جذوة الأمل كل ما يحتاجه الشباب
* أحمد الصادقي
إنّ حياة معظم البشر، ولاسيّما الشباب، في العالم المعاصر، معرّضه للكثير من المشاكل والمصاعب، ومن الطبيعي أن المشاكل والعوائق التي تقع في طريق التقدم، تغمر حياة الإنسان بالغم والأحزان والمضنية، وتجعله يرى النهار المشرق ليلاً مظلماً.
وينبغي أن نعلم انّ البشر ليسوا وحدهم في معرض مواجهة مصاعب الحياة، وعوائق تحقيق الأهداف، بل حتى النباتات تواجه أمثال هذه المعوقات.
إن البذرة التي تحاول أن تطلع برأسها من أعماق التراب، لتحصل على النور والحياة، تواجه موانع من الطين والحجارة وجذور الأشجار والأعشاب، التي تقف حائلاًَ دون حركتها، ولكن أفنان البذرة الدقيقة، تواصل المقاومة والكدح وبذل الجهود، وكلما واجهت في طريقها عقبة انحرفت إلى جهة أخرى، حتى تتمكن في نهاية الأمر ان تطل برأسها من بين الوحل والأحجار، لتعانق ضوء الشمس، وتتحول إلى نبتة جميلة جذّابة، تمنح الطراوة للطبيعة، وللناس الفيء والفواكه اللذيذة.
وان حياتنا ليست بمعزل عن هذه القاعدة، وان تحركنا لأجل بلوغ حياة نزيهة سامية، والحصول على مكانة ورتبة عالية، من الممكن أن نواجه بعشرات من الموانع والمعوّقات، ومن نماذج ذلك:
الظروف العائلية غير المساعدة، الوضعية غير المرغوبة في المدرسة، رفاق السوء، الفشل المؤلم في الحياة.
ولكن يجب أن نلتفت إلى أن الحياة من أجل الحق، تتطلب المقاومة والثبات، ذلك أن الحياة الواقعية يجب أن تتشكل على أساس الهدف والعقيدة الصحيحة، ولابدّ لمواصلتها من الكدح والجهاد.
ومضافاً إلى ذلك، فإن ما نعرفه من عوائق ومشاكل الحياة، ليست أشياء جديدة وحديثة الظهور، ولا تخصّنا وحدنا، بل هي أمور قديمة الحدوث وشائعة في حياة المجتمعات، وان الملايين من الشباب قد تمكنوا بالأمل والعزم والإرادة الراسخة أن يجتازوا أمواجها ومتاهاتها، وان يصلوا إلى قمة الانتصار.
وبطبيعة الحال، فإنه لابدّ من طرح (الأمل) بوصفه قوّةً بناءَة، وشعلة مضيئة في طريق الحياة، مع الإلتفات إلى بيان اقسامه ومفاهيمه المختلفة:
1- الأمل بالله تعالى:
قليل من الناس أولئك الذين لا ينحرفون في طريق الحياة، ولا يقترفون الذنوب، ولكن رمز الموفقية يتمثل في سرعة التفات الإنسان إلى انحرافه، فيتراجع عن خطئه، ولا يعاود تكرار الذنب والخطيئة، بل يسعى إلى جبران الآثار الضارة التي تسبب في وجودها.
يقول نبيّنا محمد(ص): "كل بني آدم خطّاءٌ، وخير الخطّائين التوابون".
أجل، انه بمقدار الثقة بالله تعالى والأمل برحمته ورأفته، تكون حركة الإنسان وسعيه وجهاده وهجرته، ومن ثمّ فوزه في دنياه وآخرته، وان اليأس والقنوط من عفو الله ورحمته هو عامل ظلمة روح الإنسان واقترافه الآثام والمعاصي.
وبالالتفات إلى أن اليأس من رحمة الله يعدُّ في نظر الإسلام كفراً بالله سبحانه، لقوله تعالى: (ولا تيأسوا من روحِ الله، انه لا ييأسُ من روح اللهِ الاّ القومُ الكافرون)، فانّه لا ينبغي للإنسان أن ييأس من عطف الله ورحمته بسبب ما اقترفه من الذنوب، فيبقى مقيماً على الآثام غارقاً في مستنقع الفساد والتلوّث، وانما عليه أن يسارع بالتوبة والرجوع إلى الله عسى أن يتوب الله عليه ويشمله برحمته ورضوانه.
يقول النبي(صلى الله عليه و سلم): "يبعث الله المقنطين يوم القيامة مغلّبة وجوههم (يعني غلبة السواد على البياض) فيقال لهم: هؤلاء المقنطون من رحمة الله".
وعليه، فإن اليأس من عفو الله ورحمته إثم، وان الأمل برحمة الله يجب أن يصاحبه انتهاج طريق الحق والصلاح، وليستفيد من أسباب الأمل ويجني ثمار إصلاح الذات.
لو كان زادُك اخطاءٌ ومعصية ***** وجسمك زورقُ أمواج الفناء
فلا يفزعك إعصارُ الخطايا ***** فرَبّ هذا البحر يمنحك البقاءْ
2- الأمل العقلائي:
إنّ الأمل الذي لا يستند إلى أساس، ولا يدعمه التدبير والسعي، لا يعدّ أملاً عقلائيّاً.
ذلك ان أئمة الدين، وكبار الفلاسفة والعلماء، والذين تمكنوا بالوعي والعلم والتجربة، ان يشقوا أمواج الصعوبات ويحطمّوا صخورها الصلبة، قد وضعوا بين أيدينا من التوجيهات والنصائح، ما يؤكد ضرورة اقتران الأمل بالعمل.
ولأجل ذلك، فإن الآمال التي لا أساس لها، والتي لا يرافقها السعي والعمل، تعدّ آمالاً كاذبة.
3- الأمل المضيء:
حينما يتوجه الطلاب والجامعيّون إلى معاهد العلم، والموظفون إلى الدوائر، والعمال إلى المناجم والسهول والصحاري، متحملين الحرّ والبرد والمصاعب، وجميع المزعجات والمنغصات، فإنهم انّما يفعلون ذلك بأمل توفير وسائل عيشهم واحتياجات حياتهم المادية والمعنوية، بنحو يمكنهم من تحقيق البقاء والتكامل.
وكما ذكرنا فيما تقدّم، فإنه إذا لم يكن في الحياة (مصباح الأمل)، فإن حياتنا برمتها سوف تكتنفها الظلمة والخوف والأوهام المميتة، وتتبدل ساحتها إلى موقد من النار المحرقة.
يقول النبي(ص): "الأمل رحمة لأمتي، ولو لا الأمل ما رضعت والدة ولدها، ولا غرس غارسٌ شجراً".
ويقول (ص) أيضاً: "من كان يأمل أن يعيش غداً، فانه يأمل أن يعيش أبداً".
ويقول الإمام الصادق(ع): (كُن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإنه موسى(ع) ذهب يقتبس لأهله ناراً، فانصرف إليهم وهو نبيٌّ مرسل).
ويقول الدكتور صاموئيل سمايلز: (الأمل ضروري للجميع، فبوجود الأمل يتمكن الإنسان بسهولة من تحمل المصائب ومتاعب الحياة، ولكن أسوأ الأشخاص، هم أصحاب الآمال الكثيرة، الاّ أنّهم لا يستخدمون طاقاتهم في السعي والعمل).
إنّ فقدان الأمل مرض نفسيّ، يؤدّي إلى اضطراب الإنسان، وعدم قدرته على النشاط والسعي، وهو من الخصال المؤذية المذمومة من وجهة نظر الإسلام، والتي أدانها علماء المسلمين وشعراؤهم، ودعونا جميعاً إلى الوقاية منها والنجاة من كابوسها وآثارها الضارة.
يقول جلال الدين محمد البلخي المولوي: (قال الأنبياء: إن اليأس قبيح، إذ لا نهاية لفضل الله ورحمته، ومهما كان العمل صعباً أوّل وهلة، فإن صعوبته سرعان ما تزول، وان الآمالَ تُبدّد اليأس كما يُبددُ الظلامَ ضياءُ الشمس).
ويقول الحكيم الياس بن يوسف المعروف بـ(نظامي كنجوي):
(لا تيأس لدى مواجهة الصعاب، فإن الغيوم السوداء تمطر ماءً عذباً، ولا تغلق على نفسك أبواب الأمل، فما أكثر فوائد التجارب المرّة).
فلنتذكر أن الأمل شعلة مضيئة ودافئة، نطرد بها ظلمة الحياة وصعابها.
المصدر: كتاب ما يحتاجه السباب
البلاغ
* أحمد الصادقي
إنّ حياة معظم البشر، ولاسيّما الشباب، في العالم المعاصر، معرّضه للكثير من المشاكل والمصاعب، ومن الطبيعي أن المشاكل والعوائق التي تقع في طريق التقدم، تغمر حياة الإنسان بالغم والأحزان والمضنية، وتجعله يرى النهار المشرق ليلاً مظلماً.
وينبغي أن نعلم انّ البشر ليسوا وحدهم في معرض مواجهة مصاعب الحياة، وعوائق تحقيق الأهداف، بل حتى النباتات تواجه أمثال هذه المعوقات.
إن البذرة التي تحاول أن تطلع برأسها من أعماق التراب، لتحصل على النور والحياة، تواجه موانع من الطين والحجارة وجذور الأشجار والأعشاب، التي تقف حائلاًَ دون حركتها، ولكن أفنان البذرة الدقيقة، تواصل المقاومة والكدح وبذل الجهود، وكلما واجهت في طريقها عقبة انحرفت إلى جهة أخرى، حتى تتمكن في نهاية الأمر ان تطل برأسها من بين الوحل والأحجار، لتعانق ضوء الشمس، وتتحول إلى نبتة جميلة جذّابة، تمنح الطراوة للطبيعة، وللناس الفيء والفواكه اللذيذة.
وان حياتنا ليست بمعزل عن هذه القاعدة، وان تحركنا لأجل بلوغ حياة نزيهة سامية، والحصول على مكانة ورتبة عالية، من الممكن أن نواجه بعشرات من الموانع والمعوّقات، ومن نماذج ذلك:
الظروف العائلية غير المساعدة، الوضعية غير المرغوبة في المدرسة، رفاق السوء، الفشل المؤلم في الحياة.
ولكن يجب أن نلتفت إلى أن الحياة من أجل الحق، تتطلب المقاومة والثبات، ذلك أن الحياة الواقعية يجب أن تتشكل على أساس الهدف والعقيدة الصحيحة، ولابدّ لمواصلتها من الكدح والجهاد.
ومضافاً إلى ذلك، فإن ما نعرفه من عوائق ومشاكل الحياة، ليست أشياء جديدة وحديثة الظهور، ولا تخصّنا وحدنا، بل هي أمور قديمة الحدوث وشائعة في حياة المجتمعات، وان الملايين من الشباب قد تمكنوا بالأمل والعزم والإرادة الراسخة أن يجتازوا أمواجها ومتاهاتها، وان يصلوا إلى قمة الانتصار.
وبطبيعة الحال، فإنه لابدّ من طرح (الأمل) بوصفه قوّةً بناءَة، وشعلة مضيئة في طريق الحياة، مع الإلتفات إلى بيان اقسامه ومفاهيمه المختلفة:
1- الأمل بالله تعالى:
قليل من الناس أولئك الذين لا ينحرفون في طريق الحياة، ولا يقترفون الذنوب، ولكن رمز الموفقية يتمثل في سرعة التفات الإنسان إلى انحرافه، فيتراجع عن خطئه، ولا يعاود تكرار الذنب والخطيئة، بل يسعى إلى جبران الآثار الضارة التي تسبب في وجودها.
يقول نبيّنا محمد(ص): "كل بني آدم خطّاءٌ، وخير الخطّائين التوابون".
أجل، انه بمقدار الثقة بالله تعالى والأمل برحمته ورأفته، تكون حركة الإنسان وسعيه وجهاده وهجرته، ومن ثمّ فوزه في دنياه وآخرته، وان اليأس والقنوط من عفو الله ورحمته هو عامل ظلمة روح الإنسان واقترافه الآثام والمعاصي.
وبالالتفات إلى أن اليأس من رحمة الله يعدُّ في نظر الإسلام كفراً بالله سبحانه، لقوله تعالى: (ولا تيأسوا من روحِ الله، انه لا ييأسُ من روح اللهِ الاّ القومُ الكافرون)، فانّه لا ينبغي للإنسان أن ييأس من عطف الله ورحمته بسبب ما اقترفه من الذنوب، فيبقى مقيماً على الآثام غارقاً في مستنقع الفساد والتلوّث، وانما عليه أن يسارع بالتوبة والرجوع إلى الله عسى أن يتوب الله عليه ويشمله برحمته ورضوانه.
يقول النبي(صلى الله عليه و سلم): "يبعث الله المقنطين يوم القيامة مغلّبة وجوههم (يعني غلبة السواد على البياض) فيقال لهم: هؤلاء المقنطون من رحمة الله".
وعليه، فإن اليأس من عفو الله ورحمته إثم، وان الأمل برحمة الله يجب أن يصاحبه انتهاج طريق الحق والصلاح، وليستفيد من أسباب الأمل ويجني ثمار إصلاح الذات.
لو كان زادُك اخطاءٌ ومعصية ***** وجسمك زورقُ أمواج الفناء
فلا يفزعك إعصارُ الخطايا ***** فرَبّ هذا البحر يمنحك البقاءْ
2- الأمل العقلائي:
إنّ الأمل الذي لا يستند إلى أساس، ولا يدعمه التدبير والسعي، لا يعدّ أملاً عقلائيّاً.
ذلك ان أئمة الدين، وكبار الفلاسفة والعلماء، والذين تمكنوا بالوعي والعلم والتجربة، ان يشقوا أمواج الصعوبات ويحطمّوا صخورها الصلبة، قد وضعوا بين أيدينا من التوجيهات والنصائح، ما يؤكد ضرورة اقتران الأمل بالعمل.
ولأجل ذلك، فإن الآمال التي لا أساس لها، والتي لا يرافقها السعي والعمل، تعدّ آمالاً كاذبة.
3- الأمل المضيء:
حينما يتوجه الطلاب والجامعيّون إلى معاهد العلم، والموظفون إلى الدوائر، والعمال إلى المناجم والسهول والصحاري، متحملين الحرّ والبرد والمصاعب، وجميع المزعجات والمنغصات، فإنهم انّما يفعلون ذلك بأمل توفير وسائل عيشهم واحتياجات حياتهم المادية والمعنوية، بنحو يمكنهم من تحقيق البقاء والتكامل.
وكما ذكرنا فيما تقدّم، فإنه إذا لم يكن في الحياة (مصباح الأمل)، فإن حياتنا برمتها سوف تكتنفها الظلمة والخوف والأوهام المميتة، وتتبدل ساحتها إلى موقد من النار المحرقة.
يقول النبي(ص): "الأمل رحمة لأمتي، ولو لا الأمل ما رضعت والدة ولدها، ولا غرس غارسٌ شجراً".
ويقول (ص) أيضاً: "من كان يأمل أن يعيش غداً، فانه يأمل أن يعيش أبداً".
ويقول الإمام الصادق(ع): (كُن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإنه موسى(ع) ذهب يقتبس لأهله ناراً، فانصرف إليهم وهو نبيٌّ مرسل).
ويقول الدكتور صاموئيل سمايلز: (الأمل ضروري للجميع، فبوجود الأمل يتمكن الإنسان بسهولة من تحمل المصائب ومتاعب الحياة، ولكن أسوأ الأشخاص، هم أصحاب الآمال الكثيرة، الاّ أنّهم لا يستخدمون طاقاتهم في السعي والعمل).
إنّ فقدان الأمل مرض نفسيّ، يؤدّي إلى اضطراب الإنسان، وعدم قدرته على النشاط والسعي، وهو من الخصال المؤذية المذمومة من وجهة نظر الإسلام، والتي أدانها علماء المسلمين وشعراؤهم، ودعونا جميعاً إلى الوقاية منها والنجاة من كابوسها وآثارها الضارة.
يقول جلال الدين محمد البلخي المولوي: (قال الأنبياء: إن اليأس قبيح، إذ لا نهاية لفضل الله ورحمته، ومهما كان العمل صعباً أوّل وهلة، فإن صعوبته سرعان ما تزول، وان الآمالَ تُبدّد اليأس كما يُبددُ الظلامَ ضياءُ الشمس).
ويقول الحكيم الياس بن يوسف المعروف بـ(نظامي كنجوي):
(لا تيأس لدى مواجهة الصعاب، فإن الغيوم السوداء تمطر ماءً عذباً، ولا تغلق على نفسك أبواب الأمل، فما أكثر فوائد التجارب المرّة).
فلنتذكر أن الأمل شعلة مضيئة ودافئة، نطرد بها ظلمة الحياة وصعابها.
المصدر: كتاب ما يحتاجه السباب
البلاغ