناة الجزيرة بتهمة نشر أكاذيب، حيث أصبحت حرية الإعلام في مصر بعد الثورة، مثيرة للقلق و الجدل، كونها تتأرجح ما بين الالتزام بالقانون و مواثيق الشرف الإعلامي و قمع الحريات و خرق المسؤولية الاجتماعية.
و تثير تلك الاحكام و القوانين مخاوف لدى بعض الحقوقيين من انعكاس وصول نظام يستخدم القوة الى السلطة على المناخ الحقوقي في البلاد، مما يؤثر سلبا على حرية التعبير، و هو أمر من شأنه ان يسهم في تراجع الحريات في بلاد مثل مصر، و يمثل هذا التراجع مؤشرا خطيرا شابته انتقادات واسعة من قبل النقابات و المنظمات الحقوقية في هذا البلد، فعلى الرغم من مظاهر الحرية و الديمقراطية خلال السنوات القليلة الماضية، الا ان الانتهاكات الحقوقية و قمع الحريات في مصر بتزايد مستمر، و هذا ينطوي على قدر كبير من الحذر و الحساسية لمستقبل الحريات و الحقوق هناك.
الاعدام في مصر و عهد الرعب
في سياق متصل قال الاكاديمي عماد شاهين الذي حكم عليه بالاعدام غيابيا في مصر ان السلطات المصرية اطلقت ما اسماه "عهد الرعب" في مواجهة معارضي الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مقابلة هاتفية مع فرانس برس.
و صدر السبت حكم بالاعدام في قضية تخابر على 16 شخصا من بينهم عماد شاهين و هو اكاديمي متخصص في السياسات العامة فر من مصر مطلع العام 2014 و اصبح الان استاذا زائرا في جامعة جورج تاون بواشنطن، و دين شاهين و35 متهما اخر من بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي بالتخابر لصالح قوى خارجية من بينها ايران و كذلك مع حركة حماس الفلسطينية خلال الفترة من 2005 الى اب/اغسطس 2013 بغرض زعزعة الاستقرار في مصر، و انتقد شاهين الذي سبق ان عمل استاذا في جامعتي هارفارد و كولومبيا الاميركيتين، الحكم الصادر ضده، و قال "ان مثل هذه الاحكام رسالة للشعب المصري بمجمله مفادها ان عصر الرعب مستمر و انه من الخطر جدا معارضة نظام" السيسي.
و اضاف شاهين البالغ من العمر 57 عاما "لا استطيع ان اقول انني صدمت، فبالنظر الى معدل الاحكام التي يصدرها القضاء المصري كل شيء اصبح ممكنا"، و يدين شاهين صمت الغرب على الانتهاكات التي ترتكبها انظمة حكم "اوتوقراطية" معربا عن اعتقاده بان "السيسي جزء من المشكلة و يجب ان يرحل"، و بعد ساعات فقط من اصدار الحكم باعدامه اطلق طلابه و زملاؤه السابقون في الجامعة الاميركية في القاهرة حملة على شبكات التواصل الاجتماعي، و قالت الناشطة الحقوقية هبة مريف على حسابها على تويتر "حكم عجيب بالاعدام لعماد شاهين و هو استاذ يحبه و يحترمه الكثير من طلابه السابقين في الجامعة الاميركية"، و قال اشرف الشريف و هو استاذ في الجامعة الاميركية يعرف عماد شاهين منذ العام 1988 انه رجل "ديموقراطي يؤمن بحقوق الانسان و التعددية و ادماج الاسلاميين المعتدلين في السياسة".
و يضيف الشريف لفرانس برس ان شاهين "مستقل عارض نظام مبارك و ايد ثورة كانون الثاني/يناير وكانت له وجهة نظر نقدية حتى تجاه مرسي"، و نفى عماد شاهين ان يكون قابل او قدم استشارات "رسمية او غير رسمية" لمرسي، و اكد شاهين ان "مرسي و الاخوان المسلمين لم يستطيعوا ان يفهموا طبيعة و اليات الدولة المصرية، لم يكونوا ثوريين بالقدر الكافي و ارادوا اصلاح الدولة من الداخل لذلك فقد تم التهامهم"، و يعتقد شاهين انه يحاكم اليوم لانه انتقد "الانقلاب" على مرسي، و يضيف "بالنسبة لي فان عملية ديموقراطية ضعيفة افضل من نظام تسلطي قوي"، و كان الجيش عزل مرسي عقب تظاهرات ضخمة طالبت برحيله، و يقول شاهين انه من غير الوارد بالنسبة له ان يعود الى مصر في الوقت الراهن "لانه حتى لو تم تخفيف عقوبة الاعدام فستكون ماذا السجن المؤبد؟".
استخدم الاعتداءات الجنسية ضد المعارضة
فيما اتهمت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان قوات الأمن المصرية باستخدام الاعتداءات الجنسية ضد المحتجزين عقب إطاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي معتبرة أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي يستهدف بذلك "خنق المجتمع المدني و إسكات كل المعارضة".
و قال تقرير أصدرته المنظمة إنه منذ إطاحة مرسي في تموز/يوليو 2013 "حدث تصعيد في وتيرة العنف الجنسي الذي ترتكبه قوات الأمن في مصر"، و أكد التقرير أن العنف الجنسي أصبح يستهدف كل من تقبض عليهم قوات الأمن، بشكل عشوائي، و بغض النظر عن سياق احتجازهم أو القبض عليهم.
بالإضافة إلى خصوم نظام السيسي، فإن من الضحايا عناصر من العاملين بالمجتمع المدني، و طلابا، و سيدات، و من توجد تصورات بأنهم يعرضون الآداب العامة للخطر"، و قال كريم لاهيجي رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "إن معدل العنف الجنسي المشهود أثناء الاعتقالات و في مراكز الاحتجاز، و أوجه الشبه في الأساليب المستخدمة و الإفلات العام من العقاب الذي يتمتع به الجناة، كل هذا يشير إلى إستراتيجية سياسية تستهدف خنق المجتمع المدني و إسكات المعارضة كلها".
و أضاف التقرير أن "مقابلات مع ضحايا و محامين و عناصر من المجتمع المدني و منظمات حقوق الإنسان" كشفت عن "تورط الشرطة و عناصر من الأمن الوطني و الجيش في العنف الجنسي، بما يشمل أعمال اغتصاب، و اعتداءات جنسية، و اغتصاب بأدوات، و صعق الأعضاء الجنسية بالكهرباء، و التشهير الجنسي و الابتزاز الجنسي".
و اعتبرت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن هذا "العنف يتم ارتكابه على نطاق موسع من قبل قوات الأمن التابعة للدولة، بما يمثل استهزاءً بالتزامات الحكومة التي قطعتها على مسار مكافحة العنف الجنسي في المجتمع المصري و اعتبارها لهذه القضية من الأولويات".
و قالت أمينة بوعياش الأمينة العامة للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "على الحكومة المصرية أن تضع حداً على الفور لهذه الجرائم، التي يرتكبها فاعلون تحت تصرفها بشكل مباشر. لابد أن تضمن بدء تحقيقات جادة في جميع المزاعم و أن تفتح ملاحقات قضائية و تعاقب المسؤولين عن تلك الأعمال بما يتفق مع المعايير الدولية".
استخدام المحاكم و السجن لترهيب الصحفيين
على صعيد ذي صلة قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات المصرية تستخدم المحاكم لكبت الصحافة و أدرجت في تقرير أسماء 18 صحفيا و إعلاميا سجنوا و عشرات آخرين يواجهون تحقيقات جنائية، و قالت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن عدة صحفيين احتجزوا منذ فترات طويلة دون توجيه اتهامات لهم أو إجراء محاكمات لهم و من بينهم مصور مصري يعرف باسم شوكان محتجز منذ أكثر من 600 يوم.
و قالت منظمة العفو "في مصر اليوم أي شخص يتحدى الرواية التي تروج لها السلطات رسميا أو ينتقد الحكومة أو يكشف انتهاكات حقوق الانسان معرض لخطر الزج به في السجن و غالبا ما يحتجز لأجل غير مسمى دون اتهام أو محاكمة أو احالته للقضاء بتهم ملفقة"، وردت وزارة الخارجية المصرية على التقرير بقوله إن الصحفيين يلقى القبض عليهم بناء على إذن من النائب العام و تتم مراعاة الاجراءات القانونية بشكل كامل. بحسب رويترز.
و قال بدر عبد العاطي المتحدث باسم الخارجية إنه لا يتم استهداف أحد لكونه صحفيا و إن مثل هذه الاتهامات هراء مسيس، و تم ترحيل الاسترالي بيتر جريست في فبراير شباط في حين تجري إعادة محاكمة المصري الكندي محمد فهمي والمصري باهر محمد بعد أن وجدت محكمة عيوبا اجرائية في القضية الاصلية.
و من بين الحالات الأخرى التي أشار إليها تقرير منظمة العفو حكم صدر بالسجن 25 عاما على 14 صحفيا و إعلاميا الشهر الماضي بتهمة نشر معلومات كاذبة و التحريض على العنف. و يمكن الطعن في هذا الحكم.
و في قضية منفصلة يواجه خمسة صحفيين من صحيفة المصري ذات الملكية الخاصة تحقيقا جنائيا بعد اتهامهم قوات الأمن بالفساد و انتهاك حقوق الانسان، و اعتقل مصور صحفي آخر خلال احتجاج بالقاهرة في ديسمبر كانون الأول 2013 أكثر من 18 شهرا قبل توجيه اتهامات له ثم تبرئته في نهاية الأمر، و قالت منظمة العفو إن معظم الإدانات تفتقر إلى الأدلة و اعتمدت فقط على شهادات قوات الأمن، و أضافت إنه منذ منتصف 2013 قُتل ما لا يقل عن ستة صحفيين أثناء تغطيتهم احتجاجات في مصر بيد قوات الأمن أو خلال اشتباكات بين المتظاهرين.
محاكمة مرسي حافلة بالأخطاء
من جهتها قالت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان إن محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي التي حكم عليه فيها بالسجن 20 عاما حافلة بالأخطاء و يبدو أن لها دوافع سياسية، و كانت محكمة جنايات القاهرة قضت الأسبوع الماضي بالسجن المشدد 20 عاما على مرسي و12 آخرين من قيادات و أعضاء جماعة الإخوان المسلمين عن اتهامات بارتكاب العنف و الخطف و التعذيب خلال مظاهرات قتل فيها محتجون أمام قصر الرئاسة عام 2012. و برأت المحكمة مرسي و بقية المتهمين من تهمة القتل العمد التي تصل عقوبتها إلى الإعدام. بحسب رويترز.
و قالت هيومن رايتس ووتش إن احتجاز مرسي لأكثر من ثلاثة أسابيع دون توجيه اتهام له عقب عزله من منصبه كان مخالفا للقانون المصري و انتقدت كثرة اعتماد النيابة على شهادات ضباط القوات المسلحة و الشرطة.
و قالت المنظمة في بيان صدر بعنوان "مصر: محاكمة حافلة بالأخطاء" إنه "أيا كانت المسؤولية السياسية (لمرسي) فلم تثبت النيابة جرمه الجنائي في هذه القضية"، و نسب البيان إلى أحد محامي الدفاع قوله إنه لم يسمح للمحامين سوى بزيارة مرسي مرة واحدة في نوفمبر تشرين الثاني عام 2013. و نقل عن محام ثان قوله إن هيئة الدفاع لم تستدع شهودا حرصا على سلامتهم، و لم تستطع رويترز على الفور الاتصال بالمتحدث باسم وزارة الخارجية للتعقيب على التقرير لكن بيانا حكوميا رفض في الأسبوع الماضي الانتقادات التي وجهت للمحاكمة و وصفها بأنها تدخل غير مقبول في شؤون مصر الداخلية بل و عدم احترام لأحكام القضاء المصري، و ينفي مرسي و شركاؤه في المحاكمة الاتهامات التي وجهت إليهم و من المتوقع أن يستأنفوا الحكم، و قوبلت أحكام قاسية على ألوف من أنصار مرسي من بينها أحكام بإعدام العشرات في محاكمات جماعية بإدانات واسعة في الخارج من جانب جماعات لحقوق الانسان و الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي، و قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات لم تحقق في مقتل أنصار مرسي في المظاهرات التي وقعت عام 2012 و أضافت أن ذلك يخلق الانطباع بأن القضية ذات دوافع سياسية ضد الإخوان".
حبس محافظ مصري سابق بتهمة التظاهر
من جانب آخر قالت مصادر قضائية إن محكمة مصرية حكمت على محافظ سابق بالسجن أربع سنوات بتهمة انتهاك قانون استخدم خلال 18 شهرا ماضية لسجن مئات النشطاء الإسلاميين و العلمانيين.
و يعتبر النجار أكبر مسؤول حكومي يحاكم بموجب قانون التظاهر الذي صدر بعد بضعة أشهر من الإطاحة بمرسي. و يجرم القانون التظاهر بدون الحصول على إذن مسبق من الشرطة.
و يستخدم القانون لتقييد المظاهرات التي استخدمها المصريون للإطاحة بالرئيس حسني مبارك في 2011 و التعبير عن الاستياء إزاء مرسي. و أثار القانون انتقادات من الخارج بما في ذلك الولايات المتحدة حليفة مصر الوثيقة. بحسب فرانس برس.
و ترك النجار منصبه بعد الإطاحة بمرسي. و قال بيان من المدعى العام إنه اعتقل الشهر الماضي خلال مظاهرة نظمها من اتهموا بأنهم أنصار لجماعة الإخوان المسلمين في حي مدينة نصر بالقاهرة، و أضافت المصادر أنه وقعت عليهم غرامة بقيمة 50 ألف جنيه مصري (6553 دولار). و الحكم قابل للطعن.
.......
28/05/2015
شبكة النبأ المعلوماتية